بعد غد يتوجه الناخبون إلى صناديق الاقتراع لانتخاب المترشحين للمجلس النيابي والمجالس البلدية، وعلى رغم تصاعد النبرة في الخطاب السياسي فإن القناعة لدى الأكثرية بأن البحرين بخير لأن كلاً من القيادة السياسية ورموز المجتمع والمعارضين والفاعلين على الساحة، جميع هؤلاء حريصون على رعاية المسيرة وإنجاحها وإبعادها عن المخاطر التي قد تحدق بها.
البعض ينظر بعين متشائمة إلى ما جرى أثناء الحملات الانتخابية من حرق للخيام ورسائل نصية ولغة طائفية واتهامات كثيرة لم يسلم منها أحد... ولكن كل هذه تعتبر عوارض متوقعة، وهي ذاتها تتكرر في جميع البلدان التي تجرى فيها انتخابات. ومن الطبيعي أيضاً أن تزداد نبرة التعليقات والخطاب حدة في مثل هذه الأجواء، ولكن بعد ذلك سيتشكل مجلس النواب من 40 شخصاً، وستتشكل المجالس البلدية وسيتم تعيين مجلس الشورى، وسنغادر العام 2006 ونبدأ عاماً جديداً بعد فترة وجيزة.
في مطلع العام المقبل سيكون لدينا برلمان مختلف عن الماضي، وذلك بسبب مشاركة القوى التي قاطعت من قبل. ولكن الأمور ربما ستختلف عن تصورات الكثيرين. فالتحالفات ستختلف، حتى داخل التكتل الواحد سينتقل بعض الأفراد من هذه الكتلة أو تلك ليحسب في عداد «المستقلين»، أو في عداد المحسوبين على هذا الاتجاه أو ذاك.
ومن المتوقع أن تصبح كتلة الوفاق أكبر كتلة، وبعدها تأتي كتلتا الأصالة والمنبر الإسلامي، وستتوزع التحالفات بحسب طريقة التعامل بين الأفراد وبين الكتل. فالكتلة الكبيرة ليست بالضرورة متجانسة، وأسلوب عمل كل فرد منها سينعكس مباشرة على قوة أو ضعف الكتلة. كما لا يمكن إغفال أن الكتل التي مارست العمل البرلماني لمدة أربع سنوات سابقة ستكون لها خبرة تفتقدها الكتلة الجديدة.
إن الانتخابات التي ستكتمل قريباً لم تجرَ على أساس برامج بالمعنى المتداول في الانتخابات التي تتنافس فيها الأحزاب، فنحن مازلنا في بداية الطريق، والمشاركون بحاجة إلى أن يكتسبوا الخبرة وتتكون لديهم الثقة والجرأة الكافية لتشكيل كتل على أساس برامج مستمدة من رؤية متماسكة تكون هي الأساس في انتماء الأفراد وفي تصويت الناخبين. ولا يمكننا أن نلوم أحداً في الفترة التأسيسية الحالية، لأن البيئة السياسية تنفست بعد فترة طويلة من انعدام الحياة النيابية، ولكن أملنا، بعد الانتهاء من صناديق الاقتراع، أن تتحرك الجهود نحو تشكيل أحزاب ذات توجه وطني، بحيث تطرح نفسها بصورة عامة ولا ينحصر المؤيد لها من هذه الفئة أو تلك. ومثل هذه النتيجة لا تتحقق بصورة اعتباطية، كما أنها ليست من مسئولية جهة واحدة بعينها، وإنما هي مسئولية الجميع، في الدولة والمجتمع، اللذين ينبغي أن يقدما الأنموذج الذي يمكن الاحتذاء به
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1539 - الأربعاء 22 نوفمبر 2006م الموافق 01 ذي القعدة 1427هـ