العدد 1538 - الثلثاء 21 نوفمبر 2006م الموافق 29 شوال 1427هـ

«المراكز العامة»... بانتظار المبضع

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

قبل أسابيع، وبعد صدور بعض «التقا...»، انتبه الرأي العام على فاجعة التصويت الإلكتروني، إذ فهم القاصي والداني أنها كانت بؤراً معدّةً للتزوير والتلاعب بنتائج الانتخابات. وبسقوط «التزوير» الإلكتروني، سادت لدى الوسط الصحافي والسياسي قناعةٌ بأنه تم سدّ 75 في المئة من منافذ التزوير المحتملة، وبقيت 25 في المئة من البؤر الأخرى، التي تسمّى تأدباً: «المراكز العامة للتصويت».

هذه المراكز كانت «بدعةً» جديدةً في عالم الديمقراطيات العريقة والناشئة على حدٍ سواء. ولا داعي لتكرار مبرّرات إيجادها في انتخابات 2002، لتوفير أماكن لـ «رفع الحرج» عن الراغبين في المشاركة في مناطق سيطرت عليها دعوات المقاطعة، بالإضافةً إلى رفع الحرج عن الحكم لرفع نسبة المشاركة، حتى وصلت إلى 53 في المئة. اليوم الوضع مختلفٌ مع المشاركة الواسعة لمختلف الأطراف السياسية، إذ أصبحت هذه المراكز مثيرةً لمزيدٍ من الشكوك، وخصوصاً مع الحديث عن آلاف الأصوات المتنقلة التي أُقحِمَت على العملية الانتخابية في ظلّ عمليات تجنيس متسارعة أثارت وتثير الكثير من المعارضة الشعبية.

المراكز العامة كانت «بدعة» ما سبقنا بها أحدٌ من العالمين، جرى تسويقها تحت مبرراتٍ غير مقنعة، من قبيل «تقريب المسافات»، في بلدٍ صغيرٍ جداً، لا تزيد مساحته عن جزيرة بوبيان الكويتية، ولا تزيد المسافة بين منطقةٍ وأخرى عن خمس دقائق. هذه المراكز - البِدَع، وقّع على طلب إلغائها أكثر من 100 مترشّح من مختلف الأطياف السياسية، ما عدا الجمعيتين المعروفتين بالموالاة الشديدة للحكم، بما يلقي بمزيد من الشكوك بشأن الإصرار على استمرارها، خصوصاً مع مطالبة أحد النواب النكديين بزيادتها! كما تعرّضت للنقد من أقلامٍ صحافيةٍ عدّة، حتى من ضفة الموالاة، إذ كتبت إحدى الزميلات قبل فترةٍ بنبرة لا تخلو من الصدق، مطالبةً بإلغائها حفظاً لماء الوجه، وإثباتاً لبراءة الذمّة أمام العالم، وتتويجاً لنزاهة الانتخابات، لكن يبدو ان الرسالة لم تصل بعد.

في هذه الفترة، يتقاطر على البحرين مئاتٌ من الإعلاميين والصحافيين العرب والأجانب، ووفودٌ إعلاميةٌ من مختلف عواصم القرار في العالم، وهؤلاء أول ما يلفت نظرهم صغر حجم البلد، كما سيلفت نظرهم واستغرابهم أيضاً ما سيسمعونه لأول مرةٍ في حياتهم عن «مراكز الانتخاب العامة»، وستزيد دهشتهم عندما يعرفون ان هذه المراكز تتوزع ما بين صالات بعض الوزارات، ومجمع تجاري، وعند مداخل الجسر ومخارج المطار، وأخيراً... الفرع الذي أعلن عن افتتاحه في حلبة سباق السيارات.

وكإعلاميين نفهم بعضنا جيداً، نقول انهم بلا شك سيكتبون عن هذه العملية الغريبة التي لم يشاهدوا مثلها في حياتهم قط، وسيبحثون عن أسبابها ومبرّراتها، ويقيناً لن يقتنعوا بها، مهما كانت طلاقة الناطقين الرسميين بالانجليزية أو العربية. ولاشك أيضاً أنهم في جولاتهم على خيام المترشحين، سيسمعون «الرأي الآخر» الذي سيتحدّث بطلاقةٍ أكبر عن هذه المراكز التي يُخشى حدوث التزوير فيها، بل سيعلن معارضته لوجودها باعتبارها خرقاً للأعراف الديمقراطية في العالم أجمع.

بعض «القبضايات» دافع عن هذه «الأورام الانتخابية» بحججٍ واهية، وبعض البيروقراطيين دافع عن استمرارها «لكي لا نخسر أجهزة الكومبيوتر و بقية التجهيزات»! وهؤلاء لم يراعوا مصلحة البلد وسمعته، ولا نزاهة الانتخابات. فإذا ما تمّ سدّ 75 في المئة من منافذ التزوير المحتملة، فلماذا الإبقاء على هذه الـ 25 بالمئة الباقية من الأورام؟ ومن المستفيد من وجودها أصلاً؟

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1538 - الثلثاء 21 نوفمبر 2006م الموافق 29 شوال 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً