تصاعدت الحرب على زي المرأة المسلمة بجميع أشكاله في الآونة الأخيرة في كل من العالمين الغربي والعربي، وذلك بدواعٍ وأسباب مختلفة. فها هي هولندا تحظر لبس النقاب في الأماكن العامة وشبة العامة في خطوة تعتبر الأولى في أوروبا وتشكل تعدياً على الحقوق المدنية. وبررت وزيرة الهجرة والاندماج المتشددة ومقترحة مشروع القرار ريتا فيردونك أن هذا الحظر جاء لدواعٍ أمنية بحتة، إلا أن ممثلين عن المسلمين في هذا البلد أبدوا امتعاضهم وقالوا إن الأسباب الحقيقية ليست أمنية وإنما تتعلق بأهداف انتخابية.

إن إثارة قضية الحجاب والنقاب لم تكن وليدة اليوم في أوروبا، ولكنها تفاقمت عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول التي نتج عنها ما يسمى بالحرب على الإرهاب لخلق ظاهرة «الإسلام فوبيا». ففي بريطانيا تسببت تصريحات وزير شئون مجلس العموم البريطاني جاك سترو في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي - والتي عبّر فيها عن عدم رغبته في استقبال المنقبات في دائرته الانتخابية في بلاكبيرن - في الكثير من المشكلات للجالية هناك. وفي السويد، قالت وزيرة إن الحجاب يعزل الطالبات عن محيطهن. وانضم الفاتيكان من قبل إلى الجدل الدائر بشأن هذه القضية.

ولاشك أن هذا التمييز وانتهاك حقوق المسلمين في الغرب ينم عن جهل بجوهر الدين علاوة على السعي إلى استمالة أنصار اليمين المتطرف والفوز بأصواتهم في الانتخابات ناهيك عن الضغوط الأميركية الرامية إلى إيجاد «إسلام غربي» يختلف شكلاً ومضموناً عن العقيدة السوية. كل هذا ربما يكون مبرراً ولكن أن يستهزأ بالحجاب والنقاب في عقر داره ومن مسئولين في حكومات عربية فإن هذا غير مفهوم. وكان آخر هذا التيار الذي يسير في الاتجاه المعاكس للرأي العام ما تفوه به وزير ثقافة عربي. فأية ثقافة هذه التي تتربع عليها شخصية متنكرة لخيار شعبها. وفي شهر رمضان الماضي شن حزب حاكم في بلد عربي أيضاً حملة شعواء على الحجاب وقال إنه دخيل على الأمة. ليس هذا فحسب، بل إن هناك إدارات في مؤسسات عربية وإن لم تحظر الحجاب فإنها تشترط لبساً معيناً ربما يكون فيه تضييق على الموظفات. ولكن الغريب في الأمر كله أن الذين يحاربون الزي الإسلامي في عالمنا سرعان ما يسقطون وتذهب ريحهم كما أن أولئك الذين يناهضونه في الغرب يساهمون بشكل فعال في جعله ظاهرة تتعزز وتغيظ أكثر