العدد 1559 - الثلثاء 12 ديسمبر 2006م الموافق 21 ذي القعدة 1427هـ

الكتابة مهنة الضمير!

محمد العثمان Mohd.Alothman [at] alwasatnews.com

عمل الكاتب الصحافي متعلق بالضمير، وهو يقوم بأقدس المهمات في المجتمع، ومادامت كذلك، فإنها قد تكون في الوقت نفسه من أخطر المهمات في المجتمع إذا ما انحرف عن الطريق السوي الذي من أجله سميت مهنة الضمير.

الكتابة بمراعاة شرط الضمير تتطلب الكثير من الأمور، فالكتابة الضمائرية - إن جاز التعبير - يحوز بها الكاتب رضا الله والنفس والناس، ولكن الناس أيضاً لا يرضون جميعاً عما يكتبه الكاتب الملتزم بقضايا الوطن والمواطنين جميعاً بلا تفرقة، ورضا الناس جميعاً أمر مستحيل، إذاً رضا الشريحة الأكبر، هو من الأمور التي يسعى إليها الكاتب. وأقصد هنا الكاتب المستقل غير المنتمي إلى جهة أو يمثل طائفة أو يدافع عن مصالح فئوية، الكاتب المستقل الذي يضع مصلحة الوطن بمختلف تلاوينه وأطيافه، والمواطنين بمختلف انتماءاتهم وسلالاتهم وأعراقهم ومذاهبهم قبال عينيه حين الكتابة، الكاتب الذي يرهن قلمه من أجل المصلحة العامة وخدمة الصالح العام والمبادئ السامية الرفيعة.

أما الكاتب الذي لا يرى إلاّ من ثقب مصلحته الشخصية: مالية/ وظيفية/ واسطة يحصل عليها من فلان أو علان... إلخ، أي الكتابة المصلحية، التي يبتغي منها غرضاً شخصياً، فهو كاتب نفعي انتهازي، تهبط كتاباته إلى النفعية الارتزاقية ويدندن حول مصالحه، متدثراً تارة بالدفاع عن الطائفة، وتارة أخرى عن القبيلة، وغيرها عن الأمن والاستقرار، وكأن بقية الكتاب هم مجموعة من الوحوش الكاسرة التي تبتغي من وراء ما تكتب تقويض أسس المجتمع وهدم أركانه.

الكاتب الذي يكتب بضميره اليقظ هو من يدافع عن الفقراء والمساكين في بلد نفطي، هو الكاتب الذي يطمح إلى دولة المواطنة في بلد تتجاذبه القوى الطائفية، هو الذي يدافع عن سيادة واستقلال الدولة والقضاء في بلد تتهدده ذئاب القوى الامبريالية وتقوض أركان سلطته القضائية التعيينات الانتقائية.

الكتابة مهنة الضمير، وصيانتها تقع بالدرجة الأساس على النخب المثقفة من مختلف الطبقات السياسية الوطنية، وأيضاً تلك مهمة الجمهور، حتى وإن كان في غالبيته غير واع، أو جرت عليه عملية تزييف طائفي أو نفعي انتهازي من جراء ما تضخه الأنظمة المتخلفة من أموال لاستمرار وديمومة حكمها واستئثارها بالثروات.

إذاً... مهنة الكتابة مسئولية وطنية، يسمو فيها الكاتب على الطائفة والقبيلة والعرق، والمصالح الشخصية. مسئوليةٌ حقيقٌ بممتهنها أن يدافع عن مبادئ سامية وقيم رفيعة في مقدمتها المواطنة.

«عطني إذنك»...

الله يشهد والملائكة والناس أجمعون، حتى من يدّعي الكاتب أنه يدافع عن مصالحهم، والكاتب نفسه أيضاً، يعلمون أن ما يكتبونه كذب وبهتان وتزييف لوعي الناس ودفاع عن مصالح متنفذين، فهذا الكاتب - الكاذب المتملق (اللفد)، يعلم أنه عينه الذي يكذب على الناس، وكفى بالكذب والتزوير والتزييف فضحاً لأصحاب الأقلام و «المصلحجية» الذين انفضح أمرهم وسقطت ورقة التوت التي طالما داروها يميناً ويساراً ليستروا عوراتهم عن أعين الناس

إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"

العدد 1559 - الثلثاء 12 ديسمبر 2006م الموافق 21 ذي القعدة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً