أصبحت عمليات التجنيس تنخر بشراهة في جسم الرياضة البحرينية؛ لتنطلق بعدها سريعة في اغتيال المواهب التي تخرجت على هذه الأرض، وما كان استقطاب النيجيريين جيسي جون وفتاي وإشراكهما في المنتخب الأولمبي في دورة الألعاب الآسيوية التي خرج منها المنتخب من الدور الأول، إلا طريقا نحو الدخول في الفريق الوطني الأول، وهو ما حصل فعلا في القائمة المستدعاة من مدرب المنتخب الوطني الألماني بريغل والتي لم تكن مستغربة بتاتا، ليدخل هؤلاء في طريق لاعبينا المواطنين في التشكيلة الأساسية ويظل كرسي الاحتياط مرتعا للاعبينا.
حينها نتساءل، هل سيكون لزاماً على جمهورنا الزحف وراء منتخبنا لتشجيعه، وهو الذي سيشجع في هذه الحال أكثر من لاعب متجنس، أم سيكون عيباً عليه أن يمد يديه للاعب غير مواطن، وعدم الاستماع إلى المطالبات التي سيتغنى بها الاتحاد ودعواته بالحضور المكثف لأية مباراة، خصوصا إذا نظرنا إلى إمكانية أن يعمل الألماني بريغل على استبدال فريق بأكمله من اللاعبين المواطنين وجعله مشابهاً لمنتخب قطر، إذ يغدو غالبية لاعبيه من المجنسين، والسبب معروف وهو أنه يريد تحقيق النتيجة فقط لا غير وبالتالي فإن على الاتحاد أن يظل صامتاً حتى يحقق أهدافه فقط، وليس أهداف الكرة البحرينية المستقبلية.
ولعل المثال الأكبر تمثل في تشكيلة المنتخب الأولمبي الذي كان أربعة أسماء من تشكيلته من المجنسين، وهم النيجريان جيسي جون وفتاي، ومحمد عمر وفوزي عايش، «والخافي أعظم»، والذين كانوا الضربة التي ستكسر ظهر البعير مستقبلا، وخصوصاً أن هذا المنتخب يعد الرافد الأول للمنتخب الوطني الكبير، وحينها جلس لاعبونا البارزون والموهوبون إسماعيل عبداللطيف وعبدالله الدخيل وغيرهم على دكة الاحتياط يعانون الأمرّين، مر الجلوس على كرسي أحق لغيرهم من المجنسين، ومر الضغوط التي تصب عليهم نتيجة المواطنة التي تطالبهم ببذل المزيد حين الدخول في آخر عشر دقائق لتغيير الوضع، ولعل مباراة كوريا الجنوبية الأخيرة كانت دليلا على ذلك، بعدما فضّل المدرب كريسو جيسي الذي أضاع فرص التأهل بأكملها منذ الدقائق الخمس الأولى من اللقاء، وفضّله على عبداللطيف والدخيل اللذين لم يستطيعا فعل أي شيء وهما اللذان اشتركا بعد انتصاف الشوط.
هذا الوضع تمهيد على ما يبدو لما ستكون عليه تشكيلة المنتخب الأول، فمثلا محمد عمر سيأخذ مكان العائد قائد الفريق طلال يوسف واحتياطه محمد حبيل، وجيسي سيلعب بدل علاء حبيل أو حسين بيليه أو عبداللطيف أو الدخيل أو راشد جمال أو جعفر طوق، وفتاي سيلعب مكان محمد بن سالمين أو احتياطه حسين سلمان، كما خطف عايش «الاحتياطي في فريقه المحرق والأساسي في المنتخب» مكان سيد محمود جلال، ومن هذا المنطق أعيد نصيحتي التي ذكرتها مرارا بأن ننصح لاعبونا المواطنين ألا يجهدوا أنفسهم من أجل الانضمام إلى المنتخبات الوطنية التي تعد شرفا لأي لاعب كما يصرح اللاعبون أنفسهم، وهنا يجب أن نقول مثلا لحسين علي أو علاء حبيل وغيرهم المهاجمون الكثير بأن يكتفيا باللعب في الدوري القطري ويكتفي البقية باللعب في الدوري المحلي؛ لأن جون وحتى ربما البرازيلي ريكو يمكن أن يصلا إلى هذا المركز بسهولة التجنيس غير المخطط، وعلى طلال يوسف أن يعيد قرار العودة إلى المنتخب ذلك أن أمثال عمر سيحجزون المركز، وعلى ابن سالمين أن يركز على انتشال العربي القطري من محنته أفضل من التركيز على المنتخب ؛لأن فتاي سيكون مكانه، وكذلك حراس المرمى ؛لأن هناك حراسا في الطريق إلى التجنيس، وبالتالي فإن حتى على لاعبي الفئات السنية بالتوقف عن اللعب؛ لأنهم حين يكبرون لن يلعبوا للمنتخب وسيكون هناك غيرهم في المكان المستحق لهم أصلا.
معادلة بسيطة
تعالوا لنناقش هذا الوضع، هل يحق لأي لاعب لا يشترك أو هو احتياطي في فريقه أن يشارك في التشكيلة الأساسية للمنتخب، كما هو الحاصل مع لاعبي المحرق جيسي وفتاي وعايش والأول والثاني ليسا مسجلين بتاتاً في قائمة الفريق، فيما الثالث يلعب احتياطياً، ولعل أبرز مثال هو مثال مدرب المنتخب البرازيلي الجديد دونغا الذي أكد ويؤكد أن على أفضل لاعب في العالم رونالدينهو أن يلعب جيدا أو أنه سيكون احتياطياً، فيما هو يلعب كل دقيقة مع برشلونة ويتألق، وهنا الحالة عكسية، فلاعب يلعب مع فريقه ويتألق وهو أفضل لاعب في العالم ويكون احتياطيا مع المنتخب، ولدينا الثلاثة احتياط في الفريق وأساسيين في المنتخب، «وهي معادلة صعبة يصعب حلها لدينا».
هذا الوضع يعني للكثير من المتابعين والمحبين لهذا المنتخب المسمى بـ «الوطني» أن هم المسئولين في هذا البلد أمسى تحقيق الإنجازات بغض النظر عن فحوى هذا الإنجاز أو من يحققه، أو سيحقق ذلك صدىداخل البلد نفسه، ويدل على أن المسئولين لا يهتمون للشأن المحلي من جماهير وصحافة ومتابعين يطالبون بإيقاف سياسة التجنيس الفاشلة وأن المهم هو النتائج الآنية فقط لاغير
إقرأ أيضا لـ "محمد مهدي"العدد 1559 - الثلثاء 12 ديسمبر 2006م الموافق 21 ذي القعدة 1427هـ