... نعم، شكراً جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة على الحكمة التي عهدها شعب البحرين منك في إدارة الأمور المعقدة والحساسة. فهذه البحرين التي كانت تمر بمرحلة مهمة وحساسة تمر بها بنجاح وتجتازها بشهادة كثيرٍ من المراقبين الذين حضروا إلى بلادنا لتغطية الانتخابات النيابية والبلدية.
في بلد صغير مثل البحرين شهدنا حملات انتخابية في غاية الشراسة، ومررنا بالإشاعات والأقاويل، وتخللت الحملات مسيرات وخطابات حادة في نبرتها، ومع ذلك كانت الحكمة البحرينية سيدة الموقف.
اختلفنا كبحرينيين في المواقف على قضايا عدة، ولكن اختلافنا لم يتحول إلى شقاق أو عداء، فكلنا أبناء بلدٍ واحدٍ، نتألم لبعضنا ونفرح لبعضنا، والطيبة البحرينية متأصلة في نسيجنا المجتمعي، وهو ما ساعدنا جميعاً على طرح آرائنا بحرية ومسئولية على الهواء مباشرة، والفضائيات التي يصل مداها إلى كل زاوية في قريتنا العالمية.
مررنا في الانتخابات التي لم تشهد لها البحرين مثيلاً... شارك المقاطعون وكانت جرأتهم وثباتهم على مواقفهم سبيلين لنجاحهم في دوائرهم، كما شارك من كان قد شارك من قبل وفاز بشرف، أو أنه قَبِل النتيجة وهو مرفوع الرأس؛ لأنه أدى واجبه وأرضى ضميره من أجل خدمة وطنه. ليس لديّ شك في أن كثيراً من الذين حضروا أثناء الحملات الانتخابية شعروا بأن البحرين الصغيرة في حجمها إنما هي بلد كبير أيضاً يختزن في أوساطه تنوعاً مجتمعياً استعرضه في الخيام الانتخابية التي امتلأت في كل مكان. فكم هي جميلة تلك اللقاءات التي جمعت رموز التيارات السياسية في ندوات حية أوضحت الكثير من القضايا واستعرضتها ضمن أجواء من الانفتاح الإعلامي والتفاعلي.
بعد انتهاء الانتخابات هطلت الأمطار بشكل لم نشهده منذ فترة طويلة، واستمر المطر في الهطول، مع البرق والرعد طوال الليل حتى بعد شروق الشمس. المطر نزل معلناً بدء مرحلة جديدة ستكون فيها السياسة للجميع، كما هو المطر للجميع، ينزل على كل الأماكن من دون تفريق، ورحمة من الله تنزل على كل الناس وتسقي أراضيهم وتنعشها.
السياسة المسئولة التي ترعى شئون الوطن، من دون تشكيك في القائمين عليها، هي كالمطر الرباني، والمجلس النيابي القادم، ومعه المجالس البلدية، بإمكانها جميعاً أن تكون ميداناً لجميع البحرينيين، يتعرفون إلى بعضهم بعضاً، ويقتربون من بعضهم، في سعي منهم إلى خدمة وطنهم. الشكر موصول إلى جلالة الملك الذي كانت حكمته واضحة في منع تعكير الأجواء... ونأمل في أن تعم أجواء الإخاء والتعاضد، فالبحرين قوية بسعة صدرها?
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1543 - الأحد 26 نوفمبر 2006م الموافق 05 ذي القعدة 1427هـ