العدد 3857 - الجمعة 29 مارس 2013م الموافق 17 جمادى الأولى 1434هـ

القطان: الصلاة غذاء القلوب وطريق لتهذيب المجتمعات وصلاح الأحوال

الشيخ عدنان القطان
الشيخ عدنان القطان

قال إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي الشيخ عدنان القطان إن الصلاة غذاء القلوب وزاد الأرواح، وإنها الطريق لتهذيب المجتمعات وصلاح الأحوال، مؤكداً أنها «عمود الإسلام، والفاصل بين الكفر والإيمان، وإذا كان الأمر بهذه الأهمية والخطورة، فإن الذي يحز في النفس، ويؤلم القلب أنه لا يزال في عِداد المنتسبين إلى الإسلام من لا يرفع رأساً بها، فما بال أقوام يعيشون بين ظهراني المسلمين قد خفّ ميزان الصلاة عندهم، وطاش معيارها، بل لربما تعدّى الأمر إلى ما هو أفظع من ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فهل ينتهي أولئك قبل أن يحلَّ بهم سخط الله، وتعاجلهم المنية، وتقبض أرواحهم، وهم على هذه الحال السيئة؟».

وبيّن القطان، في خطبته يوم أمس الجمعة (29 مارس/ آذار 2013)، أن «الصلاة التي يريدها الإسلام هي التي تمثل المعراج الروحي للمؤمن، حيث تعرج به روحه كلما قام مصليًا في فريضة أو نافلة، منتقلة من عالم المادة إلى عالم السمو والصفاء، والطهر والنقاء، وفي ذلك مصدر السعادة والسرور، ومبعث الطمأنينة والحبور، وكان ذلك ديدنَ الأنبياء جميعًا (ع)، وهكذا كان الحبيب المصطفى القدوة».

وذكر أن «الصلاة غذاء القلوب، وزاد الأرواح، مناجاةٌ ودعاء، خضوع وثناء، تذلل وبكاء، وتوسل ورجاء، واعتصام والتجاء، وتواضع لكبرياء الله، وخضوع لعظمته، وانطراح بين يديه، وانكسار وافتقار إليه، تذللٌ وعبودية، تقرب وخشوع لجناب الربوبية والألوهية، إنها ملجأ المسلم، وملاذ المؤمن، فيها يجد البلسم الشافي، والدواء الكافي، والغذاء الوافي، إنها خير عدة وسلاح، وأفضل جُنَّة وكفاح، وأعظم وسيلة للصلاح والفلاح والنجاح، تنشئ في النفوس، وتذكي في الضمائر قوةً روحية، وإيمانًا راسخًا، ويقينًا عميقًا، ونورًا يبدد ظلمات الفتن، ويقاوم أعتى المغريات والمحن، وكم فيها من الأسرار والحكم، والمقاصد والغايات التي لا يعقلها كثير ممن يؤديها، فما أعظم الأجر، وأوفر الحظ لمن أداها على الوجه الشرعي».

وأشار إلى أن «المصلي حقًا من يقيم الصلاة كاملة الفرائض والأركان، مستوفيةَ الشروط والواجبات والآداب، يستغرق فيها القلب، ويتفاعل من خلالها الوجدان، ويحافظ عليها محافظة تامة قدر الطاقة، يبعثه على ذلك قلب يقظ، وشعور صادق، وإحساس مرهف، وضمير حيّ، فينصرف بكليته إلى الصلاة؛ لأن الخشوع فيها إنما يحصل لمن فرّغ قلبه لها، واشتغل بها عمّا عداها، وآثرها على غيرها».

وتابع «منزلة الخشوع من الصلاة كمنزلة الرأس من الجسد، فالذي يجعل الصلاة مرتعًا للتفكير في أمور دنياه، ومحلاً للهواجس في مشاغله، قلبه في كل وادٍ، وهمه في كل مكان، يختلس الشيطان من صلاته بكثرة التفاته وعبثه بملابسه ويده ورجله وجوارحه، وربما أخلّ بطمأنينتها، ولم يعِ ما قرأ فيها، فيُخشى أن تُردَّ عليه صلاته».

وقال: «إنه لمَّا طال بالناس الأمد، وقست قلوبهم، وأساءوا فهم شعائر الإسلام، أصبحتَ ترى من يُخلّ ببعض شروط الصلاة وأركانها وواجباتها، فلم تعمل الصلاة عملها في قلوب الناس، ولم تؤثر في حياتهم، فهل من يؤديها ولكن لا تنهاه عن الفحشاء والمنكر، ولا تمنعه مما يخدش العقيدة، أو يخالف هدي النبي، أو يناقض مبادئ الإسلام، ولا تمنعه من تعاطي الربا، واقتراف الزنا والرشوة والغش والسرقة، وشرب المسكرات وتعاطي المخدرات، والتساهل في حقوق العباد، والوقيعة في أعراضهم، وما إلى ذلك من المحرمات، هل أولئك قد أقاموا الصلاة وأدوا حقها؟ والله لو فعلوا ذلك لانتهوا عن كل محرم، وأقلعوا عن كل ما يخالف شرع الله، ولكنه إضاعة جوهر الصلاة».

وتساءل القطان: «ما هي حالنا اليوم مع هذه الفريضة العظيمة؟ أجساد تهوي إلى الأرض وقلوب غافلة، وأفئدة متعلقة بالدنيا إلا من رحم الله، فهل من عودة إلى ترسُّم خطى المصطفى في هذه الفريضة العظيمة، وغيرها من فرائض الإسلام، لتعود للأمة قوتها وهيبتها بعد أن مُنيت بنكسة خطيرة، أفقدتها كثيراً من مقوماتها التي تجعلها متماسكة قوية، ألا ما أحرى الأمة، وهي تتجرع غصص الهزائم والنكبات والمصائب والابتلاءات، ما أحراها أن تتحرى الأسباب والدوافع لتقوم بالتغلب عليها، وإنها واجدة في شعائر الإسلام، وأعظمها الصلاة، ما يكون سببًا في صقل الأفراد، وتهذيب المجتمعات وصلاح الأحوال، والقضاء على أسباب الضعف والهزيمة، وخُوار الروح المعنوية في الأمة».

ونوّه إلى أن «حظ المرء من الإسلام على قدر حظه من الصلاة، ولنفكر في حالنا: ماذا جنينا من جراء التهاون بشعائر الإسلام كلها، لا سيما الصلاة؟ إن أمةً لا يقف أفرادها بين يدي الله في الصلاة لطلب الفضل والخير منه لجديرة ألا تقف ثابتة في مواقف الخير، والوحدة والنصر والقوة، لأن هذه كلها من عند الله وحده، فإذا أصلحنا ما بيننا وبين الله أصلح الله ما بيننا وبين الناس، وإن أمة لا يُعفِّر أبناؤها وجوهَهم في التراب، ويمرغون جباههم في الأرض؛ تعظيمًا لخالقهم؛ وإعلانًا للعبودية التامة له، لحرية أن لا تثبت أمام التحديات والمتغيرات، وأن تذوب في خضم المغريات والابتلاءات، وسيول المحن والبلايا، وأن تغرق في مستنقعات الفتن والرزايا».

العدد 3857 - الجمعة 29 مارس 2013م الموافق 17 جمادى الأولى 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 11 | 2:15 ص

      ما حكم من يحارب الصلاة ياشيخ؟!!!!!!!!

      وماذا بشأن من يهدم أماكن الصلاة(المساجد) ، ويمنع المؤمنين من التوجه لصلاة الجمعة أو يعتقل من يصلون في المساجد المهدمة؟!!!!!!!!

    • زائر 4 | 1:56 ص

      ياريت

      ياريت ثم ياريت

اقرأ ايضاً