اعترافات متأخرة...
لا وقت لديّ، ولا داعي لنخبّئ الكلمات في الذاكرة، أو في مخبأ الدرج ليتعاظم عليها الغبار.
لا الكلمات لا الوصوف لا الحقيقة حتى، تستطيع لملمة ما بقي من فهم ومن استدراك للحظات التي نتذكر فيها طفولتنا.
فيما أتذكر، أتذكر كيف كانت تفاخر بي بين نساء جيلها من كبار السن، وهي «تؤرجل» الدخان بعد حصة إيمانية في المأتم الذي ترأسه جدتي حفظها الله. وكيف كن يمازحنني بحكايا لا يعرفها إلا الكبار في الغالب.
أخاف من زجرة عينها وهي تحاول التأكد من موضوع بلغ عندها موضع الشك، دائماً ما أقابل هذه الحالة بابتسامة وضحكة، فيزيد شكها شكاً، ولا أعرف الخلاص من الأمر. بلحاظ ما تحمل من عمر متقدم في السن، بقدر ما تدرك ما يجب عليها مراعاته في التعامل مع طفل صغير.
حال كبرت شيئاً، صارت المراقبة لصيقة، وصار التحذير من رفقاء السوء الذين غالباً ما توعزني بالإشارة إليهم شغلها الشاغل.
وهي الكبيرة في السن، أحتاج إلى بعض التصبر لإيصال بعض الرسائل القائمة والمعتمدة على عنصر السرعة، والمتطلبة للقراءة. لكنها دائماً ما تحاول المواكبة قدر المستطاع بما تحفظ من ذاكرة قرآنية تساعدها في أحيان كثيرة لتخطي هذه العقبات.
أنا معها في حالة قطيعة متصلة، أحبها... أقدرها، وتحبني بقدر وبذات الصمت الذي يشي بعدم الاحترام لها في صورته الأولية شيئاً ما.
سلامي عليها يكون بشق الأنفس، ما هذا الجفاء! أما قبلة الرأس والجبين فهي مستحيلة إلا ما ندر، إما في حالة سفر أو في عيد وربما أشياء أخرى. ما هذا الجفاء!
لا أنسى إلحاحها المستميت، في إيقاظي لصلاة الفجر، وكيف أنها في حالة قلق مستمر أن أنحو إلى غير الوجهة التي ترغب أن تراها فيّ.
لا أنسى، كيف أنها تعد لي طعام الإفطار كل صباح، وهي تثبّت التوقيت بأكثر من موقف وأكثر من طريقة، فهي تعرف الموعد من دعاء الصباح حيناً ومن الأخبار حيناً آخر، ومن طلوع الشمس، ومن زيارة صاحب عربة الخضار... فتهرول ورائي إن أنا تجاهلت الإفطار «وهذا غالباً» لتعطيني كأساً من الحليب على الأقل. وقبل ذلك ترشّ الماء خارج طريق باب المنزل في ذلك الزقاق الذي لا يتعدى أكثر من متر عن باب جيراننا، يحدث ذلك، خصوصاً عندما تراني مقبلاً على موعد امتحان يقلقني.
يحدث أن أرفع صوتي في أحيان كثيرة، بحجة المعلم والناقد لبعض السلوكيات، لكنها لا تعرف غير الكبت غير الصمت.
يسألني أحد الأصدقاء، وقد سألتني إحدى الزميلات كذلك، ماذا ستقدم لوالدتك في عيد الأم؟ قلت: لا شيء.استغربت كثيراً، وقمت بدوري أفكر في الإجابة، واستغربت أنا أيضاً. لكني استدركت، إنه هذا أنا فعلاً، ربما لن أقدم لها شيئاً... سأبقى أحبها دوماً لاعتبارات لا تخطر على بالي.
أما ما كتبت من اعترافات، ربما لن يتغير منها الكثير، ستظل كما هي، يكفيني اليوم أني اعترفت في ظل وجودها. صحيح، أنها لن تستطيع قراءة ما أكتب، وصحيح، أنني لن أحاول إيصال ما كتبت لها، وهذا مؤكد كعادتي. وما هو صحيح أيضاً أنها لا تنتظر مني شيئاً - هي تنتظر هدية من نوع آخر بكل تأكيد!
صادق أحمد
وصل إلى السلطة أكثر من مرة عبر صناديق الاقتراع، رغم مخططات غربية لدعم المعارضة اليمنية في بلاده لإفشاله.
يساري محبوب في بلد تقوم على الاشتراكية. معارض للهيمنة الأميركية في عالم يخضع فيه الغالبية لتوجهات العم سام بدون نقاش. مناصر للقضية الفلسطينية في صراعها المستمر منذ عقود رغم الأميال التي تفصل بلده عن فلسطين.
ربما يكون غير محبوب لدى الأنظمة الحاكمة في الدول العربية لمواقف عدة، لكنه بقي صديقاً للشعوب العربية رغم تباعد المسافات، ربما لأن الشعوب العربية قد وجدت فيه ما افتقدته في زعمائها، وربما لأن شجاعة الرجل في مواجهة أميركا وإغلاقه سفارة إسرائيل في بلاده وحديثه الدائم المناصر للقضية الفلسطينية، ودعمه للفقراء في بلاده وتشكيله جبهة ثورية معارضة للديكتاتورية الأميركية هو ما جعله يلقى استحساناً لدى البعض ـ بل الكثيرين ـ من العرب، إنه هوغو تشافيز.
ربما صداقات الرجل وبعض سياساته ـ أنا شخصياً أتحفظ على بعض هذه السياسات ـ قد قللت من تلك الشعبية أو أثرت على علاقاته غير القوية بالأساس مع أنظمة الحكم في معظم البلدان العربية، منها مثلاً رفضه للتدخل الغربي للقضاء على نظام معمر القذافي في ليبيا، ربما هي مواقف تؤخذ عليه من وجهة نظر البعض وربما هي ما تفسر الغياب التام للقادة العرب عن جنازته، لكن في المقابل ستبقى له بعض المواقف التي لن ينساها التاريخ.
تشافيز ناصر القضية الفلسطينية دائماً، وأيّد حزب الله في حربه ضد الكيان الصهيوني، وساعد الدول العربية في منظمة الأوبك ليصل سعر النفط إلى قيمة مقبولة، وقف ضد العدوان الأميركي على العراق، وإذا لم يكن ذلك كافياً، فيكفيه أنه من الزعماء القلائل الذين صرخوا في وجه أميركا، بينما يعجز كثيرون عن حتى مناقشة بعض التوجيهات الأميركية لهم!
تشافيز يمكن وصفه بالرئيس الذي شعر بالفقراء والمهمشين في بلده، هو سيمون بوليفار جديد لكن بنكهة أخرى، ربما اختلفت حوله الآراء، لكنه احتفظ بشعبية ليست بالهينة في بلاده، بل في أميركا الجنوبية كلها.
رحل تشافيز لكنه ترك إرثأ لا يُنسى، رحل بعد صراع دام لعامين في آخر معاركه، والتي كانت مع السرطان، وكما قال عنه صديقه الكوبي راؤول كاسترو: «أهم شئ أنه رحل دون أن يُهزم».
رحل تشافيز ليترك فنزويلا أمام انتخابات رئاسية جديدة تفرز رئيساً جديداً، إما أن يسير على نفس دربه أو يغيّر اتجاه السير.
أحمد مصطفى الغر
هاهو يتبختر في مشيته ويتفاخرفي زهوه ويتباهى في خيلائه على الطيور خصوصاً بريشه الجميل بمختلف الألوان الرائعة الذهبية والبنفسجية البراقة كقوس قزح! وبذيله الطويل الذي يتمايل يمنة ويسرى لتوجيه الأوامر والنواهي! معتبراً الطبيعة وما عليها وما فيها ملكاً له! عندما حطت رجلاه عشه المهيب في مملكة الطيور الذي قاتل من أجلها ضد الطيور والحيوانات بالحيلة تارة وأخرى بالقبضة الحديدية إلا أن الطيورالمعارضة عادت من جديد رافعة عرائضها واحتجاجاتها! فعريضة تطالبه بتقاسم الخيرات، وأخرى تطالبه بوقف استقبال الطيورالجارحة القبيحة والتي يجلبها لحراسته وباتت تضايقهم حتى أسموها بالطيور المهجنة أي المجنسة!
فجأة يخرج من قصره وليس على عادته متجهم الوجه مسرع الخطوات موجهاً ذيله ناحية الدجاجة والبطة يأمرهما بالهدوء والسكينة! ثم يتجه ناحية هذا الطائر الغراب قبيح المنظر والصوت! ثم يتجه ناحية الثعلب الذي زجره زجرة عالية فهم منها ترك النفاق والفساد وعدم اللعب على الحبال! تارة يلعب دور الجاسوس فيجلب له أخبار الطيور المعارضة والخارجة على أمره! ويضع له القمع السريع في الإيقاع بهم في مصيدة ما يسمى بمجلس الطيور! وتارة يشحن عواطفهم ويأجج مشاعرها ضده! في مصيدة ما يسمى ببرلمان الطيور! أما الكلب المسكين لم يسلم أيضاً من اللوم والتجريح رغم الحراسة التي كان يقوم بها ليل نهار حول أملاكه ومدخراته لمنع أيدي المتنفذين والفاسدين! إلا أن الذي قصمه ظهره التحالف الذي شكلته الطيور ضده مع النسور الوافدة! مستغلة غفواته الظهرية وأحلامه الوردية! كالصرخة القوية التي أرعبته وأرعشته وأيقظته حتى غدا واقفاً لا يحرك ساكناً فلا ذيل يحركه ولا صوت يصدر منه! «هل أنت طاووس أم كنغر أم نعامة»؟
فجأةً صحى الطاووس من نومة الظهيرة فزعاً هلعاً من كابوس النسور الأميركان التي عادوا مرة ثانية! نعم صحا الطاووس إلا أنه ليس بكابوس! إنها الحقيقة المرة فالرياح والعواصف الشتوية جرفته ونقلته مع عرشه وريشه الذي تطاير من السماء كما طار»عرش بلقيس» في طرفة عين! وكأنه في سجن انفرادي كما كان يفعله في الطيور يحبسهم في أقفاص صغيرة داخل محمية ضيقة!
مهدي خليل
من السبعين من أول بطوله
كنا نحلم نرتفع بالكاس
لكن خسرنا المعركه الأولى
وكان تبرير نقوى بالاساس
وبالسعوديه المنتخب يروي ذهوله
منها انسحب وظلت تعيبه الناس
وجينا المحطة الثالثه بخيبه مهوله
اهداف بالجمله علينا دكوا الحراس
وفي الرابعه كانت نتايجنا خجوله
وما كان عندنا بالقلب للبطل احساس
وبالخامسه تأخر ركبنا بالبطوله
والمدرب قادنا بتكتيك لافلاس
والسادسه تعدل وضعنا بالرجوله
جبنا الفضيه لكن بيها ما تنقاس
وبعمان ردينا الورا وخابت الجوله
وبيها تلقينا الخساير بضربة الفاس
وبالثامنه واعلى ارضنا جانت الصوله
وفيها النتايج غيبت منا الانفاس
وردينا الرياض ولا امل لينا نقوله
جينا نشارك ولا يهمنا الفوز بالكاس
ورحنا الكويت وكل املنا في البطوله
وخابت ظنون التفاؤل وجانا وسواس
وواصلنا بعدها التخبط والفشيله
ورحنا للدوحه ومرمانا اندك وانداس
وبالامارات قدمنا عروض هزيله
خسرناها نتايج وعنا غايب الباس
وبعمان غابت المهارات الاصيله
وبيها غابت النتايج وطاح منا الطاس
وردينا للبحرين والارض الوسيله
قلنا يمكن نفرح ونقلبها اعراس
قال الدهر اسكت حلمك ما له مثيله
حتى الحلم ممنوع ولا تفكر ابد بالكاس
وردينا بامل نحلم بامال ثقيله
وبالسعوديه هوينا ويح فوق الراس
ورحنا الكويت بجيل اماله جميله
قدمنا العروض اللي عجبت الناس
لكن يويلي الحظ دروبه قليله
وصرنا اول مرة نفكر نشيل الكاس
وبالدوحه المريع قد وصلناه برجوله
لكن الجوله خسرناها بضربة الراس
وبالامارات الكاس القارع طبوله
ما جان حظنا نحصده ما جان فراس
وبعمان رحنا والامل فينا ننوسله
وصرنا هالمره للبطوله نحمل احساس
يا حسافه والاسف فينا مقوله
وكل مرة نبرر اسفنا ونقول لا باس
واما اليمن ردينا منها بالفشيله
جانت الذكرى هزايم تكسر الباس
وآخر دروب الامل جانت عليله
فيها لطمات الخساره تجرح الراس
يريد الاحمر يروي بأرضه غليله
ويحتفل بين الاشقاء بفرحة الكاس
لكن عروض اللي قدمها ثقيله
تخجل الفني وصفها وصدمت الناس
الظاهر الاحمر سقطاته طويله
ويش ما يرقع ترى مكسوره الأضراس
من يخطط بالتخبط الفشل يبقى كفيله
والنتايج عوجه وكل طيحه تجي مقاس
للبطوله يا عزيزي عنا غابت كل وسيلة
والفكر تايه وضايع وحظه ما بيه التباس
اليريد الكاس يعمل والعمل هو سبيله
ويرتب اوراقه ويخلص ويرتفع ويصير نبراس
وبالتعب تجي البشاير وكل جيل يدفع بجيله
حتى يرتفع الاحمر ويصير التاج بالراس
من يمكّن للمنتخب ويبقى دليله
وليه يقدم من صفا قلبه التماس
من يحب الوطن وبحبه جزيله
خله يدله على البطولة بكل حماس
السيد هادي الموسوي
عندما تغرس شجرة عليك أن ترعاها دائماً. وعندما تكون هذه الشجرة للعطاء والرخاء والديمقراطية. فهذه تحتاج أكثر مراعاة وانتباهاً لأنها تخص شعب ومصالح وطن لذلك لابد من وقفة ومراجعة وسؤال لماذا هذه الأزمة وما أسبابها. هل قل الاهتمام والعناية بالشجرة. نحتاج إلى وقفة للتقييم وإعادة النظر. ويجب أن نعترف بأن النظرة الشخصية للأمور في المجتمع مازالت إلى حد كبير من خصائص الكثيرين لذلك فإذا لم تكن هناك مساواة كاملة بين جميع المواطنين بغير تفرقة ترجع إلى الأصل أو المذهب. فإذا فُقد ذلك فهناك خلل في المراعاة والانتباه. وإذا فقد المواطن حرية التعبير عن الرأي. واعتناق الآراء السياسية التي يراها أقرب إلى قناعاته. فإذا فقد ذلك فهناك خلل فيما تعاقد عليه الشعب والحكم.
إذاً على أساس هذه الفكرة وعلى أساس هذه الفلسفة التي يستند إليها العقد الذي أبرم بين الشعب والحكم وهو الميثاق الوطني. فيجب أن يكون الحوار على هذا والبحث عن الخلل في تطبيق هذا العقد وإصلاحه وبهذا تكون نقط الحوار واضحة. والبحث عن نقاط لجدول الأعمال مضيعة للوقت متقصد من البعض. إن الوثيقة التي تعاقد عليها الشعب والحكم كانت تتضمن إعلاناً لحقوق الإنسان البحريني. وهذه الفقرة أصابها الخلل في الفترة الأخيرة ومازالت. وهذه طبعاً حقوق أساسية وجوهرية لا يجوز أن يُمس بها بأية صورة من الصور. ولكي تكون لهذه الحقوق النحو العملي ولا تقف عند مجرد قواعد نظرية موجودة في النصوص وليس لها التطبيق العملي فيجب أن تكون هناك مجموعة من الضمانات القانونية والقضائية. لأن سيادة القانون هي الأساس.
فعند ذلك حينما تلزم الدولة المواطن بأن يؤدي واجبه فلن يكون في ذلك استبداد. بشرط أن الدولة تلتزم بالقانون نصاً وروحاً ولا تحرم مواطناً من الحق في أن يقول رأيه.
لذلك فإذا أردنا أن ينجح هذا الحوار فليكن الحب هو الضوء الذي نحاول أن نُصلح به كل ما مضى من أخطاء لأن الأمر يخص الجميع وأن يكون مجتمعنا هو مجتمع العائلة، ومجتمع العائلة هو مجتمع الحب والإخاء.
خليل محسن النزر
تحت سماء البحرين...
جلس ابن النيل يحاور الصمت.
فإذا بسمراء المنامة تقبل عليه متسائلة:
يا ابن النيل كيف أمسيت؟
قلت: كما أصبحت.
قالت: وكيف أصبحت؟
قلت: استوت عندي الحياة والموت!
قالت: وهل يستوي الضدان؟
قلت: نعم... عندما يموت الضمير ويسود الصمت
قالت: ومتى يموت الضمير؟
قلت: عندما نعجز عن قول الحق.
قالت: وهل عجزتم جميعا؟
قلت: نعم... واشتعلت النيران في كل بيت
وهجرت الأسود ممالكها
وأرضعت اللبؤات أشبالها لبن الخوف
قالت: ومتى هجرت الأسود ممالكها؟
قلت: عندما امتلك القرود قنوات الموت
وبثت في النفوس أحقادها
واعتلى المنابر الصمت.
قالت: وهل تصمت منابر القاهرة؟ إنه الموت!
قلت: نعم... صمتت أختاه
ولهذا أنا الآن أحاور الصمت
خالد همام
العدد 3857 - الجمعة 29 مارس 2013م الموافق 17 جمادى الأولى 1434هـ