حققت العداءة البحرينية الرائعة رقية الغسرة ميداليتين لمملكة البحرين في الألعاب الآسيوية المقامة حاليا في الدوحة بعد أن توجت يوم أمس بذهبية سباق الـ 200 متر، وكانت قد حققت من قبل برونزية سباق الـ100 متر.
هذه البطلة البحرينية المميزة كانت فعلا مفخرة المملكة في الدورة الحالية، بعد أن تفوقت على منافساتها من أقوى الدول الآسيوية.
الغسرة كانت على موعد مع ذهبيتين لولا سوء الحظ في الانطلاقة في سباق الـ100 متر، والتي كلفتها خسارة المركز الأول الذي كانت تطمح إليه، بل إنها كانت مؤهلة للفوز به. الغسرة بدت حزينة على رغم الفوز بالبرونزية، ولم يخفف عنها إلا الفوز بذهبية الـ 200 متر.
الحزن على تحقيق الميدالية البرونزية لم نشهده بين اللاعبين البحرينيين من قبل، إذ إن الميداليات البرونزية تعتبر إنجازا غير مسبوق للعداء البحريني، إلا أن الغسرة خالفت الجميع في ذلك ولم ترض بالبرونز؛ لأن طموحها كان ومازال الذهب ولا شيء غيره. نعم، لا شيء غير الذهب يرضي غرور الغسرة وتطلعاتها البطولية.
حقا، هذه العقلية لم نشهدها من قبل بين الرياضيين البحرينيين اللاهثين وراء أي ميداليات وأي إنجازات. التدريبات والاستعدادات التي خاضتها الغسرة، والآلام التي تحملتها على مدار السنوات الماضية لرفع لياقتها وسرعتها، دفعها إلى السعي الدائم نحو القمة.
إن المنافسات الآسيوية ليست مثل المنافسات الخليجية أو العربية؛ لأن فيها دولا متفوقة رياضيا على المستوى العالمي، ومع ذلك بزغ اسم بنت البحرين وسط هؤلاء المنافسين.
ما حققته الغسرة في البطولة الآسيوية الحالية هو إنجاز غير مسبوق لفتاة بحرينية أو لرياضي بحريني (إذا استثنينا المجنسين المعلبين)، فتحقيق ميداليتين في بطولة واحدة بهذه القوة والمنافسة يستحق فعلا كل التقدير والاحترام والتكريم.
الغسرة كانت أحق بذهبية سباق الـ 100 متر، إذ على رغم انطلاقتها المتأخرة كثيرا عن البقية إلا أنها تمكنت من اللحاق بالمتقدمات، وكان بمقدورها التفوق عليهن لو تبقت في السباق أمتار أخرى.
إنجاز الغسرة يتميز، إلى جانب كونه جاء بأيادٍ بحرينية حقيقية وأدخل البهجة والسرور على الجميع إلى جانب إنجازات الأبطال البحرينيين الآخرين في كمال الأجسام والتايكواندو، يتميز بأنه جاء من فتاة بحرينية مسلمة ترتدي الزي الإسلامي وتنافس بطلات آسيا في مضاميرهن.
الغسرة أثبتت أن الحجاب ليس عائقا أمام تفوق الفتاة المسلمة ووصولها إلى أعلى المراتب، بل إنه دافع لها لنقل رسالتها إلى العالم. تلك الرسالة الخاتمة للرسالات والتي جاءت لخير وسعادة البشرية.
لقد كان هناك مجنسات لعبن باسم البحرين في آسياد الدوحة، وحققن ميداليات لم يفرح بها أحد، لأن لا شيء من ملامح هؤلاء البطلات أو لباسهن يدل على البحرين. الميداليات التي تحققت من قبلهن سجلت فقط باسم البحرين في سجلات الآسياد، ولكنها لم تسجل ولن تسجل أبدا في قلوب شعب البحرين.
الرياضي البحريني، ومن خلال الغسرة، أثبت أنه قادر على تحقيق المعجزات لو حصل على الدعم والمساندة الحقيقية ولو صرفت عليه المبالغ الطائلة التي تذهب إلى المجنسين. الفتاة البحرينية هي الأخرى كانت لها كلمة كبيرة من خلال الغسرة، إذ أكدت من خلالها منافستها للرجل وقدرتها على التفوق عليه، فهي كعادتها متفوقة على قريناتها الخليجيات في شتى مجالات.
ابن هذا البلد أحق من غيره بالرعاية والاهتمام؛ لأنه وإن لم يحقق الإنجاز فيكفيه فخرا أنه رسول حقيقي لهذا الوطن يعبر عن ماضيه وحاضره ومستقبله، يعبر عن أصالته وتراثه، يعبر عن واقعه وطموحه
إقرأ أيضا لـ "محمد عباس"العدد 1558 - الإثنين 11 ديسمبر 2006م الموافق 20 ذي القعدة 1427هـ