لم يراع المتبنون لملف التجنيس الرياضي في البحرين مشاعر الشارع الرياضي ولا الصحافة الرياضية الرافضة للتجنيس العشوائي بهذه الطريقة حينما زج بالمجنسين في منتخباتنا الوطنية وخصوصاً منتخبنا الوطني الأول لكرة القدم، فكانت البداية بفوزي عايش والآن النيجيريان جيسي جون وفتاي، ولتسهيل وطأة انضمام هذين النيجيريين للمنتخب أقحموهما مع المنتخب الأولمبي تمهيداً للمنتخب الأول، وهذا ما حدث، وإذا كانوا لم يلتفتوا ولم يراعوا مشاعرنا بعدم قبولنا لغريب في منتخباتنا الوطنية، فعليهم ألا يعاتبوا الإعلام الرياضي حين ينزل عليهم بعنف وغضب في الصحافة والشارع الرياضي الذي يرفض أن يحل هؤلاء محل أبناء البحرين الطيبين... ومع الأسف من هؤلاء؟!
وأبناء البحرين الطيبون هم الذين تحدوا كل الظروف منذ أول يوم لهم في لعبة كرة القدم من أجل الوصول للمنتخبات الوطنية والمشاركة بفعالية معها، بغية رفع اسم الوطن عاليا، وإن كانت الظروف غير صحية والتنشئة غير حضارية والمنشآت في الخيال، ولكنهم قهروا كل تلك الظروف لتجد المملكة نفسها أمام خطوة من نهائيات كأس العالم الأخيرة، فمن كان يتوقع ومن كان يعتقد أن البحرين من الممكن أن نراها في كأس العالم لولا توفيق الله ومجهودات اللاعبين في الملعب، وهم الذين يلعبون بدافع الوطنية لا غير.
والطفرة النوعية في كرة القدم البحرينية أخشى أن تنكسر اليوم بعد أن طال التجنيس المنتخب الأول، وأخشى أن ننام ونصحو على أخبار تجنيس لاعب في كرة اليد والطائرة والسلة كذلك، وكل ما أخشاه أن يفقد المنتخب الوطني علاقته الحميمة بالجماهير البحرينية الحريصة على مؤازرته أيمنا ذهب وحل، ففي السابق الكل يعرف ولا مجال للمجاملة كيف كانت غالبية الجماهير ترفض حتى المباركة بفوز المنتخب وليس الذهاب لاستاد البحرين الوطني للتشجيع، وذلك بسبب الطائفية في الاختيار، والكل يدرك ذلك، والكل أيضا شاهد الميل الشعبي الكبير للمنتخب بعد أن صارت عملية الاختيار عادلة، وصار اللاعب المناسب والأحق يرتدي شعار البحرين ويمثل المنتخب في المحافل الإقليمية والقارية. والسلوك الحضاري لجماهير زعيم الأندية البحرينية نادي المحرق بمقاطعة مباريات ناديها المعشوق والتجمهر سلميا برفع لافتات تعبر عن رأيها، أعتقد أنه مثال يحتذى به، ولا مانع في المقاطعة والتجمهر السلمي ضد سياسة التجنيس في المنتخب الأول، فجلالة الملك دعا إلى التعبير عن الرأي بكل حرية، والدستور والميثاق يكفل هذا العمل، وهذا إن ترجم على أرض الواقع فهو ليس ضد مصلحة البحرين، والتفسير الحقيقي له هو «رفض كل ما يعرقل مسيرة البحرين المستقبلية... ورفض وضع اللاعب البحريني صفرا على الشمال».
وأنا شخصيا أرى نفسي غير متقبل للمجنسين في صفوف منتخباتنا الوطنية، وقلبي لا يطاوعني على التصفيق لهم، فهم لا يحسون بالبحرين وبالشارع الرياضي في البحرين، فهم يلعبون من أجل المال لا غير، وإن خسر المنتخب فلن يبكوا على الخسارة ولن يتأثروا بذلك طالما أن الرصيد في البنك يستقبل المكتوب شهريا من دون نقص مع الترحيب بالزيادة، ولذلك أعطوا اللاعب البحريني الرعاية الكاملة وتعلموا كيف تؤهلون اللاعبين، ووفروا لهم تلك المنشآت الرياضية الحقيقية التي يستطيعون الإبداع فوقها، ثم طالبوهم بالنتائج، فنحن مازلنا متخلفين عن ركب الحضارة الرياضية كثيراً... وسلامتكم!
لحظة...
نجم المنتخب الوطني محمد بن سالمين بكى حينما سجل هدفا في مرمى المنتخب في مباراتنا ضد اليابان في تصفيات كأس العالم الأخيرة متأثرا لخسارة المنتخب وما كتب في الإعلام... بن سالمين أحس بالذنب على رغم أن الأخطاء واردة، وهي على طريقة الموت قضاء وقدر، لأنه فكر لبرهة أنه السبب الحقيقي لخسارة البحرين... هذا هو الإحساس الحقيقي للمواطن الأصيل... الخلاصة... كيف سيكون الحال لو كان جيسي جون أو فتاي... هل سيشعر بمشاعر البحرينيين... طبعاً لا وألف لا..
إقرأ أيضا لـ " محمد أمان"العدد 1561 - الخميس 14 ديسمبر 2006م الموافق 23 ذي القعدة 1427هـ