هناك الكثير من الأمور التي نعتقد أنها غامضة ولا يمكننا فهمها إلا عبر استشارة خبير أو أحد المختصين. لكن بالقليل من المبادرة الذاتية قد نجد أننا لسنا بحاجة لـ «خبير». فاليوم أكثر من أي يوم آخر لدينا أنظمة معلومات وتجهيزات تتيح لمن يسعى إلى المعرفة قدرة هائلة لتلقي المعلومات والتعليمات المهمة. وبلا شك أحد أكثر هذه الأمور أهمية هي الشبكة العالمية «الإنترنت». لكن في الوقت نفسه, هناك حدود يجب أن لا نتخطاها عندما «نخدم أنفسنا» للمعلومات. فمن الضروري أن نميز بين ما هو في مضمار ثقتنا وخبراتنا الأساسية في مجال ما قبل أن نشرع في الثقة بالمعلومات التي نتلقاها من الإنترنت.
يقال إن من يسعى إلى المعرفة عليه أولاً أن يتواضع. وفي هذه المقولة حقيقة ليست فحسب عن السعي إلى المعرفة, بل أيضاً عن استخدامها والثقة بأننا لدينا المعلومات السليمة. على سبيل المثال, قد نحظى بمعلومات عن برمجة جهاز ما أو معالجة وضع مزمن في تقنية ما, لكن على رغم المعلومات التي نجدها في بادئ الأمر يجدر بنا البحث عن معلومات أكثر. فلا بأس بأن نجد أول مقالة أو شرح مفصل لحل ما, لكن من المهم أن نقارن ما ذكر في المصدر الأول مع ما يذكر في مصدر آخر.
وهذا الأمر بالطبع لا ينطبق فقط على التقنية والأجهزة والبرمجة, بل أيضاً في مجال المال والأعمال. فكم من مرة زعمت أنت أو زعم أحد زملائك خبرة ما ولكن لم يف بالوعود التي تأتي مع الخبرة. فلم ينتج شيئاً من تلك الخبرة, وقد يكون الأمر قد أصبح أسوأ مما كان عليه بسبب الـ «خبرة».
هناك الكثير من الكوارث الكبيرة والصغيرة في مجال الاستشارة, إذ نجد أن بعض الخبراء, يتفوهون بأمور قد تفوق ما يمكنهم تسليمه للعميل. والعميل نفسه قد يكون منحازاً لسبب أو لآخر, ولا يجتهد ليتفحص سلامة ما يقوله المستشار. فالاستشارة في نهاية الأمر هي ليست مجرد خدمة فورية لتلبية الطلبات ولا المستشار مجرد «مدرس,» بل هو أيضاً ميسر ؛لأن يبادر العميل في إيجاد مصداقية الحلول المعروضة. من تصميم نموذج تجاري جديد إلى ترتيب العروض الأولية, كل هذه الأمور لا يمكن أخذها ببساطة. وإن صفحات المال والأعمال برهان ساطع على ذلك, فقد رأينا الكثير من العروض والتغييرات الإدارية التي تنفذ ولكن سرعان ما أن تنشر التفاصيل تظهر حقيقتها الزائفة.
كما ذكرنا أعلاه, الاعتماد على مصدر واحد قد يجعل منك ذا رؤية قصيرة المدى ومحددة, غير قابلة للفهم والدراية الكاملة بالموضوع. على رغم قناعاتك الذاتية ومبادرتك الطيبة, قد يخيب أملك بسبب عدم أخذ الحذر والحيط. لذلك إذا الأمر اختص بشركتك, فلا تسلم مستقبلها إلى مصدر واحد قد تكون جاهلاً نواياه
العدد 1557 - الأحد 10 ديسمبر 2006م الموافق 19 ذي القعدة 1427هـ