العدد 1544 - الإثنين 27 نوفمبر 2006م الموافق 06 ذي القعدة 1427هـ

الفساد يطال صناعة الأدوية 2/2

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

يسلط التقرير ضوءاً قوياً على قطاع خدمات الرعاية الصحية العالمية التي تبلغ قيمتها 3 تريليون دولار أميركي، كاشفاً عن وجود متاهة من الأنظمة المعقدة العويصة التي تشكل ميداناًً خصباً للفساد. وعلى رغم أن غالبية العاملين في هذا القطاع يدأبون على تأدية وظائفهم بأمانة ومثابرة، فإن هناك أدلة على وجود الرشوة والاحتيال في مختلف مجالات الخدمات الطبية، من السرقات التافهة والابتزاز إلى التحريفات الضخمة للسياسة الصحية والتمويل المخصص لها التي تغذيها الأرباح /الرشاوى التي تدفع للمسئولين. واستشرى الفساد في قطاعات تقديم الخدمات الصحية الحكومية والخاصة، البسيطة والمعقدة المتقدمة، على حد سواء. ويورد التقرير أمثلة حية على تلك المظاهر من بينها:

- استخدام المسئولين موازنات قطاعات الصحة العامة لاستعمالاتهم الشخصية.

- تحويل المستشفيات مخازن يخدم فيها الزبون نفسه ويأخذ ما يريده للإثراء غير المشروع، مع وجود عمليات شراء غير واضحة للتجهيزات والمعدات والإمدادات ووضع أسماء موظفين خياليين على جداول الرواتب.

- طلب العاملين في القطاع الصحي أجراً لقاء تقديم خدمات يجب أن تكون مجانية.

وقال المدير التنفيذي لمنظمة «الشفافية الدولية» ديفد نوسباوم: «إن الفساد يقوض تدريجاً ثقة الشعب في العاملين في القطاع الطبي. إن من حق الناس أن يتوقعوا أن تكون العقاقير التي يعتمدون عليها حقيقية. ومن حقهم الاعتقاد أن الأطباء يضعون مصلحة المريض فوق أي ربح. والأهم من كل شيء أن من حقهم الاعتقاد أن صناعة الرعاية الصحية موجودة لتشفي لا لتقتل.»

ويشكل الفساد القاعدة التي ترتكز إليها تجارة العقاقير المزيفة المربحة جداً. وتيسر الأرباح /الرشاوى التي تدفع في كل خطوة من الخطوات في السلسلة تدفق العقاقير المزيفة من مصدرها إلى المستهلك الجاهل بأمرها. ونظراً لكون الإنفاق على المستحضرات الصيدلية يفوق ما تنفقه العائلات في الدول المتقدمة على أي أمر آخر يتعلق بالرعاية الصحية، إذ تقدر قيمته بما بين 50 إلى 90 في المئة من مجمل ما ينفقه الفرد من جيبه الخاص على الأمور الصحية، فإن للفساد في صناعة المستحضرات الصيدلية (العقاقير) أثراً مباشراً مؤلماً على من يكافحون للبقاء على قيد الحياة.

وتورد الدراسة مجموعة من التوصيات منظمة التي ينبغي القيد بها من أجل الحد من انتشار حال الفساد هذه نلخص أهمها:

- على الحكومات المانحة وتلك المتلقية للمنح أن توفر إمكانية الوصول بسهولة إلى المعلومات المتعلقة بالجوانب الأساسية في المشروعات والموازنات والسياسات المتعلقة بالصحة. ويجب أن تكون المعلومات المتعلقة بالموازنة متوافرة على الإنترنت وخاضعة لتدقيق في الحسابات تقوم به جهة مستقلة.

- تبني وفرض تطبيق قوانين سلوك مهني للعاملين في القطاع الصحي ولشركات القطاع الخاص وتوفير تدريب مستمر على مكافحة الفساد.

- إضافة قوانين خاصة بتضارب المصالح إلى إجراءات تنظيم العقاقير والترخيص للأطباء (بممارسة مهنتهم).

- تخويل جهات مستقلة لرصد سياسات ومشروعات الصحة العامة، على الصعيدين القومي والدولي، ويجب أن تكون التقارير التي تضعها علنية يمكن للشعب الاطلاع عليها وتفحصها.

- شفافية عمليات الشراء وعلنيتها، ويجب أن يتوافر فيها «الحد الأدنى من معايير (منظمة) الشفافية الدولية الخاصة بالشفافية والعقود والصفقات الحكومية». ويجب تطبيق القوانين الخاصة بتضارب المصالح ويجب منع الشركات التي تمارس الفساد من الاشتراك في أية عطاءات ومناقصات في المستقبل. ويجب تبني سياسة قطع تعهد بعدم دفع الرشاوى، كتعهد الأمانة والاستقامة الذي وضعته منظمة الشفافية الدولية، لتحقيق الإنصاف والمساواة بين جميع مقدمي العروض.

ويخلص التقرير في توصياته إلى أنه يجب أن تكون الشفافية الخطوة الأولى في مكافحة الفساد، مقترحاً على الحكومات تمكين الجهات المهتمة بالأمر من الحصول بسهولة على المعلومات المتعلقة بالمشروعات الصحية والموازنات المخصصة لها.

وينتهي التقرير بخلاصة جوهرية مفادها إن على الحكومات أن تقوم بعمليات مقاضاة صارمة لتبعث برسالة توضح أنه لن يتم التسامح بشأن الفساد?

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1544 - الإثنين 27 نوفمبر 2006م الموافق 06 ذي القعدة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً