لدينا اربعون دائرة انتخابية (وهو عدد كبير جداً)، ولدينا عشرة مراكز عامة، والآن هناك الحديث عن إضافة مركز عام آخر في الـ «فورمولا 1»، وهذا يعني انه سيكون لدينا 51 مركزاً للتصويت، في بلد لايتجاوز عدد سكانه الحاملين للجنسية نصف مليون انسان. ولو طبق هذا النظام في بريطانيh (واحدة من أقدم الديمقراطيات في العالم) لأصبح لديها أكثر من عشرة أضعاف الدوائر المعمول به حالياً لديها.
ولو نظرنا الى الكويت فسنجد ان الكويتيين ضجوا لانهم كانوا مقسمين الى خمسة دوائر، ومن ثم تمت زيادة الدوائر (في غياب البرلمان) في الثمانينات من القرن الماضي الى 25 دائرة. وعليه، تحركت قوى المجتمع والبرلمان كما شاهدنها في الفترة الأخيرة بهدف اعادة نظام الخمس دوائر، وذلك بهدف تمثيل الأصوات بصورة أكثر عدالة، وبهدف ضبط العملية الانتخابية وابعادها عن التصويت القبلي أو الطائفي.
ان كثرة الدوائر وتوزيعها بالشكل الموجود حالياً يؤدي الى انتاج تشكيلة من النواب يمثلون الانتماءات من دون الوطنية، وذلك لأن الناخب محاصر في مناطق تم تخطيطها على أسس غامضة استهدفت السيطرة على نتائج الانتخابات. وهكذا نجد حاليا ان نحو 16 ألف ناخب في منطقة ما ليس لهم الحق الا في ايصال شخص واحد الى البرلمان، بينما 16 ألف ناخب في منطقة أخرى لهم الحق في إيصال ثمانية أشخاص الى البرلمان. بمعنى آخر، فان قيمة المواطن السياسية في منطقة ما في البحرين تعادل ثمانية أضعاف القيمة السياسية لمواطن آخر في منطقة أخرى.
وعليه هناك المطالبة بإحداث التوازن وتحقيق العدالة، اما ان يسمح للمنطقتين بعدد متساوٍ من النواب، فإما أن تدمج المنطقتان، أويسمح لهما بانتخاب النواب بصورة مشتركة، ضمن ضوابط تمنع اختفاء أصوات الأقلية، وهو ما يطلق عليه «التمثيل النسبي».
ان التمثيل النسبي يتحقق بصورة أفضل مع تقليل الدوائر، ومع وضع ضوابط بحيث يصل الى البرلمان ممثلون لمختلف فئات واتجاهات المجتمع، والتمثيل النسبي هو ما تتجه اليه معظم الديمقراطيات الناجحة والجديدة. أما الدول القديمة في الديمقراطية (مثل بريطانيا) فأبقت على التمثيل من خلال الدوائر ولكنها شرّعت شروطاً كثيرة ووازنت اجراءاتها بحيث يصل الى البرلمان من يمثل أكبر عدد من أفراد المجتمع. وعلى أساس ذلك، فان اعتراضنا على كثرة الدوائر، وعلى المراكز العامة، انما ينطلق من اساسيات المفهوم الديمقراطي للتمثيل العادل للمجتمع. فحتى لو لم يكن هناك تشكيك في سير العملية الانتخابية، فان وجود المراكز العامة (وتكثيرها الآن)، وكثرة عدد الدوائر، جميعها تسير في الاتجاه المعاكس للتمثيل النسبي العادل الذي تسعى اليه الديمقراطية المستجدة. و حتى بريطانيا عندما أنشأت برلمانات داخلية ( البرلمان الاسكتلندي مثلاً) فانها اعتمدت انموذجاً من التمثيل النسبي؛ لأن ذلك هو الاسلوب الأفضل لتكوين البرلمان
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1537 - الإثنين 20 نوفمبر 2006م الموافق 28 شوال 1427هـ