وإلى أن يتم عقد حلقات نقاش أو ورش عمل مناقشة التقرير، أجد من المفيد الاستمرار في اقتطاع بعض الفقرات التي وردت في بطن متنه. ففي فصل «موجة انتخابات أغلبها مشوب بعيوب (ص 31، وما تلاها،) نجد ما يلي: «في السعودية جرت في العام 2005، لأول مرة انتخابات بلدية شابها، في منظور هذا التقرير، عيب أساسي هو استبعاد النساء. وإذا أضفنا لاستبعاد النساء أن الناخبين كان منوطا بهم اختيار نصف أعضاء المجلس البلدي فقط، لتبين أن الطريق ما زال طويلا للوصول إلى انتخاب مجلس تشريعي وطني بالكامل من قبل المواطنين جميعا. ومع ذلك فقد مثلت هذه الانتخابات خطوة أولية نحو الإصلاح من خلال إذكائها لحوار وطني حول المشاركة الشعبية».
وفي باب انتهاك الحريات العامة وحريات الرأي والتعبير يجد التقرير أنه قد «تصاعدت ضغوط الداخل والخارج على الحريات العامة. وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2004 وفي سابقة خطيرة صدرت في دولة خليجية قرارات نزع الجنسية عن أفراد قبيلة محلية - وهي أحد فروع قبيلة تستوطن تاريخيا ذلك البلد - طالت 972 رب أسرة وامتدت لتشمل جميع أفراد عائلاتهم بالتبعية والبالغ عددهم 5266 فرداً هم عدد أبناء القبيلة بأكملها. وتبعت تلك القرارات إجراءات حكومية بفصلهم من أعمالهم ومطالبتهم بتسليم المساكن التي يقيمون فيها كمواطنين، وحرمانهم من جميع امتيازات المواطنة من علاج وتعليم وكهرباء وماء وأعمال تجارية، ومطالبتهم عن طريق الجهات الأمنية المختلفة بتصحيح أوضاعهم كغير مواطنين. وبررت السلطات القرار الذي اتخذ بأن تلك القبيلة تنحدر من دولة أخرى، و أنهم ما زالوا يحتفظون بجنسيته، واضطر الكثير من زوجاتهم إلى طلب الطلاق للاحتفاظ بجنسيتهن».
وفي دولة خليجية (أخرى)، «تعرضت منظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية لضغوط رسمية؛ إذ هُدّد مركز لحقوق الإنسان بالملاحقة القانونية بسبب مشاركته في اجتماعات لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في جنيف في مايو/ أيار 2005. وترفض الحكومة أيضاً الاعتراف بعدد كبير من المنظمات المدنية التي شكلت بمبادرات مدنية، مثل نقابة الصحافيين».
وبشكل عام يجد التقرير عند حديثه عن البنية القانونية أن «قوانين عديدة في البلدان العربية (تنطوي) على تمييز ضد المرأة. ومع أن أحكام الدستور في جميع الدول العربية تقريباً تنص على حماية حقوق النساء، فإن هذه الحقوق غالباً ما تتعرض للانتهاك، أو تناقضها تشريعات أخرى، أو لا تدخل حيز التنفيذ. وفي هذا السياق، يستعرض التقرير مجموعة من الأحكام والممارسات التي تكشف عن تحيز المشرّع العربي ضد المرأة».
وعندما نصل إلى الحديث عن التجريم والعقاب، يشير التقرير إلى أنه «توجد بعض مظاهر التمييز بين الرجل والمرأة في القوانين الجنائية لبعض الدول العربية. وتتجلى في بعض القوانين أهم صور التمييز في اختلاف المركز المادي في جريمة الزنا بالنسبة للزوج، إذ لا تقع الجريمة إلا إذا ارتكبت في منزل الزوجية. أما بالنسبة للزوجة، فتقع الجريمة إذا ارتكبت في أي مكان».
أما حين يتناول قوانين الأحوال الشخصية البلاد العربية، يؤكد التقرير أن تلك القوانين تقدم «لدى المسلمين أو غير المسلمين شواهد على التمييز القانوني بسبب الجنس. ويرجع أكثر ذلك إلى أن قواعد الأحوال الشخصية مستمدة بصفة أساسية من اجتهادات وأحكام دينية ترتد إلى الماضي البعيد، عندما كانت ثقافة التمييز هي الثقافة السائدة في المجتمع، مع إضفاء طابع القداسة والإطلاق عليها في إطار ملتبس اختلطت فيه ثوابت العقيدة الدينية بالتاريخ الاجتماعي. ولحسن الحظ، تدل نتائج المسح الميداني الذي أجري في نطاق التقرير على أن الجمهور العربي يقف من مسائل الأحوال الشخصية موقفا أكثر تحررا، مثل تأكيد حق المرأة في اختيار الزوج».
آمل أن تكون هذه المقتطفات القصيرة والعشوائية أثارت القارئ كي يقتني التقرير واستفزت المعنيين كي يبادروا إلى طرحه للنقاش والحوار على أوسع نطاق
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1557 - الأحد 10 ديسمبر 2006م الموافق 19 ذي القعدة 1427هـ