عشرون عاماً من عناق الأرض بالأرض، عشرون أخرى من التواصل، والمحبة. عشرون تمثل ذلك العمق الفريد من التقاء أبناء الشعبين الشقيقين كل يوم على الخير والسلام. عشرون من نماء اللحمة الواحدة، القلب الواحد. لم يجمع هذا الجسر المعلق تراب الأرضين في تربة واحدة، بقدر ما فعلته أيامنا الماضية في صناعة تاريخنا الواحد، حتى نسير من مجرد القرب والتلاقي إلى واقع تلاقي الروح بالروح، العقل بالعقل، المستقبل بالمستقبل. تمر الذكرى العشرين لافتتاح جسر الملك فهد كلمسة من لمسات الاحتفال الأبدي بين القلبين، وما أنفك هذا الإحتفال عنا، يؤطر الحلم الخليجي الأكبر، فما نحن إلا وطن واحد، وما الجسر إلا رابط الوطن بالوطن.
منذ الخمسينات من القرن الماضي ومخيال التربتين متلبد بالأمنيات والأحلام. أمنيات أن تتصل الأرض بالأرض، أن تكتمل رحلة الإنسان إلى الإنسان، وأحلام الا يكون البعد أكثر مما كان. واكتملت تفاصيل الحلم في تراتيل الحاضر الذي صنعته التنمية المشتركة والمصير الواحد، يتلوها الشعبان عناقاً فوق الماء، جسراً يمشي فوق الماء. تاريخية «الإنسان» البحريني والسعودي بين الأرضين تشهد أن الأرض كانت واحدة، وأن الإنسان كان واحدا، وأن صلات القربى لم تكن ذلك الطارئ علينا، فالبحريني للسعودي كالجسد الواحد، وليست مواطن هذه الألفة إلا تحقيقاً لإرتباط تعرفه الأرض، وتتذكره زواياها المتباعدة في حدود الجغرافيات الملتصقة القلب.
تراب واحد يجمعنا لا ترابين، إنسان واحد إنساننا لا إنسانين. تاريخية التواصل السياسي بين المملكتين لها حضورها في هذه الذكرى، تاريخية السياسة والتشارك والموقف الواحد تبرع في إعطاء كل ما هو بحريني سعودي رونقاً من الاتصال الذي لا ينقطع ولا يتوقف عن الحركة والفاعلية. سياستان في نفس واحدة، هموم مشتركة، تجمعها منظومة سياسية تشاركية ثابتة وطموحات وفهم مشترك، ماضي يدق في التاريخ بقدم، ومستقبل واحد تخطوه القدم الأخرى بثبات وقوة.
تاريخية الاقتصاد المشترك لم تصنعها جنبات الجسر فقط، بل كانت ولازالت شتى المنظومتين تتعايشان في حلقة واحدة من التعاون الإقتصادي المتدفق بالخيرات على المملكتين، وإحتفالنا اليوم هو إحتفال تتويج لهذا التدفق والنمو.
وعلى مر السنين تمر علينا ساعات الوحدة والأخوة، ولا تزيدنا إلا إقتراباً من بعضنا البعض، ندرك نحن أبناء الوطن الواحد أننا حقيقة واحدة لا حقيقتين، شعب واحد لا شعبين، وطن واحد لا وطنين، وليس هذا الجسر الذي يجمع شطرينا إلا تمثيل هذه الواحدية التي تجمعنا، منذ عرفنا أننا الوطن الواحد هو حقيقتنا الثمينة
العدد 1542 - السبت 25 نوفمبر 2006م الموافق 04 ذي القعدة 1427هـ