العدد 1543 - الأحد 26 نوفمبر 2006م الموافق 05 ذي القعدة 1427هـ

وخرجت المرأة من الانتخابات بخفي حنين

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

من خلال النتائج الأولية للانتخابات النيابية والبلدية للدورة الثانية 2006 - 2010، وعلى رغم مشاركة المرأة في الانتخابات مرشحةً وناخبةً، فإنها خرجت من المعركة الانتخابية بخفي حنين، وكعادتها إلى الآن، لم نطلع على الإحصاءات الرسمية الدقيقة التي تؤكد نسبة مشاركة المرأة في الانتخابات ومع ذلك ليس بغريب أن تكون مشاركتها الأكبر.

والأغرب أن تسخر المرأة ناشطةً ومتطوعةً حاضرةً بقوة في العمليات الانتخابية، وقوةً صوتيةً قويةً للمترشحين الرجال، لا لبنات جنسها، على رغم وجود 22 مترشحة نيابياً وبلدياً بالشكل الآتي: 18 مترشحة للعمل النيابي و4 مترشحات للعمل البلدي، مع ذلك لا أنفي وجود بعضهن داعمات ومؤيدات لبعض المترشحات، والعكس صحيح أيضاً، لكن مع ذلك لم تنجح إحداهن في إحداث «فزعة» وثورة في الأوساط النسائية بغرض تحقيق فوز كاسح يضمن للمرأة الوصول إلى قبة البرلمان بالانتخاب من الجولة الأولى وكان ذلك ممكناً، في حين أن المترشحة الوحيدة منيرة فخرو في الدائرة الرابعة بالوسطى والتي نرغب في ألا تكون صورةً مستنسخةً من أولى الجنوبية في الدورة السابقة، والتي كانت قاب قوسين أو أدنى وتوقع الجميع من خلال عدة مؤشرات إيجابية كانت تصب لصالح فوزها، وعلى رغم ذلك لم يحسم فوزها وكانت الأنباء الأولية التي تسربت توحي بصعودها إلى الجولة الثانية؛ لكونها تواجه رئيس كتلة نيابية لجمعية سياسية إسلامية في دائرة مفتوحة على رغم حصولها على دعم من قِبل الجمعيات السياسية بسبب تشتت الأصوات لكثرة وجود المنافسين.

وأعتقد أن الفوز كان ممكناً فيما لو وقفت نساء الدائرة وقفةً قويةً مع المترشحة إلى جانب الأصوات الأخرى، فلا أحد يمكنه الفوز فقط بالأصوات النسائية ولابد من النجاح في إحداث نوع من التوازن، فالرجال الذين فازوا أخذوا أصوات الرجال والنساء.

هناك عدة ملاحظات وشواهد قستها بنفسي طوال فترات العمليات الانتخابية سواءً من قِبل المترشحين أو الأعوان والأنصار تتعلق بخروج المرأة من الانتخابات بخفي حنين. حتى لا يتكرر المشهد ثانيةً، فإن هناك اهتماماً غير عادي من قبل المترشحين بالنسبة إلى المرأة وقضاياها سواءً من خلال برامجهم الانتخابية أو أنشطتهم في مقراتهم الانتخابية. ومن وجهة نظري، يأتي ذلك على سبيل الدعاية الانتخابية ولكون غالبية المترشحين هم بحاجة ماسة إلى أصوات المرأة، ولكن الأمر يبدو مغايراً تماماً إذا ما انقلبت الموازين، فالمرأة مقدرة بل ومدللة في الأوقات العصيبة التي نكون فيها في أمس الحاجة إليها، وتنقلب المعادلة إذا ما اختلف الأمر، بدليل أن هناك بعض المترشحين تتناقض أفكارهم مع تصرفاتهم 180 درجةً، فهم مع المرأة ويبحثون عنها، ولكنهم يصدرون الفتاوى تلو الفتاوى للتقليل من حظوظها وفرص فوزها!

والدليل الآخر: ماذا حقق المجلس النيابي السابق من إنجازات لصالح المرأة؟ لا شيء سوى السماح لها بقيادة السيارة وهي مرتدية النقاب، وواضح جداً أن المستفيدات منه فئات قليلة جداً، ولا أحد يتبنى أصلاً قضايا المرأة، ولعلهم معذورون في ذلك، فهم على أية حال رجال ولا شأن لهم بقضايا المرأة! وعلى ذلك نصرّ على أهمية حضور المرأة ليس تعصباً أو ديكوراً أو ترفاً، ولكن لحاجة المرأة إلى أن تمثل في مواقع صنع القرار لتمثل قطاعها المنسي.

وعلى صعيد آخر، نجد المرأة حاضرةً بصورة نشطة جداً في الفرق الميدانية التي تعمل ليل نهار في البحث عن الأصوات المؤيدة للمترشح وهي تعمل بجد، ولا أحد يشكك في قدراتها وإمكاناتها، وتعمل أيضاً بجد في إدارة فرق العمل الميدانية والمقرات الانتخابية للمترشحين والترويج لهم من خلال اللقاءات الميدانية والمحاضرات والندوات، ولكننا نجد العيب وكل العيوب في المرأة حينما نجدها مترشحةً تنافس مترشحاً، سواءً من قبل حليفتها المرأة أو خصمها الرجل، إذ نفضلها أن تبقى داعمةً للمترشحين وتكرس جهودها في إدارة شئون منزلها.

بصراحة ومن دون تعصب لبنات جنسي، وبموضوعية تامة، استطاعت النساء إدارة حملاتهن الانتخابية باقتدار وإخلاص من خلال عمل دؤوب لا يعرف الكلل ولا الملل، وهكذا حال المرأة تعمل بجد ونشاط، ولكنها قد تكون غير مرغوب فيها في بعض المجالات، وربما يكون على رأسها العمل السياسي، لا انتقاصاً لها في القدرات أو الإمكانات ولا الطاقات، والموضوع يحتاج إلى وقفة قوية ليس فقط من قِبل المرأة وإنما من المجتمع بأسره؛ كي يعاد تصحيح الأمور من جديد.

وأظن أن الجهات الرسمية قرأت الساحة بشكل دقيق، لذلك نجدها تسارع إلى وضع لمساتها قبل الأوان أيضاً، فقد سعت إلى تعيين امرأة في المجلس المنتخب وأصبح جميع المترشحين يتنافسون على 39 مقعداً بدلاً من 40، أو لعلها إذا أردنا أن نقرأ الموضوع من زاوية أخرى تقديراً للمرأة في ظل عدم وجود الكوتا أو نظراً إلى عدم نجاحها في تحقيق «التمكين السياسي للمرأة»، وبالتالي عملية إيصال المرأة إلى قبة البرلمان ستكون غايةً في السهولة بدلاً من التمكين السياسي للمرأة التي ترغب في الترشح للانتخابات، فالراغبات كثر ولكن الإرادة المجتمعية تبدو متأخرةً كثيراً، وأكثر مما نتصور، وأعقد مما نتوقع، وتحتاج إلى وقت أطول وجهود أكبر. ومما يتفطر له القلب أيضاً، أننا حينما نصوت من جديد لأناس لم يوفقوا في مهمتهم السابقة وكانوا بحق زيادة عدد في المجلس، بل سبباً في المشكلات بدلاً من حلها، على أن نحرم المرأة من إعطائها فرصةً ولو واحدة لتجربتها وامتحانها، وقد تكون أفضل حالاً من أخيها الرجل الذي جربناه مرةً واكتوينا بناره مرات. فهل يا ترى أخذنا على عاتقنا عهداً أن تخرج المرأة في كل معركة انتخابية بخفي حنين؟

فلم يحصل لنا على سبيل المثال في البحرين كما حصل للأخت شيخة الجفيري (أول ممثلة للعمل البلدي في قطر)، إذ إنها بعد عمل استمر 3 أسابيع، انسحب خصمها تقديراً لجهودها التي بذلتها طوال إدارتها الحملة الانتخابية ففازت حينها بالتزكية. كنت أحلم بأن يكون لدينا مشهد مماثل، أو لنقل مقارب، كأن يتحد بعض المترشحين وينسحبون من الساحة طالما لا حظوظ تذكر لهم في الفوز، على أن يحوّلوا أصواتهم إلى إحدى المترشحات تقديراً لجهود المرأة التي تقدم من دون مقابل، وتستحق منّا كل التقدير. ومع ذلك في خضم التفكير في الذات والأنا وغيرها من أمراض اجتماعية ننسى أختنا المرأة التي تقف معنا دائماً، ونفوت على أنفسنا أن نكون أبطال هذا الموقف النبيل، فهل يا ترى سيأتي اليوم الذي نشم فيه أصالة العرب والشرق؟ أم أننا سنختنق من سيطرة الذكورة؟?

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 1543 - الأحد 26 نوفمبر 2006م الموافق 05 ذي القعدة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً