منذ زمن ليس بالقصير وأصوات النقاد الشاكية من تردي أو تدهور حال الأغنية العربية تبحث عن الذي يلتفت إليها، يسمعها، يناقشها أو يشير إليها. منذ زمن ليس بالقصير وتلك الأصوات الشاكية لا يسمع صداها.
قد لا نختلف كثيراً إذا قلت أن للقنوات الفضائية التأثير الواضح والهيمنة المطلقة في أيامنا هذه على عالم الإعلام ونشر المعلومة، ولكن علينا أن نتصور حجم الكارثة حين نكتشف أن بعض تلك القنوات تعمد إلى نشر المعلومة المموهة والصورة المشوهة لواقع فني يشكو في حقيقته من التشويه. فالكثير أو تكاد تكون غالبية القنوات الفضائية تسعى بالدرجة الأولى إلى زيادة أرباحها ومدخولاتها المادية من أجل الاستمرار، وهذا بطبيعة الحال يتطلب الكثير من الجهد والعمل المضني في استحداث برامج من شأنها أن تحقق ذلك المطلب الملح. ولكن حين يتحقق ذلك المطلب عن طريق البرامج والأفكار السهلة أو الساذجة في أحيان كثيرة، فلابد وأن يكون المشاهد هو الضحية الأولى.
كغيره من البرامج التلفزيونية التي تشكو خلوها من الهدف، والتي تخرج لنا بين الحين والآخر بذريعة الترفيه، خرج لنا من خلال قناة "دبي" الفضائية برنامج "زي النجوم" الذي ظهر للسنة الثانية على التوالي وتقدمة مريم أمين، وعلى رغم الدعاية الإعلامية الكبيرة التي حظي بها هذا البرنامج، إلاّ أننا لم نقرأ أو نسمع عن الهدف من وراء هذا البرنامج، وكل ما سمعناه هي فكرة البرنامج فقط، والتي يمكن تلخيصها بالشكل الاتي:
أن يقدَّم من خلال البرنامج (متسابق - هاو)، متأثر، يمتلك الرغبة أو الطموح - يمتاز أولاً بالشبه بينه وبين أحد نجوم غناء العالم العربي. وعلى المتسابق أن ( يقلّد ) النجم المختار من قبله، وعلى العاملين ضمن فريق البرنامج أن يقوموا بمساعدة المتسابق من خلال المكياج والتدريب المس رحي والصوتي على تقارب الشبه الصوتي والشكلي بينه وبين والنجم المختار. وأن يتقدَّم في كل حلقة خمسة متسابقين يحصل واحد منهم فقط على جائزة الحلقة وقدرها عشرة ألاف دولار أميركي، وشرط الحصول على هذه الجائزة هو إجادة وإتقان تقليد النجم.
الملاحظ من خلال قراءة الملخص خلو البرنامج من الاهداف، والواضح أن البرنامج يندرج ضمن البرامج الترفيهية. ولكن أي نوع من الترفيه سيمنحنا هذا البرنامج التلفزيوني، حين يُسمعنا أصواتاً لا تخلو من النشاز والإرباك وانعدام التجربة، خصوصاً إذا كان المتسابقون مقلدين لـ "نجم" غنائي يعد في حقيقته نشازاً في عالم الأغنية العربية؟! فلنتصور إذاً حجم الكارثة التي ستقع على كاهل الأغنية العربية بعد أن يصنع برنامج "زي النجوم" نسخاً مشوهة من "نجوم" ساهموا بشكل واضح في تشويه صورة فن من أرقى الفنون
إقرأ أيضا لـ "ايمان عباس"العدد 1534 - الجمعة 17 نوفمبر 2006م الموافق 25 شوال 1427هـ