العدد 1560 - الأربعاء 13 ديسمبر 2006م الموافق 22 ذي القعدة 1427هـ

"أوقات فراغ"... تجربة تواصل درامي جديد

وسط تطلعات إلى مزيد من شبابية السينما

أكد نقاد سينمائيون مصريون أن فيلم "أوقات فراغ"يعد أول فيلم شبابي يطرح مشكلات الجيل الحالي من منظور أبنائه لاستخدامه لغتهم ورؤيتهم ليعرض الضياع الذي يعايشونه. وأشاروا إلى أن الفيلم يعرض مشكلات الشباب العربي المتعددة وعلى رأسها الفراغ العاطفي والاضطراب النفسي وغياب الثقافة وضعف الانتماء والإرادة.

واعتبروا أن الفيلم الذي أخرجه محمد مصطفى عن سيناريو عمر جمال، كسر حاجز الإنتاج السينمائي، إذ يجسد هذه المشكلات بجرأة غير مسبوقة، وخصوصاً أن كاتبي سيناريو الفيلم من طلبة الجامعة وجزء من شباب هذا المجتمع ، وجاءت تجربة هذا الفيلم لتوصل شكلاً درامياً جديداً إلى الساحة الدرامية العربية، وهذا بدوره ما حدا بجميع القائمين على جهاز السينما إلى الاهتمام به وشاركهم في ذلك كل المتهمين والمسئولين عن الشباب والباحثين عن حلول لمشكلات هذا القطاع الاجتماعي المهم، وخصوصاً الأفلام التي تقدمها السينما، لذلك فإن الأفلام التي تناقش مثل هذه القضايا تستلزم اتجاهاً خاصاً في الإنتاج يسعي وراء تجسيد هذه المشكلات للوقوف على حلول سوية لها، وأنه من المؤسف أن السينما العربية لاتزال حبيسة اتجاه الضحك للضحك.

ويرى بعض النقاد أن المتوقع خلال الفترة الراهنة عدم تكرار مثل هذه التجربة التي تناقش مشكلات الشباب بشكل جاد، وأنه عندما يتجه منتج سينمائي إلى عمل فيلم يكتبه طلبة جامعة، لا يعرفهم أحد، فإن ذلك يعبر بحق عن مغامرة غير محسوبة النتائج، وتزيد المغامرة عندما يكون هذا الفيلم يبحث عن حلول لمشكلات جادة كالبطالة والتدهور الأخلاقي والاختلاط بين الذكور والإناث، ولكن تأتي هذه التجربة بمثابة دعوة إلى إنتاج الأفلام الجادة التي تمس الكيان المجتمعي وللتخلص من نزعة السطحية الدرامية التي تغلب على الاتجاه الدرامي في هذه الآونة.

وهذا بدوره، دعا البعض إلى القول إن "السينما بدأت في تغيير جلدها، وأتاحت للشباب فرصة كبيرة للمشاركة في التعبير عن همومهم"، فالخريطة السينمائية تغلب عليها السمة الشبابية وربما يكون فيلم "عمارة يعقوبيان"، الذي شارك فيه عدد كبير من مخضرمي السينما المصرية تحت قيادة مخرج شاب وهو مروان حامد، معبراً بصدق عن هذه السمة الثابتة، ومثله فيلم "ضحك ولعب وجد وحب" لطارق التلمساني الذي هو تجربة تستحق المناقشة وخطوة مهمة تؤكد الاتجاه الجديد إلى منح الفرصة للشباب، لكي يعبروا بحرية جادة عن حياتهم على شاشة السينما.

الاستعانة بالشباب

ومن ناحية أخرى، تقول المونتيرة السينمائية دنيا فاروق: "إن الاختلاف أحد أهم سمات الحياة، فالجيل الجديد مختلف كثيراً عن الأجيال التي تسبقه، ولذلك لا مناص من الاستعانة بشباب هذا الجيل المختلف لكي يعبر عن المجتمع وما فيه من مشكلات وتحولات، فمن غيره يستطيع أن يقوم بهذا الدور؟ وكذلك على القائمين على السينما أن يوفروا الفرص المناسبة للشباب ليتقدموا بأفكارهم للتعرف إلى الطريقة التي يفكرون بها، ويتعرف الأهل إلى ما يدور بخلد أولادهم وليكونوا على استعداد دائم لمواجهة ما يعصف بالشباب من مشكلات، فالملاحظ أن فيلم (أوقات فراغ) ليس متحيزاً للدين كما يدعي البعض وليس ضد الدين في الوقت ذاته، بل استطاع هذا الفيلم بحق أن يصل إلى المستوي القياسي الفني والفكري في آن واحد؛ لأنه جعلنا نخرج ونفكر ونحاول الإجابة عن أسئلة كثيرة أثارها الفيلم في داخلنا".

وتضيف "أرفض ما يقوله البعض إن أفلام الشباب التي شهدتها السينما حديثاً نسخة واحدة تعيد نفسها بمعالجات متباينة، والواقع من وجهة نظري أن كل الأفلام التي تتناول مشكلات الشباب تعبر عن تنوع واختلاف بَيِّن، وخير دليل على ذلك أن تجربة طارق التلمساني (ضحك ولعب وجد وحب) تعد خير شاهد على تجسيد السير الذاتية على شاشات السينما، ومن ثم لا يمكن القول إن الهدف منه تجسيد مشكلات الشباب بقدر ما هو محاولة نقل واقع الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في فترة الستينات من القرن الماضي، ثم جاء فيلم (أسرار البنات) ليناقش كل ما يحدث وراء الكواليس في عالم البنات، لكن فيلم (أوقات فراغ) حال فريدة لماله من جرأة غير مسبوقة في مناقشة قضايا الشباب عموماً".

"إحنا التلامذة"

ويذكر الباحث السينمائي مجدي عبدالرحمن أن بداية سينما الشباب تعود إلى نهاية العقد الخامس من القرن العشرين عندما أخرج المخرج الراحل عاطف سالم فيلم "إحنا التلامذة"، وذلك الفيلم كان جريئاً في حين جاء بمثابة دعوة إلى الانفتاح والتحرر من منظومة القيم والتقاليد العقيمة التي سيطرت على المجتمع المصري عقب قيام ثورة 23 حزيران العام 1952، ومن ثم كان هذا الفيلم صدمة هائلة للمجتمع وضربة في الصميم وصرخة من أجل أن يستيقظ المجتمع من أجل مستقبل الشباب، ويخلص من ذلك كله إلى أن السينما الآن تسعي جاهدة إلى تغيير جلدها، وذلك استجابة لرغبة الشباب العارمة في المشاركة الفعالة على صعيد صناعة السينما لتكون هذه الصناعة شبابية خالصة، ومن ثم تصبح منفذاً حراً يعبر عن آلام هذا الجيل الذي يعاني من بطالة واضطراب أخلاقي وثقافي

العدد 1560 - الأربعاء 13 ديسمبر 2006م الموافق 22 ذي القعدة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً