نقلت وكالة الأنباء الألمانية السبت قبل الماضي (4 نوفمبر/تشرين الثاني)، خبراً من لندن يقول إن رجلاً اعترف بذبحه بجعةً في بحيرةٍ عامةٍ لأنه كان جائعاً!
الرجل اسمه رافينوس شامشو مياه، ويبلغ من العمر 52 عاماً، قُدّم للمحكمة، فاعترف بذبح البجعة باستخدام سكين طعنها بها، ثم تركها تنزف حتى الموت، وبرّر ذلك قائلاً: «كنت أتضوّر جوعاً».
صحيفة «صن» البريطانية الشعبية أشارت إلى أن المتهم كان يتصرّف بشكلٍ مريبٍ في البحيرة، حيث كانت تسبح البجعة. وعندما وصلت الشرطة إلى مكان «الجريمة»، وجدت وجهه ملطخاً بدماء البجعة المسكينة، وآثار ريشها على لحيته.
الـ «صن» نقلت عن ممثل الادعاء أن الشرطة عثرت على البجعة مخبّأة في حقيبته، بينما ادعى محاميه أنه «لم يكن يعلم بأن ذبح البجع ممنوع»! إلى هنا كانت نهاية الخبر، ولا ندري ماذا جرى للجلاّد شامشو مياه... هل حُكم عليه بالسجن أم بالغرامة... أم أخلي سبيله لعدم كفاية الأدلة من دمٍ وريش!
بعد ثلاثة أيام من تلك الواقعة، (الثلثاء 7 نوفمبر)، كان هناك متهمٌ آخر، بقتل بجعةٍ أخرى، وإسالةِ دمائها، وبعثرةِ ريشها، تمّت محاكمته شعبياً في الولايات المتحدة، عبر صناديق الاقتراع، اسمه دونالد رامسفيلد.
هذا الوحش البشري، الذي خطّط لغزو العراق واحتلاله وتدميره وتمزيق شعبه، كان هو أول من ضحّى به رئيسه جورج بوش، ليلة الإعلان عن فوز الحزب الديمقراطي المنافس بغالبية المقاعد في الكونغرس.
المجرم الأول كان جائعاً كما زعم، ولذلك ذبح البجعة وحاول تهريبها من الحديقة في حقيبته، ليطهوها لاحقاً في شقته ويتمتّع بلحمها اللذيذ مع الـ «كاتش أب» والبهارات الهندية. أما المجرم الآخر فلم يكن جائعاً ولا مضطراً، وإنما كان وكيلاً لعصابة «المحافظين الجدد» الذين ادعوا أنهم قادمون إلى الشرق في «مهمةٍ إلهية»، ولم تكن تلك المهمة الإلهية غير الاستيلاء على أكبر مخزونٍ نفطيٍّ في العالم، ووضع اليد على ثروة العراق النفطية، وتهريبها في حقائبهم وبوارجهم!
رامسفيلد الذي كان في بداية الغزو من أكثر المسئولين الأميركيين تصريحاتٍ، وأعلاهم صوتاً، وأكثرهم تبجّحاً وغروراً، نقلت وكالات الأنباء صوره يوم الثلثاء قبل الماضي، وهو يمشي منكس الرأس، متثاقل الخطى، مهزوز الحركات، ولم تفلح حتى كلمات رئيسه بوش المشجّعة في رفع معنوياته، أو محو تلك المسحة الواضحة من الهم على قسمات وجهه.
أربع سنوات، تحوّل ذلك الوحش المتغطرس إلى بجعةٍ يطاردها الرصاص، حتى في ألمانيا تقدّمت جماعات حقوق الإنسان بدعوى قضائية ضده بتهمة ارتكابه جرائم حرب.
كم تمنّيت لو تقدّمت الجامعة العربية بهذه الدعوى، ليس ضد رامسفيلد فحسب، وإنما ضد جميع أفراد العصابة، بدءًا بجورج بوش ونائبه الفظيع ديك تشيني، وليس انتهاء عند كوندوليزا رايس وبول فولفوويتز، ودوغلاس فيث.
في بريطانيا... قدّموا رجلاً إلى المحكمة لأنه قتل بجعةً، فهل يكون للعرب الشجاعة في تقديم رامسفيلد، على الأقل، إلى المحكمة بتهمة ذبح بلدٍ كان يسمى العراق، وقتل شعبه وتمزيق لحمه وتركه ينزف حتى الموت؟
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 1533 - الخميس 16 نوفمبر 2006م الموافق 24 شوال 1427هـ