العدد 1533 - الخميس 16 نوفمبر 2006م الموافق 24 شوال 1427هـ

المجرم بوش ومعنى ارتياحه لحكم صدام حسين بالإعدام

محمد جابر الصباح comments [at] alwasatnews.com

إن الوسيلة الطفيلية، التي عبر بها بوش المثقل الضمير بضخامة المؤامرات وكمها الهائل مع صدام حسين على ما قام به هذا الأخير وما اقترفه من انتهاكات بحق الإنسانية سواء في حربه غير المشرفة ضد إيران، أو مجازره في الدجيل والأنفال، والتي لا يمكن تحت أي ظرف من الظروف، أو أية وسيلة للتبرير، إبراء ذمة بوش كطرف ضالع في تلك الانتهاكات بحق الإنسانية، وتأسيساً على ذلك فإن المنطق السليم والمبادئ الأخلاقية والعدالة والإنصاف جميعها تحتم أن يكون بوش المحكوم الآخر بالإعدام بجانب أداته الطيعة في تنفيذ المؤامرات، التي لاشك في أن بوش وطاقم حكومته هم صانعوها والمخططون لها والمزودون لتلك الأسلحة المستعملة فيها... إن ذلك التعبير الذي أبداه المجرم العالمي بوش، عن ارتياحه لحكم الإعدام الصادر بحق المجرم صدام حسين الذي يعتبر إجرامه تحريضاً واضح المعالم لتنفيذ المخططات الأميركية في أهم جوانبها تلك المتعلقة بالثورة الشعبية الإيرانية، التي لم تخفِ أميركا انزعاجها منها، وخوفها - كما هو حادث حالياً - أن تقلب رأساً على عقب جميع المعادلات التي وضعتها أميركا للمنطقة، وهو أمر يسر شعوب المنطقة المعادين للإمبريالية الأميركية، والفرحين مما تعانيه من صعاب وما تتلقاه من خسائر يومية في صفوف أفراد جنودها، من شأنها أن تهز الكيان الأميركي على المدى البعيد.

وفيما يتعلق بالتحول المروع لحزب البعث، وسقوطه في سيئات الممارسات الفاشستية، إن لم تخني الذاكرة بشأن تعليل علي فخرو لظاهرة انحراف حزب البعث عن مبادئه العفلقية هو نتيجة لتسلط العسكر على قرارات الحزب المؤسسة أصلاً والمبنية على مبادئ القومية العربية في الوحدة كصعيد مشترك والاشتراكية كنظام حكم ترسي العدالة والمساواة وتسقط الفوارق الطبقية والطائفية.

على أنه في ظل ما أسلفنا فلا عجب أن يكون صدام حسين البعثي العسكري فاشستياً قاتلاً بلغ في الدماء على الطريقة الفر تكوينية فاشستيه إقليمية ظهرت وماتت في حدودها وإقليميتها. على أنه في المقابل المفارق لفاشستية العسكري البعثي صدام حسين. نرى فاشستية المجرم العالمي جورج بوش الشريك الأكبر للممارسات الفاشستية، والمعضد لها كما هو واضح من مواقفه المخزية بالنسبة إلى تصرفات المافيا اليهودية الإسرائيلية العنصرية الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني، واعتباره أن ما تقوم به عصابات اليهود الصهيونية من ممارسات فاشستية: «دفاع عن النفس».

وعند هذا المدى نستخلص مما سلف... أنه إذا كان صدام حسين قد تحدد بأنه فاشستي إقليمي، وحكم بالإعدام، فإنه لا يختلف اثنان على أن بوش مجرم وفاشستي عالمي، وبالتالي فإنه يستحق الإعدام هو الآخر كزميله في التآمر على هز استقرار المنطقة التي يتزود العالم منها بحاجته من الطاقة. على أن كل ما طرحناه حتى الآن، وبروز بوش كفاشستي عالمي سبب أكبر وأشد المعاناة والأذى لعموم البشرية، ليس آخر مطافنا في تحليل ارتياح الأحمق بوش لحكم بالإعدام شنقاً، وهذا في اعتقاد بوش إجراء من شأنه أنه سيؤدي إلى إسدال الستار على دور بوش الأسود فيما يتعلق بالانتهاكات الإجرامية ضد الإنسانية التي قام بها صدام حسين بصفة بوش في العملية الإجرامية ضد الإنسانية المحرض والمهيئ والعامل الرئيسي فيه بما قام به من تزيد لصدام حسين بأسلحة الدمار الشامل من كيماوية وغيرها من أسلحة متطورة، الهدف منها لجم الثورة الإيرانية التي برزت كشوكة في خاصرة الامبريالية الأميركية.

وفي ظل هذه الاستخلاصات لا يستبعد الباحث، أن يستنتج أن بوش قد استغل وضع صدام المتهالك فأوحى إليه بالتزام الصمت والتستر على كل ما جرى بينهما (بوش وصدام) من تآمر، ووعده كذباً وخداعاً أن يعمل على تغيير مجرى التحقيق ونتائجه لصالح صدام، ويظهر أن الغريق صدام المتورط في سيئاته من أخمص قدميه حتى قمة شعر رأسه والمحتاج إلى قشة إنقاذ يتمسك بها، قد بلع الطعم، واستكان الى إغراءات الشيطان المغرور بوش، الذي قال لصدام في اللحظة الحاسمة وفي لحظة النيران، إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين.

لذلك كنا نرى صدام حسين وفي ضوء ما أسلفنا يتهجم ويستهزئ بالقضاة ويحقرهم، وهو أمر لا يمكن أن يصدر من متهم تحيط به الجرائم من كل حدب وصوب لو لم يكن وراء تصرفاته سر دفين خادع آتٍ به واستكان إليه.

إنه ومن منطلق ما عايشه صدام حسين فيما يتعلق بتقييمه لأميركا التي كان يراها تنام وتتمدد في المنطقة العربية في ظل سبات عربي تميز بالخيانة والعمالة والخنوع، والتآمر على الشعوب ومعاداتها على فرش من سندس واستبرق، مستكينة إلى أن صدام حسين ليس إلا فصيلاً من جهة تآمرت مع الشيطان وحققت له فصم الوحدة بين مصر وسورية، وأن هذا الفصيل لا يختلف عن ذلك الأصل الذي لم يتردد عن ارتكاب أبشع الجرائم بالقاء أفراد القوة الوطنية المنتمية الى الحزب الشيوعي في برك مياه النار (التيزاب) وشي اجسادهم على صفائح الفولاذ الملتهب بفعل النيران المشتعلة تحته... هل هؤلاء بشر يؤمنون بمبادئ انسانية، وباخلاق إن لم تكن أخلاقاً حيوانية غابية، رحمك الله يا عفلق ورحم الله مبادئك قبل أن يحرفها العسكريون.

وفيما كانت أميركا مع اطفالها من الحكام العرب يعيشون في أحلام سباتهم وينامون على فرش من سندس واستبرق، فإذا بصوت الثورة الشعبية الإيرانية تهز مضاجعهم، وتعكر عليهم أحلامهم فإذا بهم ملوك الكذب والخداع وقد انفضت الشعوب من حولهم، وإذا بصوت الثورة الإيرانية الشعبية ينادي أميركا، إنك بأرض وبمنطقة لها من سيدافع عنها، وإنه ليس من مفر لك يا أميركا الشرور من ان تواجهي مقاومة أهل المجال الذي جئت بقواتك وأساطيلك وجيوشك الصليبية لاستباحته، غير أن أميركا في ظل الأهبل عميل الشعب الأميركي الذي أصبح يساق كالقطيع مثلما تساق شعوب دول العالم الثالث وعلى رأسها الدول العربية. غير أن المنفلت بوش، وهو في ظل انفلاته لم يستطع عقله التائه أن يعود إلى الوراء في مسار التاريخ ليقف عند الدرس الفيتنامي، الذي أوقع أميركا ومن ورائها اليمين المسيحي في ظروف فيتنماتية جديدة في العراق وقبلها افغانستان، ولم يدرك أنه قد ألب العالم ضد أميركا وانه نهايته، ستتحدد بقول حامد قرضاي: إن مصير القوات الأجنبية في افغانستان سيكون مصير القوات السوفياتية نفسه، وصاحب الدار أدرى بالذي فيها!؟

إقرأ أيضا لـ "محمد جابر الصباح"

العدد 1533 - الخميس 16 نوفمبر 2006م الموافق 24 شوال 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً