العدد 1557 - الأحد 10 ديسمبر 2006م الموافق 19 ذي القعدة 1427هـ

مائدة التوافق والوفاق

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

حسناً فعلت «الوفاق» باستضافة ثلاثة وثلاثين من نواب البرلمان الجديد، فبعد كل ما حصل من تشنجاتٍ وشدّ أعصابٍ وتنافراتٍ فرضتها - حقاً أو باطلاً - أجواء المعركة الانتخابية الحامية، فإن النظر إلى المستقبل يستدعي مثل هذه الوقفة التي تجمع النواب الجدد. فلا شك أن الهاجس الأكبر لدى مختلف قطاعات الشعب اليوم، هو الخوف من أن يتحوّل البرلمان الجديد إلى ساحةٍ للإثارات الطائفية التي نحن في غنى عنها، وهو ما سيدفع إلى احتقاناتٍ وأزماتٍ سيتم تصديرها من البرلمان إلى الشارع. وستزداد خطورة الوضع مع هذا الوضع الإقليمي المتوتر المشحون.

هذا الهاجس ستجدونه عند الجميع، من مختلف الجمعيات السياسية والتيارات الفكرية في هذا البلد، وخصوصاً أن الجميع يشاهد اليوم ما يجري في لبنان من تصعيد، وما يجري في العراق من عمليات قتلٍ تهدّد بالإعلان رسمياً عن حربٍ أهلية، إن لم تكن بدأت فعلاً، وفي الحالين نشاهد الأيدي الخفية قد نجحت في دفع البلدين المنكوبين إلى فخّ «الفوضى البناءة» التي ستحرق الأخضر واليابس. وفي مثل هذه الحروب العبثية، سيكون هناك منتصران اثنان فقط: أميركا و«إسرائيل»، بينما سيكون هناك مهزومون كثر: هم كل أبناء هذه المنطقة بمختلف طوائفهم ومذاهبهم ولغاتهم وإثنياتهم وأوطانهم. حربٌ الكل فيها خاسر، ما عدا أعداء أمة محمد (ص).

من هنا نكرّر ونعيد: حسناً ما فعلته «الوفاق»، من جمع ثلاثة وثلاثين من النواب الجدد على مائدةٍ واحدة، وكنا نتمنى لو حضر الباقون، استكمالاً للتعارف وترطيب الأجواء، فالمنطقة مقبلةٌ على أهوالٍ تشيب لها الولدان، والعاقل من اتعظ بغيره قبل أن تقع الفأس في الرأس.

ما قرأناه من تغطيةٍ للقاء يبعث برسالة طمأنةٍ نفسية، نرى فيها بشارةَ خيرٍ إن شاء الله، وخصوصاً مع حضور رؤساء الكتل الثلاث، بالإضافة إلى المستقلين. الكلمة الطيبة هي ما نتوقعه من أبناء هذا البلد، مهما كانت حدّة الخلافات السياسية والفكرية بيننا كأطراف في الساحة، وكلمات الحضور لم تخرج عن هذا الإطار. رئيس كتلة «الوفاق» بدأ بقوله: «أحباءنا... يسعدني أن نلتقي في هذا اللقاء المعبر عن هذا المجتمع الطيب، وهو باكورة عمل لأربع سنوات مقبلة. ونتطلع معكم إلى أن تكون البحرين بعدها أفضل وأكمل». وهي أمنيةٌ يشاركه فيها كل البحرينيين.

رئيس كتلة «المنبر الإسلامي» أعرب عن سعادته بـ «هذا الجمع المبارك»، مشيراً إلى وجوب «التحرّك ككتلةٍ واحدة، للحفاظ على مصلحة الوطن»، وهو أمرٌ يشاركه فيها كل البحرينيين أيضاً.

النائبة البرلمانية الوحيدة دعت إلى ترك المزايدات والعمل لمصلحة الوطن ونقل همومه وقضاياه، واعدةً أن تكون حمامة سلام. زعيم تيار الأصالة الشيخ عادل المعاودة كان مسافراً كما أفادت بعض المصادر، ولكنه حرص على حضور اللقاء. وهناك آخرون تخلّف بعضهم ولهم أعذار. ومع ذلك تمنينا لو اجتمع الجميع، ليس لمجرد الاستجابة لدعوة «الوفاق»، بل من أجل مصلحة هذا الوطن وشعبه الكريم.

مبادرة «الوفاق» جاءت في الاتجاه الصحيح، وهي تعكس المزاج البحريني العام الذي يميل نحو الوسطية والاعتدال والتسامح، وكل ما ترونه ناتئاً عن هذه الخريطة البحرينية فإنه بعيدٌ عن تمثيل الروح الأصيلة لهذا الشعب الميال للتوافق والتصالح والاتفاق.

النواب اليوم على مفترق طرق، إما أن يسيروا على هذا النهج، وإما أن يدفعوا البلاد إلى الهاوية التي نرى لهبها في العراق. المجتمع لن يغفر لأية كتلةٍ من الكتل تغلّب مصالحها الفئوية الضيقة، أو تتعامل وفق منطق الصفقات، أو تبحث عن أية امتيازات. التجربة اليوم تحت المجهر، وسيظل الجميع يراقبكم ويحاسبكم، مواطنين وصحافةً ومجتمعاً مدنياً وجمعيات سياسية، من داخل وخارج البرلمان، فانظروا كيف تكافئون هذا الشعب

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1557 - الأحد 10 ديسمبر 2006م الموافق 19 ذي القعدة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً