بعد مقاطعة دامت أربع سنوات، أيام قلائل تفصلناً عن اختتام هذا العرس الانتخابي والذي يعد نهاية لبداية حقبة جديدة من العمل النيابي احتدم الصراع فيها في البرلمان الماضي بين بعض الجمعيات السياسية، فضلاً عن المستقلين لتدشن في البرلمان المقبل الجمعيات السياسية المقاطعة (سابقاً) مشاركتها فتدخل مضمار المنافسة إلى جانب المستقلين أمر أسهم في تعدد الخيارات وتعدد التوجهات أمام الناخبين لتشهد بذلك الدوائر الانتخابية منافسات يتوقع البعض أنها ستحسم في الجولة الأولى في حين تمتد المنافسة للدور الثاني املاً في الفوز بالمقعد النيابي، 40 مترشحاً بمختلف الطوائف يحملون أجندة مثقلة بالبرامج الانتخابية... كان للشارع البحريني رأي في التكهن بتركيبة برلمان 2006، «الوسط» قامت بجولة في بعض الخيم الانتخابية لاستطلاع آراء الناس بشأن ماهية برلمان 2006.
قرار المقاطعة قبل أربع سنوات مضت جاء لينقل رسالة اعتراض على التقسيمات في الدوائر الانتخابية بيد أن قرار المشاركة في برلمان 2006 هو لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وفق ما يشير إليه عباس باقر الموظف في شركة ألبا مفصلاً ذلك بأن القرار وإن كانت له رؤية محددة آنذاك اختلف عليها البعض إلا أن الرسالة وصلت بمفهومها المطلوب من جهة و على رغم تأثر تركيبة مجلس النواب العام 2002بوصول كتلة وصفها «بالصامتة» فإن قرار المشاركة أمر من شأنه أن يوصل كتلة إسلامية قوية متباينة التوجهات تبايناً من شأنه أن يخلق صداماً يصب في مصلحة الوطن والمواطن.
قبة برلمان تحتها نار
حظوظ جمعية الوفاق الوطني الإسلامية ستنال نصيب الأسد من تركيبة المجلس الذي ستكون تحت قبته نار وفق توقعه ولن تكون هناك كتل صامتة ولاسيما أن المعايير للاختيار بين مترشح وآخر اعتمدت على أسس مغايرة عما كانت عليه قبل أربع سنوات مضت فإلى جانب الكفاءة والصدقية والشرف الشارع البحريني تعود على أن تكون بعض الجمعيات وبعض الشخوص شماعة لاختياراته لا من باب الثقة فقط وإنما لكونها من أسهل الطرق وأريحها لاتخاذ القرار الصائب وفق وجهة نظر الكثيرين.
قد تبنى قناعات وتخط توجهات وترسم قرارات بناء على تلك (الشماعة) فلربما يأتي يوم تكون الشماعة ذاتها من تبنى عليها العثرات والسلبيات لتقع حين إذ تحت المجهر أمر قد يعيد حسابات الناخبين لما بعد برلمان 2006.
توقعات عباس طالت أيضاً أداء مجلس النواب منوهاً إلى أن التجربة خير برهان وبوجود الكتل المعارضة وتعدد الخيارات والتوجهات لا مجال لدخول كتل صامته أمر من شأنه أن يرمي بثقله على أداء مجلس النواب وإن كان الأداء السابق لا يصل لسقف تطلعات الشارع، ولكن باتباع الأفضلية وتجنب الطائفية قد نحقق ما لم يتم تحقيقه تحت قبة البرلمان السابق.
وبشيء من التفصيل توقع المترشح البلدي السابق حميد عبد الله أن ينال التحالف الرباعي ما بين 20 إلى 21 مقعداً في البرلمان في حين خص الوطنيين بمقعدين وما لا يزيد عن أثني عشر مقعداً للمترشحين المدعومين من قبل جمعيات الطائفة السنية في حين سيحتل المستقلون البقية الباقية من المقاعد، مقسماً المملكة لعدة مناطق تتحد وفق معايير اختيار مترشح دون آخر أولها تلك المناطق التي ستختار بناء على خلفية المترشح السياسية ومناطق أخرى سيكون رأي المجلس العلمائي والتيارات الدينية فيها أساس اختيارها.
بعض المناطق وفق تصور حميد سيمثل التصويت فيها وحدة وطنية وتكريساً للديمقراطية كما هو الحال مع المترشحة منيرة فخرو وعبد الرحمن النعيمي، في حين ستكون مناطق قليلة خاضعة لأيدلوجية طائفية هدفها إقصاء الآخر.
ومن قراءته للوضع الراهن نصح حميد كل من هو غير وفاقي أو لا يتبع في أقل تقدير هذا الاتجاه بعدم الترشح، متمنياً للمناضلين الذين ضحوا بالغالي والنفيس أن تتاح لهم فرصة الفوز في جو ديمقراطي حر تتساوى فيه حرية المترشح بحرية الناخب من دون ضغوطات.
قرارات تحسب على الوطنية
وفي ما يتعلق بأداء مجلس النواب للعام 2002 فقد نوه إلى أن الأداء لم يكن فقط دون المستوى المطلوب بل تعدى ذلك ليخرج بقرارات عكسية من شأنها أن تضر بمصلحة المواطن والنائب الوطني لا يرتمي وفق ما يشير إليه في أحضان مجلس بهذا المستوى معللاً تلك الرؤية بكون القرارات المتخذة فيه ستحسب عليه وعلى وطنيته، أما برلمان 2006 فهو لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
وبشيء من التفاؤل توقعت مساعد المحاسب بجامعة البحرين فتحية سلمان الجار أن يكون برلمان 2006 مغايراً على رغم تدني حظوظ الأكاديميين فيه وغلبة التيار الإسلامي بشقيه.
ومن القطاع نفسه رئيس قسم الدراسات العامة بالجامعة العربية المفتوحة عبد الله يحيى وصف برلمان 2006 بذي التركيبة «العجيبة» نظراً لبروز مترشحين من دون رؤية وآخرين مجنسين، فضلاً عن اقتحام المرأة العمل النيابي إلى جانب دخول قطاع التجار بدعم من غرفة تجارة وصناعة البحرين بعد أن كان حضورهم غائباً في المجلس الماضي.
أيام قلائل تفصلنا عن صناديق الاقتراع والصورة لم تتضح ولن تتضح إلى ما بعد الجولة الأولى وفق ما توقعه عضو جمعية المنبر الديمقراطي حسين أحمد والذي أنتقد أداء المجلس السابق معولاً في ذلك على غياب الكفاءات وأمل أن يصل الأكاديميون للمجلس المقبل على رغم حظوظهم القليلة.
وباعتبار الأكاديميين وسواهم من غير المدعومين من قبل جمعيات سياسية وآخرى دينية ورقة خاسرة أسهم في تضاؤل فرصهم بالفوز مقابل وصول الكتل والتحالفات بغض النظر عن توجهاتها وفق ما أشار إليه أختصاصي تقنية المعلومات بمجلس النواب.
وعلى الرأي نفسه اتفق محمد المحاري مع من سبقه على أن حظوظ الأكاديميين المستقلين ستكون قليلة والثقل الأكبر سيكون لجمعيتي المنبر والأصالة وسيتسم المجلس بالتنوع، إذ رأى أن الشارع البحريني ولأول مرة كان وفق وصفه في «لخبطة» فدخول الجمعيات المعارضة سابقاً أثر بشكل كبير على اختيارات الناخبين ولاسيما أنها تفتقد الرؤية الواضحة لإقناع الجماهير.
إلا أن المحاري كانت له رؤية أخرى في تركيبة المجلس بحيث توقع وصول 8 إلى 10 مقاعد فقط لصالح الجمعيات المعارضة في حين لن تبعد الرئاسة عن المترشح خليفة الظهراني.
برلمان 2006 سيشكل نقلة نوعية في تغير أو رسوخ مفاهيم الشارع البحريني الانتخابية وفق ما يشير به الموظف بالقطاع الخاص خليل أحمد والذي توقع أن يشهد برلمان ما بعد 2006 ردة فعل عكسية إن كان أداء الأخير غير مرض ولا يصل لسقف تطلعات المواطنين وتصوراتهم طول الثماني سنوات الماضية وسيهز قناعاتهم بالولاء لبعض الجمعيات وبعض الشخوص ومعايير الاختيار بين مرشح وآخر في البرلمان المقبل بديهياً ستتغير.
مجلس ضعيف بدخول المرأة
توقعات المتقاعد حمد سلطان أتسمت بالحدة إذ وصف برلمان 2006 بالضعيف لدخول المرأة فيه من جهة ولتوقع انتشار الصراعات الطائفية فيه من جهة أخرى مشيراً إلى توقع احتدام الصراع على رئاسة المجلس بين خليفة الظهراني والشيخ علي سلمان.
هذا وجزم الموظف الحكومي حسن عبد الله الكبيسي بفوز الظهراني بمطرقة المجلس مرجعاً السبب في ذلك إلى ثقة الشارع البحريني بالجمعيات الدينية ورؤيتها من جهة ولأداء الظهراني « الممتاز» في البرلمان السابق من جهة أخرى، على حد قوله.
في حين رأى عبدالعال عبدالله العتيبي أن فوز شيخ علي سلمان غير وارد وأن وضع العشرين سنه الأخيرة في المملكة رسمت صورة واضحة لدى الناس بشأن الخيار الأفضل لاسيما بزيادة الوعي والارتباط بالجمعيات وأنشطتها والتي عززت ثقة الناس متجاوزة المطامع الشخصية والضغوط وتاركة مساحة من الحرية للناخب.
وعلى الجانب الآخر هناك من كان مقتنعاً بأداء مجلس نواب 2002 كالمتقاعد مطر النعيمي، متوقعاً حل قضايا المرأة بدخولها البرلمان ومتمنياً أن ينال المتقاعدون مكاناً في أجندة النواب وملمحاً إلى أن الأربع سنوات المقبلة ستكون الحد الفاصل بين حقبتين وبناء عليها ستتغير بالتأكيد قناعات الناس لاسيما بوصول رموز معينة كان لها باع في المطالبات والاعتراضات وبذلك ستكون تحت المجهر والمحاسبة وسيكون المواطن حينذاك مجبراً على أن يقيم الوضع والتجربة المقبلة ستكون مغايرة بلاشك
العدد 1535 - السبت 18 نوفمبر 2006م الموافق 26 شوال 1427هـ