إلى من يهمه... «الأكل»!
وعلى رغم المحك الذي يحدث بين المترشحين والمترشحات، فهناك فئة من الذين يحضرون إلى تلك الندوات الحوارية لا يحرك فيهم ذلك ساكناً، بل على العكس تراهم يضحكون مستهزئين بما يدور من نقاش، فالهمّ الذي يحملونه فوق أكتافهم عند حضورهم هو الأكل الذي سيقدم بعد افتتاح الخيمة الانتخابية أو المنتدى الحواري!
ومن المؤسف حقاً أن نرى مثل هذه الظاهرة تنتشر في كثير من الدوائر. وفي المقابل، قد لا يقوم أولئك الناس بترشيح أحد، فهم من الفئة التي يطلق عليها «المقاطعين»، لكن يقع في أولوياتهم مذاق الطعام، ومستوى التقديم وما إلى ذلك، متناسين دورهم باعتبارهم ناخبين في انتخاب المترشح المناسب، الذي يكون قادراً على تحقيق مطالبهم وإعطائهم بعض حقوقهم المشروعة.
أذكر موقفاً سمعته وشاهدته بأم عيني، عندما كنت أحضر افتتاح المقر الانتخابي لمترشح خارج دائرتي، إذ كنت اجلس في المقاعد الخلفية، وأمامي يجلس أربعة من الشبان بين الحين والآخر يتهامسون ويتغامزون، وقد لفت انتباهي عندما سمعت أحدهم يقول «يا الله خلصونا نبي نتعشى ونمشي»!... في الحقيقة صدمت عند سماعي هذه الكلمات وصرت أراقبهم حتى نهاية الحفل، وعندما حان وقت وجبة العشاء قال أحدهم للآخر: «العشاء هرفي الليلة»، والآخر يقول: «ليلة بكرة في خيمة فلان... العشاء أحسن من هذا».
من الطبيعي أن كل من يشاهد هذا الموقف لن يترجمه إلا إلى أن هؤلاء الشباب همهم في كل ليلة ملء بطونهم بالأكل (البلاش) الذي يوزع على الحاضرين في المقار الانتخابية، من دون أن يرسموا على وجوههم بقعا من الخجل والاحترام.
والذي يستحق الذكر أيضاً، المعاملة التي تحصل عليها تلك الفئة من قبل المترشح النيابي أو البلدي، فتراه يرحب بهم ويجلسهم ويأمر بجلب الماء والعصير لهم، من دون أن يعرف نواياهم تجاهه وتجاه الانتخابات النيابية عموما!
ليس هذا هو الموقف الوحيد، فهناك الكثير... الكثير من هذه المواقف التي نشاهدها في المقار الانتخابية وهي أعظم من هذا، والضحية في كل هذا هو المترشح الذي تنطبق عليه مقولة «يا غافلين ليكم الله».
ونود أن نقول إلى من يهمهم الأكل «كلوا وأشربوا هنيئاً لكم، ولكن لا تنسوا الذهاب في الخامس والعشرين من هذا الشهر لتنتخبوا مرشحكم النيابي لتكونوا من المساهمين في بناء بحرين الحرية والديمقراطية».
سيدعلي محمد سلمان
«ابتعد عمن يحاولون التقليل من عزيمتك، فالإنسان الوضيع هو من يحاول دائماً أن يفعل ذلك، لكن العظماء هم من يجعلونك تشعر بإمكان أن تصبح عظيماً»... (الكاتب الأميركي مارك تواين).
في جامعتي العزيزة يقطن الكثير من الطلبة والطالبات ممن ثابروا واجتهدوا على رغم الصعاب... فتسلحوا بقوة الإرادة والعزيمة وآمنوا بالله سبحانه وتعالى، سهِروا ليلاً مع القمر الوضاء واستيقظوا مع هبوب نسائم الفجر الطاهرة!
عزيزي القارئ إن كنت ترغب في التعرف إلى هذه الشخصيات عن قرب فلتباشر عملية القراءة.
فاطمة طالبة طموحة... تزوجت منذ فترة وهي تدرس في سنواتها الأخيرة، أصبحت امرأة حبلى وها هي ببطنها المتضخم لم تستسلم ولم تنسحب بل واصلت بجد، وصبر وشجاعة، فقد تخطت المباني البعيدة وأشعة الشمس الحارقة وزحمة الطلبة، رغبةً في مواصلة التعليم للوصول إلى أعلى المراتب للارتقاء بهذا الوطن العزيز.
محمد، الطالب المصاب بعاهة جسدية، لبس رباطة جأشه وجعل الأمل والصبر والإيمان شموعا تضيء له طريق التفوق والأمان... متجاهلاً نظرات إشفاق الطلبة عليه، قائلاً في صميم قلبه: «إن الإنسان العاجز هو المعوق عقليا وليس جسديا، وإن باستطاعته الوصول ولو كان على كرسي متحرك، ولو كان فاقدا إحدى عينيه فالنور والقوة الإلهية أكبر من أي شي آخر، وغالبية العظماء والأدباء في هذا العالم كانوا مصابين بعاهات مثل الأديب المصري المميز طه حسين».
أما الطالب علي، فهو يعمل في الصباح ويدرس في الليل بلا كلل أو ملل، بل يعتبر كل هذا جهاداً في سبيل الله «وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون» (التوبة: 105) راغباً في الصعود إلى سلم التفوق بامتياز، متخطياً جميع الصعاب والإرهاق الجسدي فهو يجعل قنديل النور الإلهي نُصب عينيه دائما.
أما الطالبة مريم، فهي ترعى إخوتها الصغار، وتلبي مطالبهم، وتزرع الفرح في قلوبهم، وتحل مشكلاتهم اليومية، فهي بمثابة الأم الثانية لهم... التحقت بالجامعة وتفوقت على رغم المسئولية الكبيرة الملقاة على عاتقها!
«طموحاتي بعيدة وتسطع في ضوء الشمس عالياً، وإن كنت لا أستطيع الوصول إليها إلا أنني أستطيع النظر إليها عالياً لأرى جمالها، وأصدقها وأحاول ملاحقتها»... (لويز ماي ألكوت).
همسة: غالبية هذه الحالات المبينة هنا هي لطلاب تزين أسماؤهم لوحة الشرف في جامعة البحرين... وفقكم الله وسدد خطاكم.
أبرار الغنامي
لماذا يحتاج الحيوان إذا ما أراد الإنسان أن يعلّمه شيئا ما إلى فترة بسيطة جداً ليتعلم في حين نقضي نحن - بني البشر - عمراً بكامله لنتعلم أن نُحسن استخدام عقولنا في شيءٍ واحد؟!
وعلى رغم أن التاريخ قد سجل ولايزال يسجل عباقرة ومثقفين لم تزل أصداء أفكارهم تدوي حتى الآن، فإن عقولاً بشرية كثيرة تصنف تحت أدنى العقول وأرداها، بل وتشحن عقولاً أخرى وتجندها!
ولا نستغرب حين نسمع من الدول الغربية أن الدول العربية تندرج تحت مسمى «الدول المتخلفة»، فكثير منا يستحق أن يطلق عليه حقيقة «متخلف»!
هناك أشخاص كثيرون في مجتمعاتنا العربية أساءوا استخدام عقولهم، وهناك من العقليات الكثير مما يبعث على الحزن والحسرة على أمة القرآن! فالممارسات المسيئة إلى العقل المنتج الذي ينبغي أن يكون خالصاً للخير باتت منتشرة على نطاقٍ واسع، بدءاً من المنزل فالشارع وحتى المدرسة التي ينبغي أن تكون معقل العلم والتربية!
فحين تلازم العصا المدرس في الفصل وكأنها تشرح معه، ندرك أن المدرسة - التي أساء لها بعض المعلمين - لا تصلح لأن تكون مصدراً للتعليم. وقد تكون العصا رمزاً لشيء معنوي دأب المعلم الواعي على اتباعه، فيراه الطلاب وحشاً دكتاتورياً يخافون الكلام أمامه بينما لا يتركون شيئاً سيئاً إلا ونعتوه به من ورائه! وأشد ما يؤسف أن يطرد طالب جامعي من الفصل لأنه تأخر بضع دقائق عن محاضرة، فلو أراد ألا يحضرها لما تعنى وأتى لأجلها حتى وإن وصل متأخراً! لا أرى في هذا الأمر إلا منهج ترهيب يتبعه الأستاذ أمام الطلبة ليقول: «أنا قوي. أنا أملك علمكم أو جهلكم»! في حين أنه يستطيع أن يخبر الطلبة سابقاً وبكل هدوء: «إذا جاء أحدكم بعدي، أفضل ألا يدخل».
ولكن للأسف، لايزال نظام القبيلة سائداً في مجتمعاتنا العربية على رغم كل أبواق الديمقراطية التي ينفخ فيها البعض، ليرأسها زعيم القبيلة الذي لايزال متواجداً بيننا؛ فهناك الأب، فالأستاذ، مروراً بالزوج، ثم ربّ العمل، وانتهاءً بالنظام العربي القائم على زعيم القبيلة الأكبر، وكلٌُّ يُسيء استخدام العقل البشري، ليقول «أنا الكل في الكل. أنا ربّكم»!
فمتى نتوقف عن ذلك؟ فنحن في الحقيقة نسيء للعقل عندما نحيد عن مبادئه، وعندما نملأه بأفكار هي أقرب للانحراف، ونسيء للعقل عندما نطغى في الأرض ونستغل مكانتنا بأن نستعبد من نرأسهم، على رغم أننا في الحقيقة قد وجدنا في هذا المكان بالذات لنخدمهم!
بتول الحجيري
بضع كلمات هي... نرسلها إلى كل من أحب ذلك الإنسان الذي رحل عنا بعيداً.. لكنه في الوجدان باقٍ، وفي القلوب يحيا متسربلاً في خلايا الحب والصفاء والنقاء...
يبزغ الفجر من جديد وذكرى الغائب الحبيب «خالد» ماثلة في الحنايا...
لك نرنو في كل يوم جديد تشرق معه الشمس...
وتفوح معه الزهور بفيض من الشعور... ويتلاشى الهمس...
عدت يا ذكرى الحبيب الغائب...
فاستقبلتك ببسمة ممزوجة بالدمع... كقطرة تحسبها سحائب...
لكنك تعبر كل يوم...
كالشمس ترقى للعلا... فتخرق الغيوم...
كالشمس يا أبا أمين...
كالشمس في بهائها عالية الجبين...
ذكراك باقية...
دعاؤنا لك...
في جنة الخلود مثواك...
يا أيها العزيز .
أم أيمن
كثيراً ما يتردد لفظ الجريمة بين أفراد المجتمع من دون أن يتبينوا ما هي الجرائم وطبيعتها في القانون والجريمة يحددها المشروع الوضعي في ضوء فكره لتنظيم المجتمع.
والنظرية الاجتماعية للجريمة ذات أهمية واضحة، إذ توجه انتباه المشرع إلى الأفعال الجديرة بالتجريم.
وتعرف الجريمة في مدلول القانون الجنائي - بأنها كل فعل غير مشروع صادر عن إدارة جنائية - يقرر له القانون عقوبة أو تدبيرا احترازياً ويقوم هذا التعريف على العناصر الآتية:
أولاً: تفترض الجريمة ارتكاب فعل يشكل الجانب المادي لها فلا جريمة إذا لم يرتكب فعل، ويقصد بالفعل السلوك الإجرامي أي كانت صورته وقد يكون نشاطاً إيجابياً أو سلبياً ومن أمثلة النشاط السلبي امتناع الأم عن إرضاع جنينها فيهلك أو الامتناع عن إغاثة غريق وكان باستطاعة الشخص إنقاذه «كأن يكون له دراية بالإنقاذ».
ثانياً: تفترض الجريمة أن الفعل غير مشروع (غير مصرح به) فلا توجد جريمة بفعل مشروع ويعتبر الفعل مشروعاً وفقاً لأحكام القانون الجنائي وله قواعده الخاصة التي تنظمه ويؤدي ذلك إلى اختلاف الفعل في القانون الجنائي عنه في أي قانون آخر.
ثالثاً: تفترض الجريمة صدور الفعل غير المشروع عن إرادة جنائية فالجريمة ليست ظاهرة مادية بل هي عمل إنساني يسأل عنها ويتحمل العقاب من أجلها ويجب أن يكون الإنسان عند ارتكابه الفعل مدركاً وحراً ومختاراً فإذا انتفى عنه ذلك فلا تقوم عليه مسئولية.
ولكل جريمة جانبان عامان فالجريمة ذات طبيعة مختلفة ولها على الأقل جانبان وهما: الجانب المادي ويتمثل فيما يصدر من الجاني من أفعال ويترتب عليها من آثار والجانب النفسي يتمثل فيما يدور في نفس مرتكبها من علم بالأفعال وما يصدر عنه بإرادته. فالجريمة تقوم على أركان ثلاثة وهي:
أولاً: الركن الشرعي: وهي الصفة غير المشروعة للفعل وخضوعه لنص تجريم من القانون الجنائي.
ثانياً: الركن المادي: وهو المظهر الذي تظهر به الجريمة للعالم الخارجي ويقوم هذا الركن عادة على ثلاثة عناصر: الفعل والنتيجة والعلاقة السببية، فالفعل هو النشاط الإيجابي للجاني والنتيجة هي أثر هذا النشاط في الاعتداء على حق يحميه القانون والعلاقة السببية هي ثبوت أن حدوث النتيجة يرجع إلى ارتكاب الفعل.
ثالثاً: الركن المعنوي: وهو إرادة الجاني التي يقترن بها الفعل وتتخذ أحياناً صورة القصد الجنائي فتوصف الجريمة بأنها عمدية أو تأخذ صورة للخطأ غير المتعمد وعندئذ توصف الجريمة بأنها غير عمدية.
وأخيراً
انتهى قانون العقوبات البحريني إلى هذا التعريف للجريمة وعناصرها وأركانها من تقديره أن بعض الأفعال تمس مصالح المجتمع الأساسية في إطار تقديره أن الجريمة بهذا المعنى تختلف من مجتمع إلى آخر وتختلف باختلاف العصور والأماكن ومن دون الأخذ بوجود فكرة ثابتة للجريمة تصدق على كل المجتمعات
العدد 1534 - الجمعة 17 نوفمبر 2006م الموافق 25 شوال 1427هـ