العدد 1560 - الأربعاء 13 ديسمبر 2006م الموافق 22 ذي القعدة 1427هـ

المهارات

حسن العالي comments [at] alwasatnews.com

شكلياً ونظرياً يبدو أن إمكانات دول المجلس على خلق فرص العمل الجديدة للعمالة الوطنية التي تلتحق بسوق العمل متوافرة وكبيرة. فإذا كانت تقديرات أعداد العمالة الوطنية الداخلة إلى سوق العمل ستصل إلى مليون شخص خلال العشر سنوات المقبلة، ففي أحسن الاحتمالات فإن هذه الأعداد يمكن استيعابها من خلال التوسع في الأنشطة الاقتصادية في السنوات المقبلة خصوصاً مع تحسن أسعار النفط. اما في أسوأ الاحتمالات فإن ذلك العدد يمكن إحلاله محل جزء من العمالة الوافدة والتي يبلغ حجمها حالياً نحو 10 ملايين شخص. وغالباً ما يشير مخططو القوة العاملة إلى أن وجود الأيدي العاملة الأجنبية يعكس توفر فرص العمل في المنطقة وكل ما هو مطلوب عمله هو الاستغناء التدريجي عن العمالة الوافدة واستبدالها بيد عاملة وطنية.

بيد أن ما سيحدث في الواقع لن يكون وفقاً لما حدث في السابق أو ما يحدث حالياً نظراً إلى التصور بأن القطاع الخاص سيلعب دوراً رئيسياً في تنفيذ برامج التنمية والأنشطة الاقتصادية خلال المرحلة المقبلة، لذلك، فان معظم الوظائف التي ستتوافر خلال هذا العقد والعقد القادم ستكون في القطاع الخاص، وليس القطاع العام.

كما أن معظم تلك الوظائف سيكون في حقل المهن الفنية وليس الأعمال المكتبية وذلك لأن التركيز يجري حالياً على تطوير دور القطاعات الإنتاجية والصناعية والأعمال المرتبطة بالمهارات الفنية والتكنولوجية. يضاف إلى ذلك أن ظروف العمل خلال السنوات المقبلة ستكون أكثر تشدداً سواء من حيث الامتيازات الوظيفية المتوافرة أو معدلات الانتاجية المطلوب الايفاء بها. كما أن الحكومة ستتخلى عن دورها كملاذ أخير لمن أغلقت بوجهه أبواب العمل.

لذلك، فإن أحد الأوجه الرئيسية لتحدي تنمية الموارد البشرية في دول المجلس هو نقص المهارات المطلوبة لدى عمالتها الوطنية. وصحيح أن هذا النقص نجم بصورة أساسية عن الاستثمار السريع للموارد النفطية وذلك بمعدلات فاقت معدلات نمو قوة العمل الوطنية، إلا أن المشكلة تهدد بتحولها إلى حال مزمنة. كذلك فإن سيادة دور المنشآت الاقتصادية الصغيرة على الاقتصاد الوطني مثل تجارة التجزئة والخدمات الشخصية والمطاعم ومقاولات البناء قد أفسح المجال لتزايد القوى العاملة الأجنبية نظراً إلى تدني مستوى الأجور التي تدفع من قبلها.

كما تبرز الكثير من التحديات الأخرى من أجل تنمية الموارد البشرية واستخدامها استخداماً أمثل في تنفيذ برامج التنمية المستقبلية خصوصاً مع بروز جيل جديد من الصناعات قائمة على المعرفة الإلكترونية الذي هو بحاجة إلى درجة مرتفعة من المهارات والتعلم من جهة، كما أنه يتطلب عدداً أقل من العمالة من جهة أخرى. إن وضع الخطط اللازمة لتحقيق هذا الهدف يبقى هو المدخل العلمي للتعامل مع الموضوع. إلا أن هذه الخطط لن تكون مجدية إلا بالمبادرة إلى إيجاد الأجهزة التي تملك الإمكانات والصلاحيات الضرورية لتنفيذها. كما أن هذه الأجهزة مطالبة بتبني سياسات محددة لتنمية القوة العاملة الوطنية تستهدف استغلال الموارد البشرية المحلية وغرس القيم المتصلة بالعمل الجاد والانضباط وقبول الاحترافية بما يتمشى مع الانماط الثقافية السائدة في المنطقة

العدد 1560 - الأربعاء 13 ديسمبر 2006م الموافق 22 ذي القعدة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً