العدد 1558 - الإثنين 11 ديسمبر 2006م الموافق 20 ذي القعدة 1427هـ

تقرير بيكر والمعادلات الجديدة في العراق

علي الشريفي Ali.Alsherify [at] alwasatnews.com

-

على رغم أن الرئيس الأميركي جورج بوش ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي هما المعنيان الرئيسيان بتوصيات لجنة دراسة العراق التي أعدت برئاسة بيكر-هاملتون، فإنهما لم يعلنا حتى الآن عن رأيهما الواضح من هذه التوصيات.

فبوش مازال بانتظار رأي مستشاريه في العراق بعد أن التقى زعيم كتلة الائتلاف العراقي (شيعي) عبدالعزيز الحكيم، ومن المقرر أيضا أن يلتقي اليوم أحد زعماء كتلة التوافق (سني) طارق الهاشمي قبل أن يعلن استراتيجيته الجديدة بشأن العراق خلال هذا الشهر. لكنه وعلى رغم انتظاره لما ستؤول إليه مشاوراته كان أول رد فعل له على التقرير هو الاشادة بحذر، عندما قال إنه قدم توصيات مهمة عن كيفية احراز تقدم في العراق.

لكن كيف كان رأي الأميركيين من التقرير؟

تقول أحدث استبانة أميركية أجريت بشأن التوصيات إن المؤيدين لتقرير اللجنة هم ضعف الرافضين له، كما أن الديمقراطيين والجمهوريين (عدا اليمين منهم) اتفقوا بشكل متفاوت على ما جاء في التقرير، لكن تبقى مسألة اعتماده من رفضه مرهونة بموافقة الرئيس الأميركي. وإذا كان الرئيس الأميركي نفسه ملزماً الآن بارضاء الشعب الاميركي أو على الاقل أعضاء الكونغرس الاميركي، فإن المالكي مجبر ايضا على ارضاء الكتل السياسية التي تشكل الحكومة العراقية، وهي في مجملها منقسمة بشأن التقرير قبل أن يعلن المالكي رأيه الصريح بالتوصيات، وانقسام الكتل العراقية (الشيعية، السنية، الكردية) يبدو هذه المرة اكثر تغيراً عن مواقف اختلافهم في المرات السابقة.

فماذا كانت مواقف هذه الكتل، وكيف اختلفت بشأن التقرير؟

الواضح من تصريحات قيادات الكتل السياسية العراقية أن الاكراد هذه المرة اكثر المعارضين للتوصيات الاميركية بشأن العراق، تتبعهما بدرجة اقل الكتل الشيعية وبعدهما الكتل السنية التي ايدت بمجملها التوصيات الواردة في تقرير بيكر-هاملتون.

رئيس اقليم كردستان العراق مسعود البرزاني كان الاسرع بين القادة العراقيين في توضيح وجهة نظره بخصوص التقرير، إذ انتقده بغضب واضح ووصفه بأنه «غير موثوق»، وأكد في رده على الفقرة (2) من تقرير بيكر بشأن «دعم وحدة العراق وسلامة اراضيه» بالقول: إن الحفاظ على وحدة الاراضي العراقية يأتي فقط من خلال الالتزام بالدستور الذي صوتت لصالحه غالبية الشعب العراقي. كما انتقد سعي لجنة دراسة العراق إلى تقوية الحكومة المركزية وإضعاف السلطات الاقليمية واعتبر أن الفدرالية هي الاساس الذي تبني عليه الدولة العراقية الجديدة ويجب الالتزام بها، مثلما انتقد توصية بتأجيل الاستفتاء على مدينة كركوك الغنية بالنفط.

وفي الاتجاه نفسه رفض الرئيس العراقي جلال الطالباني (كردي) التقرير الاميركي وقال إنه يتعامل مع العراق على انه مستعمرة اميركية. كما انتقد رئيس حكومة اقليم كردستان نيجيرفان بارزاني التقرير لان اعضاء لجنة دراسة العراق لم يزوروا الاقليم قبل اعداد التقرير. كما انتقد احد الزعماء الاكراد في البرلمان العراقي (محمود عثمان) التقرير عندما وصفه بأنه « ليس عادلاً»، فيما اعرب وزير خارجية العراق هوشيار زيباري عن «هواجس جدية» تجاه التقرير.

كانت هذه مواقف الكتل الكردية فكيف وجدته القوى الأخرى؟

عموماً يشعر الزعماء الشيعة في العراق الآن بأنهم متهمون بالفشل في تحقيق الامن والمصالحة الوطنية وهو شعور قد يضفي على المواقف الرسمية تنازلات سياسية لبعض الكتل الاخرى. وفي الوقت الذي ايدت فيه كتلة «الفضيلة» معظم ما جاء في التقرير، قال عبدالعزيز الحكيم وهو كما هو معروف زعيم اكبر ائتلاف شيعي في العراق إن تقرير لجنة بيكر-هاملتون اقترح الكثير من التوصيات الإيجابية، لكن الحكيم رفض تخوف التقرير من اضعاف السلطة المركزية. كما قال ان التقرير اورد معلومات «غير دقيقة». واذا كان هذا هو موقف الزعماء الشيعة، فإن الكتل السنية اتفقت عموماً مع التقرير.

اختلاف بعض الكتل العراقية على ما جاء في التقرير اكد ان الاكراد هم اكثر الرافضين للتقرير، وخصوصا منه الفقرات التي تؤيد حكومة مركزية قوية وتأجيل الاستفتاء على مدينة كركوك الغنية بالنفط، بالاضافة الى رفضهم ما اكتسبوه من انجازات على صعيد الدستور والسيطرة على الثروة في شمال العراق.

أما الكتل الشيعية فإن اختلافها لم يكن جوهريا بقدر ما هي محاولات للحفاظ على المكتسبات السياسية التي كانوا قد اعلنوا عن استعدادهم لمشاركة الاطياف الاخرى وخصوصاً أهل السنة فيها.

كان من المستبعد أن يرضي التقرير كل الكتل العراقية المختلفة في وجهة نظرها عن وضع العراق ومستقبله، لكنه هذه المرة جاء مخيباً لامال بعض الزعامات الكردية على حساب الزعامات الاخرى، ولاسيما أن الاكراد بدأوا يشعرون بأن (اقليمهم) لم يعد له ذلك التميز أو تلك الحصة من الاهتمام والرعاية الاميركية، ربما بسبب التحركات السياسية التركية وتدخل عدد من الدول العربية عند القيادات الاميركية التي قد تعيد المعادلات السياسية لما بعد الاحتلال، وتصنع بذلك معادلات أخرى

إقرأ أيضا لـ "علي الشريفي"

العدد 1558 - الإثنين 11 ديسمبر 2006م الموافق 20 ذي القعدة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً