إن المتابعين للشأن الجامعي يجدون أن ما تعرض له طلبة كلية المعلمين خاصة، من انتهاكات كبيرة لحقوقهم الدراسية والإنسانية والاجتماعية، فاقَ كل التصورات، ولا يستطيعون وصف ممارسات وزارة التربية والتعليم وإدارة الجامعة إلا بالاستهداف الطائفي الممنهج لفئة محددة الانتماء من الطلبة، لماذا؟ لأنه في يوم (13 مارس/ آذار 2011) الذي سمحت فيه إدارة الجامعة لمجموعات كبيرة من غير المنتمين إلى طلابها الدخول إلى حرم الجامعة وهم مسلحون بأسلحة بيضاء وأدوات جارحة وخطيرة من عدة اتجاهات في الجامعة، وأخذوا يعتدون بقسوة مفرطة على الطلبة والطالبات، قاصدين إصابة أكبر عدد من الطلبة بإصابات بليغة، وإشاعة الهلع والخوف في أوساطهم أمام أعين أمن الجامعة وإدارتها، وبمسمع من وزارة التربية والتعليم. وبعد أسبوعين من الأحداث المؤلمة وتحديداً في (27 مارس 2011)، شكلت إدارة الجامعة لجنة للتحقيق في هذه الأحداث، وبدأت بالتحقيق مع 499 طالباً، وفي 5 مايو/ أيار بدأت باتخاذ إجراءات تأديبية، وبحلول 18 مايو تم فصل 427 طالباً، وإيقاف 34 طالباً، وتوجيه إنذار نهائي إلى 7 طلاب آخرين. وفي تلك الفترة فرضت على الطلبة التوقيع على وثيقة الولاء، والطالب الذي يرفض التوقيع اعتبرته إدارة الجامعة تنازلاً عن حقه في الدراسة الجامعية، والطالب الذي يخالف بنودها بعد التوقيع عليها تعرضه للفصل. ولم تذكر إدارة الجامعة للجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق المادة القانونية التي استندت إليها حتى سمحت لنفسها اتخاذ مثل هذه المبتدعات البعيدة عن القانون، وما تنص عليه المواثيق الدولية لحقوق الإنسان. وقد جاء في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والثقافية في مادة (13) منه، حسبما أورد تقرير لجنة التقصي في البند رقم (1487)، على أن تقر الدول الأطراف في هذا العهد بحق كل فرد في التربية والتعليم، وهي متفقة على وجوب توجيه التربية والتعليم إلى الإنماء الكامل للشخصية الإنسانية والحس بكرامتها وإلى توطيد احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وهي متفقة كذلك على وجوب استهداف التربية والتعليم تمكين كل شخص من الإسهام بدور نافع في مجتمع حر، وتوثيق أواصر التفاهم والتسامح والصداقة بين جميع الأمم ومختلف الفئات السلالية أو الإثنية أو الدينية، ودعم الأنشطة التي تقوم بها الأمم المتحدة من أجل صيانة السلم. كما أشار التقرير (البند 1489) ما نص عليه دستور البحرين للعام 2002 (المادة: 7 أ)، أن ترعى الدولة العلوم والآداب والفنون، وتشجيع البحث العلمي، كما تكفل الخدمات التعليمية والثقافية للمواطنين، ويكون التعليم إلزاميّاً ومجانيّاً في المراحل الأولى، ويضع القانون الخطة اللازمة للقضاء على الأمية، وينظم أوجه العناية بالتربية الوطنية، وتقوية شخصية المواطن واعتزازه بعروبته. وفي المادة رقم (23 ) من الدستور: (حرية الرأي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما... وبما لا يثير الفرقة أو الطائفية).
وعلى رغم ما ذكرناه آنفاً، تم في فجر الخميس (7 مارس 2013) إلقاء القبض على سبعة من طلبة كلية المعلمين من بين 97 طالباً ممن صدرت ضدهم أحكام قضائية متفاوتة في مددها، على خلفية أحداث الجامعة العام 2011، والتي تم وقف تنفيذها في وقت سابق من خلال دفع أهاليهم غرامات مالية تصل إلى 500 دينار، على رغم أن لجنة تقصي الحقائق، قالت في البند (1491) أنها تبين لها بوضوح أن محققي الجامعة اعتمدوا بصفة أساسية على أقوال بعض الطلبة ضد زملائهم وشهادات سمعية، بالإضافة إلى أدلة ظرفية بحتة. وتضيف أن غير معقول أن يكون فصل مئات الطلبة من الجامعة قد تم بسبب التعرف على صورهم أثناء مشاركتهم في الاحتجاجات والمظاهرات التي حدثت داخل حرم الجامعة.
وقالت في البند (1492) إنه على رغم أن مسئولي الجامعة أكّدوا مراراً لمحققي اللجنة أن الطلاب الذين تمت معاقبتهم هم من ثبت بأدلة قطعية انخراطهم في أنشطة تخريبية وإجرامية عنيفة؛ فإن الأدلة التي قدمتها الجامعة لفريق المحققين لم تشر أبداً إلى وقوع مثل تلك المخالفات. أما بالنسبة إلى الصور التي اعتبرت أدلة؛ فإن محققي اللجنة لم يجدوا في ملفات التحقيقات التي أجرتها الجامعة أية صور قد تشير إلى انخراط أي منهم في أنشطة تخريبية وإجرامية عنيفة داخل حرم الجامعة.
نقول بكل صراحة؛ إذا كانت إجراءات وزارة التربية وإدارة الجامعة ضد طلبتها مخالفة في مجملها وتفصيلها لأبسط القواعد القانونية والحقوقية، كيف بها إذا ما استمرت في ممارسة تلك المخالفات الدستورية والقانونية بعناوين متنوعة ضد عدد كبير من الطلبة المتميزين في دراستهم وأخلاقهم، وتتقصد الكثير من طلبة السنة النهائية في الدراسة؟ لم تتوقف عن تنفيذ اجراءات الانتقام منهم بمختلف الحجج والتبريرات الواهية. وهذا السلوك غير الطبيعي الذي تمارسه الوزارة بالتعاون مع إدارة الجامعة، كان يقصد منه أن يعيش الطلبة تحت ضغوط نفسية شديدة، تجعلهم يتركون الدراسة أو ينخفض تحصيلهم الدراسي بنسبة كبيرة، ليكون مبرراً لحرمانهم من حقهم في الدراسة.
فإذا ما حُوّلت البيئة الجامعية إلى بيئة أمنية، فسيؤثر ذلك سلباً على التحصيل العلمي بكل تأكيد.
وعلى رغم أن المشاركين في أحداث الجامعة الدامية كما ورد في تقرير لجنة التقصي من عدة فئات، فإن الذين حقّق معهم وحوكموا وصدرت ضدهم الأحكام، جميعهم من فئة واحدة، بما يثير المزيد من علامات الاستفهام، فهل هو استهداف طائفي أم هو انتقام من أبناء الوطن المتميزين؟ وكلاهما أمران خطيران على مستقبل التعليم في البلد.
نقول إذا ما كان الذي مورس ضد الطلبة ناتجاً عن تصرفات فردية أو أشخاص ينتمون إلى جمعيات تتبنى أيديولوجيات إقصائية لكل مواطن يخالف نهجها الطائفي أو السياسي، أو صادرة عن جهات رسمية لا تلتزم بتطبيق القانون والدستور في تعاملها مع الطلبة، أليس الواجب الوطني يقتضي تقديم كل من أراد تدمير مستقبل التعليم من خلال استهدافه البغيض لأبناء الوطن إلى المحاسبة القانونية والقضائية؟ أليس ما فعلوه يعتبر جرماً واضحاً بحق حاضر ومستقبل البلد؟ ألم يقتلوا بفعلهم المقيت طموحات الطلبة ويدخلوا اليأس في نفوسهم؟ بالله عليكم، قولوا بكل صراحة: إلى أين يتجهون بمستقبل الوطن إذا ما نجحوا في تنفيذ ما تمليه عليهم نفوسهم الطائفية البغيضة؟ ألم يحن الوقت لإنقاذ ما تبقى من التعليم في كلية المعلمين قبل سقوطه في الهاوية؟ لا ريب أن القلوب الإنسانية تعتصر ألماً كلما انتهكت الحقوق الإنسانية لأي طالب، وكلما سيق عشرات الطلبة إلى المحاكم؛ لأن الخسارة ستكون فادحة على مستقبل التعليم في هذا الوطن الحبيب. ويأمل أهالي الطلبة وقف تنفيذ هذه الأحكام الصادرة ضد أبنائهم وإطلاق سراح المسجونين منهم عاجلاً، ليكملوا دراستهم الجامعية من دون قلق على مستقبلهم.
إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"العدد 3848 - الأربعاء 20 مارس 2013م الموافق 08 جمادى الأولى 1434هـ
للعلم بدءت المداهمات
لطلاب الجامعه والمطلوبين منذ ثلاث ايام مداهمات فاقة التصور مع الاعتقال التعسي البعيض والله خير حافظ ومعين
ماليك حل
بارك الله فيك استاذ
تسلم
بارك الله فيك علي المقال يااستاذ سلمان اصبت الحقيقة