العدد 1543 - الأحد 26 نوفمبر 2006م الموافق 05 ذي القعدة 1427هـ

المطر... الانتخابات... والأمل

رحمة أن يتاح للناس خيارها... في عرس ديمقراطي ثالث شهدته المملكة، منذ العام 1973، وعزز من تلك الرحمة والعرس هطول أمطار غزيرة استمرت لساعات طويلة، كانت إيذانا - أو هكذا استشعر كثيرون - بأن الأيام المقبلة ستكون أجمل الأيام، أو هكذا يأملون ويطمحون.

لم تمنع الأمطار الغزيرة من ممارسة المواطنين حقهم الطبيعي في اختيار مرشحيهم الى مجلس النواب لأربعة أعوام مقبلة، وكلهم تفاؤل، خصوصا مع مشاركة الجمعيات المقاطعة، وتوجهها الجديد لإحداث تغيير من الداخل، بدل الفرجة والندب خارج قبة المجلس. هذه المشاركة أضفت زخما كبيرا وفاعلا في الشكل الذي ستكون عليه الممارسة الديمقراطية للأربعة أعوام المقبلة، اذ لا شك ستكون لها نكهتها الخاصة، على رغم أنها لن تخلو من مماحكات وشد وجذب، ولكنها أصول اللعبة الديمقراطية التي تتطلب أول ما تتطلب الوعي الكامل بالدور والهدف من دون أن تغيّب الواجبات قبالة حقوق يراد لها أن تأخذ دورها ومكانها في الممارسة.

الأمطار التي هطلت لساعات، كأنها توحي للناس بأن أيامهم الكالحة، وفائض اليأس الذي عرفوه بيدهم أن يحيلوه الى بياض نهائي، والى فرح غامر طالما أنهم ودعوا الفرجة والتذمر وهم على مبعدة من حقيقة الممارسة. مطر يوحي بالمتغير والمتحول من الأيام... مطر يقرأ تطلعات وآمال وتوجهات وربما رغبات، ولكنها ليست شبيهة بالاقتراحات برغبة التي ستنهمر على الناس مع بدء الفصل التشريعي لأعماله، كما انهمر المطر الجميل والعذب مساء الخامس والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.

على وجوه الفقراء والبسطاء، والبيوتات المتهالكة، والسكك الضيقة في بعض المناطق، ثمة رضا واطمئنان. رضا بهبة الخالق لعباده في يوم استثنائي خرجوا فيه زرافات ووحدانا ليحدثوا ولو اليسير من التأثير والتغيير في واقع ظل التغيير فيه حكرا على الكبار وحدهم، فيما هم اليوم بيدهم أن يعمّقوا من قيمة وحقيقة ذلك التغيير بخيارهم الذي لا يقبل الاملاء أو التوجيه أو التجيير. خيار نابع من صلب ارادتهم، وحقيقة احتياجاتهم وتطلعاتهم. مطر يعلمهم الانتشار في مسارب الأرض، كما ينتشرون هم في مراكز الاقتراع ملوحين بخيارهم والفرح بذلك الخيار الذي قد يتيح لهم حياة أقل في عنائها كريمة في انهمار الحق عليهم بعد طول احتباس، تماما كما هو انهمار المطر بعد طول احتباس عانت منه الأرض.

ثلاث سير تُقرأ بفرح بالغ: سيرة المطر، وسيرة الخيار، تحوطهما سيرة الأمل. الأمل الذي من دونه تصبح الحياة ضربا من الحضور في الوقت الضائع?

العدد 1543 - الأحد 26 نوفمبر 2006م الموافق 05 ذي القعدة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً