كان تكسير اللمبات هو مهارة إصابة كما قتل السحالي (مثل الوزق) وبعدها سحلية أم سليمان التي كنا نغني لها (يا أم سليمان سلمي على فاطمة)، وكنا نخاف قتلها لأكثر من واعز أولها ارتباط اسمها بالنبي سليمان وفاطمة ابنة رسول الله، إضافة لوجودها بأسفل الجدران وخارج البيوت عكس (الوزقة). وأم سليمان ليست مؤذية ولا تبصق مثل الوزقة أو هذا ما كنا نتخيله عن الوزقة وأن بصقتها تسبب البرص.

لذا كانت الخرافة والاعتقادات الميثولوجية أساساً في تصورنا للعالم داخل وخارج الفريج، وكانت الخرافة ملح سوالفنا ورعبنا أحياناً.

تخطيط الفريج كان يشبه بيت جحا وربما أكثر تعقيداً، فبيوتنا متلاصقة وغير مربعة أو مستطيلة أو لها شكل معروف هندسياً، فكانت كما اللغز لا تعرف أين يبدأ وأين ينتهي. وكان في مقابل بيتنا داعوس وعلى اليمين واليسار داعوسين. وأتذكر أن الداعوس الواقع جهة اليمين مخصص للعبة الخبصة للبنات ولعبة التيلة للأولاد، فكنا إذا فرغنا من لعبة التيلة لا نترك للبنات مجالاً للعبة الخبصة فكنا نخرب كوماتهن ونرمي خرزهن للمشاكسة ليس إلا. وكنا نستمتع بهذا حتى كبرت بعض البنات وصاروا طوال وتبدو ملامح الجرأة والقوة عليهن فكنا نخاف ونترك الداعوس لهن خاصة إذا كنا في سبيل الذهاب للبحر للسباحة أو صيد السمك أو لعبة أخرى.

كانت الناس في الفريج تعيش داخل بعضها البعض وفي قلوب بعضها البعض، كما كانت تطبب بعضها البعض وتزوج بعضها البعض. وأتذكر أنه كان في بيتنا الكبير مجلس يأتي رجال الفريج كل يوم بعد صلاة العشاء ليشربوا الشاي والقهوة ويسامرون ويتحدثوا في أمور الدنيا. وكان والدي يحاول أن يلمّ بأمور الفريج وأهله بقدر استطاعته ويحل أموره الخاصة والعامة. وحدث أنه وفي يوم ما حضر المجلس رجل غريب من عجمان في الإمارات وكان صياد سمك وغريب عن المكان. وبعد فترة من تردده على المجلس سأله الوالد إن كان متزوجاً فأجاب بالنفي، فحدّث الوالدة أن تبحث له عن زوجة. وكان في الفريج امرأة توفي زوجها وترك لها ثلاثة أولاد وعندما كلّمتها الوالدة وافقت وتم الزواج وعاشوا معاً حتى توفاهما الله ومازال أبناؤهم إخوة وأخوات لنا الجدد والقدامى. وظلت هذه المرأة تزور الوالدة كل يوم مع نساء الفريج حتى انتقلنا لبيتنا الواقع على البحر.