نقلنا في الحلقة الأولى أجواء جايتكس وأرقامه، وحاولنا قدر الإمكان رسم إطار عام يحدد ملامح جايتكس وعلاماته الفارقة. ونبدأ هنا اليوم في مشاركة القارئ الخواطر التي اجتاحت الذهن خلال التجوال في أروقة هذا المعرض الضخم.
أول تلك الخواطر والتي تستمر في السيطرة على تفكير الزائر البحريني للمعرض، أن البحرين أضاعت فرصاً كثيرة أتيحت أمامها خلال العشرين السنة الماضية، كان في وسعها خلالها أن تؤسس لصناعة معارض متطورة ليست بالضرورة محصورة في قطاع تقنيات المعلومات والاتصالات. لكن ليس الآن وقت البكاء على أطلال الحبيب، بقدر ما تحاشي الاستمرار في الحالة ذاتها، بوعي أو من دون وعي.
ثاني تلك الخواطر كانت، لماذا لا تفكر البحرين جدياً، في إقامة معرض لتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات يتكامل مع جايتكس، من دون أن يتنافس معه أو يطرح نفسه بديلاً له. التكامل هنا يمكن أن يكون أفقياً بمعنى أن يغطي كل قطاعات تقنية المعلومات والاتصالات، وهو أمر ممكن على أن نحسن اختيار التوقيت، ونتقن وسائل تحديد واستخدام طرق وقنوات الترويج والتسويق، ونبدع في وسائل التنفيذ والمتابعة. ولكن ربما يكون التكامل عمودياً بأن نختار قطاعاً أو مجموعة من القطاعات في تقنية المعلومات والاتصالات ونقيم لها المعارض والمؤتمرات. يمكن على سبيل المثال أن نتناول قطاع بناء وتسويق المحتوى الإلكتروني الذي استضافت البحرين ورشة عمله اليتيمة العام الماضي، ثم لن نسمع شيئاً عنه منذ ذلك التاريخ، على رغم فوز مؤسسات بحرينية ببعض جوائزه الدولية.
ثالث تلك الخواطر كانت، المشاركة الوطنية في جايتكس، بمعنى أن نشارك شركات تقنية المعلومات والاتصالات البحرينية تحت مظلة واحدة هي الجناح البحريني. وللعلم فقد شاركت في جايتكس هذا العام بعض شركات بحرينية من أمثال أنظمة 01 (01 Systems) ، وبن هندي إنفورماتكس، ومنفذ الخليج (Gulf Gateway)، والجامعة العربية المفتوحة، والنديم لتقنية المعلومات، وأزيمث.
قد ينبري هنا من يقول إن صناعة تقنية الاتصالات والمعلومات لاتزال بدائية وفي مراحلها الجنينية، والرد على ذلك: لتكن مشاركتنا أيضاً متناسبة مع تطور هذه الصناعة في بلادنا. ليس المطلوب هنا الحضور الإعلامي، بقدر ما هو المشاركة لفتح المجالات أمام الاستثمار الأجنبي في هذا القطاع الحيوي، من جهة وتوفير فرص احتكاك شركات تقنية المعلومات والاتصالات البحرينية مع الجديد في تلك الصناعة. من الطبيعي بل والمطلوب أن تكون البدايات متواضعة لكنها تحمل بذور النمو والتطور.
رابع تلك الخواطر، ما الحكمة من غياب الإعلام البحريني عن هذه الفعالية التي تحتل المرتبة الثالثة عالمياً على مستوى معارض الصناعة نفسها. فباستثناء صحيفة بحرينية واحدة، لا يلمس المشارك في جايتكس أي شكل من أشكال الحضور الإعلامي البحريني، على رغم الإعلان في جايتكس عن مشروع تدشين المنصة البحرينية المنبثقة من تجاري. كوم (Tijari.com) للتجارة الإلكترونية. وهي منصة التبادل التجاري الإلكتروني بين الشركات (B2B).
خامس تلك الخواطر، هي بطء إنجاز مشروعات كانت البحرين سباقة في طرحها، لكنها لاتزال في مراحل البناء والتشييد، لكن مثيلاتها في دبي تم الإعلان عنها بعد المشروعات البحرينية، إلا أنها الآن في مراحلها النهائية. فمشروع مركز الاستثمار المالي الدبوي يقترب من المراحل النهائية التي تسبق تدشين ممارسته لأنشطته.
لم يكن القصد من وراء سرد تلك الخواطر نكئ الجروح، ولا إشاعة روح التشاؤم. لكنها خواطر عصفت بذهن الكاتب بينما كان يتجول في أروقة جايتكس 2006، وطالما أن الشيء بالشيء يذكر فهناك موجة انتخابية تجتاح دبي لكنها ليست بسخونة موجة الانتخابات البحرينية، ولا تحمل حمى المنافسة التي تسود انتخاباتنا. وعلينا ألا نستغرب أن وجدنا بعد عدة سنوات برلماناً متطوراً في دبي. ألا يقال أن النجاح يجتذب نجاحات أخرى
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1538 - الثلثاء 21 نوفمبر 2006م الموافق 29 شوال 1427هـ