العدد 3844 - السبت 16 مارس 2013م الموافق 04 جمادى الأولى 1434هـ

بروفيسور الطب الجزيئي... بخيـت: سنحمل خريطة جيناتنا على الهاتف النقال خلال عامين

سنحمــل خريطــة جيناتنــا على الهاتف النقال خـلال عاميــن 

16 مارس 2013

«بحر بغير سواحل، بحر هلامي عنيف، لا بدء لي، لا قاع لي، لا عمر لي لكنني

في الجوف ينبض قلبي النزق اللهيف» لمصطفى سند.

هكذا اختصر مدير مركز الجوهرة الطبي الدكتور معز عمر بخيت الحديث في وصف ذاته في شطرين من شعر، ولعل هذا البيت يصف أيضاً العلم الذي تخصص به الدكتور لا نفسه فقط، فبخيت الذي نال الدكتوراه في الطب الجزيئي ومناعة الجهاز العصبي بعد أن تخصص في أمراض المخ والجهاز العصبي ليكون علم الجزيئيات والوراثة بحره الذي هو الآخر ليس له قاع ولا نهاية، يقضي 12 عاماً في مركز الجوهرة الطبي يسبر أغوار علم الوراثة والجزيئيات ليصل إلى الأحدث في هذا العلم.

ويُعتبَر الطب الجزيئي أحدث تخصصات الطب والذي يدرس التركيبة الجزيئية في الخلية وتحديد الأخطاء الجينية والجزيئية الأساسية المسببة لحدوث المرض، كما يقوم بتطوير التدخلات الجزيئية وتصحيحها، وله فروع عدة من بينها علم الوراثة ودراسة المورثات والجينات.

ظاهرة تغزو البحرين... التصلب اللويحي

ويذكر بخيت أن «من الظواهر المخيفة التي تستشري في المجتمع البحريني خلال السنوات القليلة الماضية ارتفاع معدل الإصابات بمرض التصلب اللويحي (MS) وهو عبارة عن مرض مزمن يصيب الجهاز العصبي المركزي ويصيب البالغين بين 20-40 عاماً وله أعراض عدة ما بين قلة الإحساس وضعف العضلات حتى مشكلات في البصر والتوازن».

ويضيف مدير مركز الجوهرة الطبي: «توصلت أبحاث المركز حديثاً إلى أن أجسام المصابين تحتوي على نوع من البكتيريا الخاصة التي تتسبب في تزايد حدة الأعراض، وتقوم توصيات الأبحاث بدراسة سبب وجود هذه البكتيريا في بيئة البحرين وكيفية انتقالها إلى المصابين من الشباب».

يحرص المختصون والباحثون في علم الوراثة والطب الجزيئي في مركز الجوهرة الطبي على تأكيد أهمية التوعية لجميع فئات المجتمع لما لها من أهمية بالغة في الوقاية من الأمراض والتعرف إلى الطريقة المثلى للتعامل مع الأمراض الوراثية؛ لذلك ينظم المركز أياماً مفتوحة ويدعو إليها مختلف جمعيات ومؤسسات المجتمع، كما يقوم بتنظيم رحلات لطلاب المدارس لتقضية يوم كامل داخل المركز يستقون من خلاله أهم المعلومات في الأمراض الوراثية وأسبابها وطرق علاجها، فطلاب المدارس هم نواة المستقبل وأمهات وآباء الأجيال القادمة وبزيادة معرفتهم بشأن هذه الأمراض تصح الأجيال القادمة.

«السكلر»... المرض المنقرض مستقبلاً

ولما لمرض فقر الدم المنجلي(السكلر) من مكانة مهمة في المجتمع البحريني لكونه يُعتبَر من بين أسباب الوفاة الشائعة بين السكان ناهيك عن أنه سبب رئيس في آلالام ومعاناة الكثيرين، دأب الباحثون على تسخير علم الوراثة وطب الجزيئيات في إيجاد حل يسهل حياة هؤلاء ويمنع معاناتهم؛ لذلك أصبح بالإمكان اليوم عمل فحص ما قبل الحمل وهو الذي يجنب الآباء إنجاب أبناء مصابين بالمرض نفسه وذلك باستخدام تقنية التخصيب الخارجي لعدة أجنة بواسطة خلية خالية من الجين المريض وإعادتها في الرحم، وقد أشار بخيت إلى أنها «تقنية متوافرة اليوم في مركز الجوهرة الطبي وتمارس بمهنية عالية، كما أنها من العلاجات التي لا تشوبها أي مساءلات شرعية أو قانونية فلقد صدرت بصددها عدد من الفتاوى؛ ما يجعل الأزواج البحرينيين المصابين بالسكلر قادرين على التوجه إلى المركز وطلب الاستشارة عند رغبتهم في الإنجاب، وهذا ما يجعل البحرين قادرة على التغلب على السكلر خلال سنوات قليلة فقط».

وهذا الفحص من شأنه إنجاب أطفال طبيعين خالين من مرض الأنيميا المنجلية (السكلر)، الذي بدوره ينزع عبئاً كبيراً من على عاتق الوالدين مادياً ونفسياً، ويقلص التكاليف على الدولة والتي تصرف سنوياً في مواجهة هذا المرض؛ لينعم المجتمع بأجيال سليمة ومعافاة تساهم في تطويره بدل أن تكون عبئاً عليه، حسب بخيت.

كما تتواصل الأبحاث في مرض «السكلر»محاولة من المختصين إنقاذ حياة الكثيرين من المصابين بهذا المرض والتقليل من نوبات الأعراض التي يواجهها هؤلاء، وانتهت آخر الدراسات إلى وجود بكتيريا محددة تسكن أجساد مرضى «السكلر» الذين يتعرضون إلى نوبات حادة من الأعراض، كما تخلو أجساد المصابين أصحاب النوبات الخفيفة من هذه البكتيريا، وتصب التوصيات في هذه الدراسة إلى استخلاص سبب وجود هذه البكتيريا في بعض أجسام المرضى وخلوها من أجسام أخرى وكيفية التغلب عليها من أجل نوبات أقل لمرضى السكلر.

الاستثمار الحقيقي في... البحث العلمي

يبدأ بخيت حديثه عن مدى اهتمام دول الخليج العربي والمنطقة بالبحث العلمي بعمل مقارنة يظهر فيها الكثير من الألم والحسرة لواقع البحث العلمي في بلادنا إذ «تبلغ ميزانية (إسرائيل) للبحث العلمي 17 مرة أكثر من ميزانية جميع الدول العربية مجتمعة»، وهذا من شأنه أن يوضح مدى فقر المنطقة لثقافة البحث العلمي وأهميته.

ويشار هنا إلى أن الدول العربية هي الدول الوحيدة في العالم التي لا تملك مجلساً للأبحاث العلمية، إذ أصبحت دولاً تستهلك كل ما ينتجه الآخرون من الملابس والأجهزة حتى الطعام والدواء، وهذا ما يجر وراءه المزيد من الخسائر التي تتكبدها الدول العربية بالإضافة إلى المصاريف الضخمة التي تصرفها في استيراد هذه المنتجات وأيضاً تتكبد هذه الدول خسائر عند عدم ملاءمة هذه المنتجات والأدوية للبيئة المحلية ولأجسادنا؛ لذلك تقوم الدراسات اليوم في مركز الجوهرة الطبي في البحرين بمشاركة من جامعات خليجية عدة على التوصل إلى خريطة جينية خاصة بالمواطن الخليجي تسمح بإنتاج أدوية تناسب خصوصية البيئة الخليجية وتناسب التركيب الجيني الوراثي للإنسان، وهذا ما يُطلَق عليه الطب الشخصي.

ويزيد بخيت: «سيتمكن المواطن الخليجي من حمل خريطته الجينية على هاتفه المحمول بكل يسر وسهولة خلال عام أو عامين فقط».

الفحص... الثورة

هو فحص يُجرَى للطفل خلال أول 24 ساعة له بعد الولادة، بواسطه قطره صغيرة من دم الوليد تُوضَع على بطاقة خاصة، ويتم معرفة التركيب الجيني للطفل من خلاله والعيوب التي تشوب تركيبه وجميع مواطن الخلل المسببه للأمراض لاحقاً؛ ما يسهل الوقاية والعلاج السريع للطفل قبل تفاقم المرض أو صعوبة علاجه عند تأخر التشخيص السريع.

ويُعتبَر هذا الفحص من الفحوص الروتينية في بلاد أوروبا وأميركا إذ يُعَد فحصاً إلزامياً هناك لاستخراج شهادة الميلاد لأي من المواليد الجدد وهذا ما يشيد به اليوم المختصون ساعين لأن يطبق هذا الفحص في البحرين خلال الأيام المقبلة في جميع المستشفيات، بعد أن تم تطبيقه على مواليد مستشفى الملك حمد الجامعي والمستشفى العسكري.

العدد 3844 - السبت 16 مارس 2013م الموافق 04 جمادى الأولى 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً