أكثر من حاول أن يسبر أغوار الكتاب، كان يحيى عبدالمبدي الذي نشر مراجعته للكتاب في موقعي: تقرير واشنطن وإيلاف في آن.
يستهل عبدالمبدي قراءته بتمهيد يصف فيه صورة كارتر في نظر العالم فيقول: «نظر معظم الناس حول العالم إلى الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر بوصفه داعية للسلام العالمي ومدافعاً عن حقوق الإنسان وصاحب سياسة قائمة على أسس أخلاقية».
وينتقل من ذلك ليتناول ما أثاره الكتاب من انتقادات واسعة في وسائل الإعلام الأميركية «التي لم تعتاد على هذا النوع من معالجة القضية الفلسطينية»، إذ «يتعرض كارتر لهجوم شرس من رموز المحافظين والإذاعات اليمينية لدرجة اتهامه بمعاداة السامية».
وعن مكونات الكتاب يقول عبدالمبدي: إنه يقع «في 264 صفحة ويتكون من 16 فصلاً ومقدمة وخاتمة بالإضافة إلى ملاحق تحتوي على نص اتفاقية كامب ديفيد وقرارات الأمم المتحدة: القرار 242 لسنة 1967 و338 لسنة 1973 و465 لسنة 1980، ومسودة المبادرة العربية للسلام، ورد «إسرائيل» على خطة خارطة الطريق في مايو/ أيار 2003، ذلك بالإضافة إلى العديد من الخرائط التي توضح تطور الصراع العربي الإسرائيلي منذ قرار الأمم المتحدة العام 1947 بتقسيم فلسطين وحتى الآن».
ويبدو أن كارتر أراد أن يبني استنتاجاته وما يدعو له بتقدمة تاريخية كانت «عبارة عن تسلسل تاريخي للأحداث الكبرى التي شهدتها الأراضي المقدسة منذ انتقال إبراهيم عليه السلام من العراق إلى أرض كنعان وحتى مقاطعة الولايات المتحدة وأوربا حكومة حماس مع التركيز على تطور الصراع العربي الإسرائيلي. ويقول كارتر في مقدمة هذه الفصل الصغير إن مراجعة التطورات التاريخية التي مرت بها منطقة الشرق الأوسط ربما تكون أفضل وسيلة لفهم الواقع الجاري».
وكما هو متوقع، فمن الطبيعي أن يحتل اتفاق كامب ديفيد الذي كان كارتر عرابها الأساسي، والتي شارك فيها الرئيس المصري السابق أنور السادات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق مناحيم بيغن حيزاً مهماً في الكتاب، فتتناول «الفصول الخمسة الأولى من الكتاب خبرة وذكريات الرئيس كارتر الشخصية مع الصراع العربي الإسرائيلي وعملية السلام، حيث بدأ بسرد تفاصيل أول زيارة قام بها لـ «إسرائيل» العام 1973 قبل أن يصبح رئيساً. وكيف أن هذه الزيارة قد كشفت له عن واقع جديد لم يكن يعرفه من قبل عن طبيعة الحياة في «إسرائيل» وتفاصيل معاناة اللاجئين الفلسطينيين في الداخل والخارج. ثم يتحدث عن فترة رئاسته التي كانت إحدى أولوياتها تحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط مستهلاً بتوضيح كيفية تأثير حرب أكتوبر/ تشرين الأول 1973 في تغيير موقف «إسرائيل» الذي يسيطر عليه منطق القوة والتفوق العسكري. ويكشف كارتر في صفحات هذه الفصول عن تفاصيل وجهود اتصالاته المكثفة والمطولة مع اللاعبين الأساسيين في الصراع خاصة مناحم بيغن وأنور السادات، وتطرق كارتر إلى الحديث عن فشل جهوده لإقناع سورية والأردن ومنظمة التحرير بالتفاوض».
بعد ذلك، يرصد عبدالمبدي متابعة كارتر لأسباب إخفاق كل جهود السلام عبر الإدارات الأميركية المختلفة قائلاً: «إنه ومنذ معاهدة السلام بين مصر و(إسرائيل) العام 1979 أريقت دماء كثيرة بلا ضرورة، وتكرر مشهد فشل مبادرات السلام واحدة تلو الأخرى بين (إسرائيل) وجاراتها في خلال سنوات إدارة الرئيس ريغان ومن بعده جورج بوش الأب. ويضيف كارتر أن هناك عائقين أمام إقامة سلام حقيقي ودائم في الشرق الأوسط هما:
1- بعض الإسرائيليين يؤمنون بأن لديهم الحق في احتلال والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية وتبرير ذلك.
2 - بعض الفلسطينيين يباركون العمليات الانتحارية ويعتبرون منفذيها شهداء وتصوير قتل الإسرائيليين على أنه تحقيق انتصار.
ونتيجة لذلك هناك - طبقاً لوجهة نظر كارتر - دائرة مفرغة تنشأ بسبب القمع الذي تمارسه (إسرائيل) ضد الفلسطينيين من جهة ورفض الجماعات المسلحة الفلسطينية الاعتراف بـ (إسرائيل) والرغبة في تدميرها من جهة أخرى.
وتصبح محصلة هذه الدائرة المفرغة من العنف مقتل وإصابة الآلاف من الضحايا وتراجع آمال حلول السلام في الأفق»
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1559 - الثلثاء 12 ديسمبر 2006م الموافق 21 ذي القعدة 1427هـ