العدد 3857 - الجمعة 29 مارس 2013م الموافق 17 جمادى الأولى 1434هـ

ديون العريض وشهامة أهل البحرين

عمر هذه الوثيقة التجارية نحو 85 سنة، وهي من مجموعة وثائق زمن اللؤلؤ وتحكي عن دين بمبلغ 11 ألفاً و403 روبيه هندية كان الوجيه الراحل ملك اللؤلؤ البحريني منصور العريض قد أقرضه لجماعة من طواويش اللؤلؤ في تاروت بالمنطقة الشرقية لاستخدامه في صيد اللؤلؤ وتجارته. ولكن بسبب أزمة اللؤلؤ التي حلت بالخليج كله بعد الحرب العالمية الأولي، واكتشاف اللؤلؤ الصناعي، والكساد الاقتصادي والأزمة المالية التي أصابت أوروبا في نهاية العشرينيات كما هي اليوم تقريباً؛ جعل أولئك النفر يعجزون عن سداد المبلغ في الوقت المحدد. فكيف كان تصرف منصور العريض معهم؟

تاريخ هذه الوثيقة كما هو موضح في ذيلها هو 27 جمادي الثاني/ 1347 هـ، الموافق (11/ 12/ 1928م). تعالوا أولا نقرأ الوثيقة كما هي بقدر الإمكان:

«بسمه تعالي

بيان وجه تحرير هذا السند عدد 11403 ربيه لا غير

ثبت شرعاً بذمة حسن وعلي وعبدالله وإبراهيم أبناء الحاج محمد بن مفتاح أهل تاروت منخالص (من خالص) مال الرجل الأكرم منصور ابن المرحوم محمد احسين العريض أهل البحرين مبلغ قدره وعده احدا عشر ألف ربيه واربعماية ربيه وثلاث ربيات نصفها في توهم الغلط خمسة آلاف وسبعماية ربيه ونصف (؟؟) سكه دينا ثابتا وحقا لازما لا فكاك لهم منه إلا بوفائه وقد قبضوا عوض ذالك من عين مال مدينهم المذكور مؤجلا عليهم المبلغ المزبور الي سلخ شهر صفر من عام القابل بعد عام التاريخ (يقصد عام كتابة الوثيقة). وقد اشترط عليهم مدينهم المذكور أعلاء أن جميع ما يقسمه الله لهم من اللولو من البداية الي النهاية يبايعونه اياه بسعر المعتدل المتداول عند غير اهل العمله بنظر من يرتضيه الجميع منهم ليكون معلوماً حتى لا يخفي. حرر في 27 جمادى الثاني 1347.

صحيح ما نسب لي

وانا ابراهيم بن مفتاح

صحيح ما نسب لي

وانا عبدالله بن مفتاح

صحيح ما نسب لي

وانا علي محمد بن مفتاح

صحيح ما نسب لي

وانا حسن بن محمد بن مفتاح

بسم الله تعالي باعترافهم جميعا يشهد بذلك علي محمد بن درويش

باعتراف المذكورين يقبض الدّراهم

يشهد عبدالحسين بن يوسف الخباز

بسم الله تعالي باعترافهم معا

يشهد بذالك عبدالله بن حسن الحبيب».

(وهؤلاء بأختامهم الظاهرة في ذيل الوثيقة شهدوا بما فيها).

ولا نعلم كم كانت قدرة أؤلئك الطواويش من تاروت على الوفاء بتلك الديون الكبيرة في تلك الفترة من الزمن وفي وقتها المحدد المذكور في الوثيقة. ذلك أن تجارة اللؤلؤ قد تواصل تدهورها لسنوات قادمة على رغم استمرارها كأحد أنواع الدخل الوطني في إمارات الخليج حتى الخمسينيات من القرن العشرين، كما أسلفنا في الوثيقة السابقة. إلا أن تصرف هذا الرجل الإنسان، منصور العريض، مع هؤلاء التجار وغيرهم من سيهات ودارين بالمنطقة الشرقية وهو يري الأمور تسوء يوماً بعد يوم عليهم وعلى عوائلهم كان لافتاً لأحد أهم رموز زمن اللؤلؤ ذوي النفوس العالية من أهل البحرين لإخوة الدين والدم والوطن في الساحل الآخر. فقد كتب في مطلع الأربعينيات، كما يقول عبدالكريم العريض، لوكيله في سيهات، على بن عبدالوهاب العريض، بأن يخبر جميع من له ديون في حوزتهم أنه قد تنازل لهم عنها وأن ذممهم بريئة من كل الديون، بل وأعطاهم صكوكاً بذلك. ويقال إن تلك الديون كانت تقدر بمليون روبيه. هذا نموذج من أهل البحرين الشرفاء حقاً.

العدد 3857 - الجمعة 29 مارس 2013م الموافق 17 جمادى الأولى 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً