العدد 1556 - السبت 09 ديسمبر 2006م الموافق 18 ذي القعدة 1427هـ

سورية وفلسطين مفتاحا الاستقرار في الشرق الأوسط

على رغم تصنيفها ضمن دول محور الشر، فإن الإدارة الأميركية تجد نفسها مرغمةً على التعاطي مع سورية؛ لأنها تمثل قاسماً مشتركاً أعظمَ في عدة ملفات تهم واشنطن ومنها الملف النووي الإيراني والوضع الأمني في العراق والتطورات السياسية التي يشهدها لبنان، إلى جانب القضية الفلسطينية، التي تعد هي الأخرى بؤرة الصراع في الشرق الأوسط.

التطورات الدرامية التي تشهدها المنطقة، وخصوصاً في سورية وفلسطين خلطت أوراق الولايات المتحدة السياسية وانعكس ذلك سلباً على المنطقة التي تعيش حالياً حوادثَ ساخنةً ساحتها الأراضي الفلسطينية ولبنان والعراق. سورية تضم الفصائل الفلسطينية المناوئة لاتفاق أوسلو وتعتبرها الولايات المتحدة أحد أضلاع المحور الشيعي (إيران، سورية، ولبنان)، كما تتهم بأنها تدعم عناصر المقاومة في العراق. وفلسطين محور الصراع العربي الإسرائيلي ازدادت أزمتها تعقيداً عقب تولي حركة المقاومة الإسلامية (حماس) مهمات الحكم عقب الفوز الساحق الذي حققته على حساب حركة "فتح" المترهلة في الانتخابات التشريعية الأخيرة.

ولليوم وعقب الحصار الذي فرض على حكومة "حماس" لم تجد معضلة في تشكيل حكومة وحدة وطنية تلبي طموحات "حماس" والشارع الفلسطيني ويرضى عنها الغرب حلاً. وهنا يبدر السؤال الآتي: ما مستقبل العلاقات الأميركية السورية؟ وهل تستطيع الولايات المتحدة النجاح في حملتها ضد الإرهاب العالمي على رغم تدني صدقيتها في أعين المجتمع الدولي؟ وماذا عن الصراع العربي الإسرائيلي؟ وما مصير جهود دعم السلام في المنطقة؟ شكلت كل هذه الأسئلة وغيرها محاور النقاش بالمؤتمر السنوي لمعهد الشرق الأوسط الذي عقد في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي على مدار 3 أيام بنادي الصحافة القومي في واشنطن. ولعل المناقشات والحوارات التي أجريت في إطار هذا الحدث الكبير، تدل على التحولات الجارية بخصوص رؤية مجتمع واشنطن السياسي تجاه منطقة الشرق الأوسط وتصوره كيفية التعامل مع التغيرات الراهنة بالمنطقة. حذر مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر، زبينيو بريزينسكي في المؤتمر من تعرض الدور الريادي الذي لعبته الولايات المتحدة في العقود الماضية لخطر الانقراض، إذ تواجه واشنطن اتهامات حادة ضد صدقيتها وشرعيتها الدولية.

سورية في قفص الاتهام

تحدثت مجموعة من المحاضرين عن مستقبل السياسة الأميركية تجاه سورية في ظل الاتهامات الحادة التي وجهت إلى دمشق أخيراً بما فيها اتهام الحكومة السورية بالتورط في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري. وانتقد الصحافي الشهير بمجلة "نيويوركر" سيمور هيرش لهجة واشنطن العدائية تجاه سورية، موضحاً أن تقرير المحقق الدولي ديتليف ميليس الذي يوجه الاتهام إلى عناصر بالنظام السوري في قضية اغتيال الحريري، لا يبرر سياسة "تغيير النظام" في سورية، إذ إنها سياسة باهظة الكلفة ونجاحها شبه مستحيل.

أما الصحافي العربي ومدير مكتب صحيفة "النهار" في واشنطن هشام ملحم، فيرى أن السياسة السورية تعاني غياب التفكير الاستراتيجي الماهر بعد وفاة الرئيس السابق حافظ الأسد، إذ إن الأسد الأصغر مازال يفتقد ذكاء والده، وخصوصاً فيما يتعلق بالدهاء السياسي، ويعلن عجزه في سياسات سورية غير المتزنة مثل: دعم نظام الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين خلال حرب العراق وعدم قدرة الرئيس السوري بشار الأسد على السيطرة على تنظيم حزب الله اللبناني. وفي الوقت نفسه، أكد ملحم أنه على رغم ضعف النظام السوري، فإنه مازال قادراً على تحمل الضغط الأمريكي نظراً إلى قوة حزب البعث الحاكم.

السلام الفلسطيني - الإسرائيلي بين الانفصال والاندماج

أثارت القضية الفلسطينية الكثير من المشاورات الساخنة بشأن كيفية الوصول إلى سلام دائم بين الطرفين. وكان أحد الأسئلة التي تشاور بشأنها الخبراء المحاضرون، الخيارَ بين دولتين فلسطينية بجانب "إسرائيل"، ودولة موحدة للفلسطينيين والإسرائيليين، أي اندماج سكان الضفة الغربية وغزة بالدولة الإسرائيلية. أجابت مؤلفة كتاب "حل الدولة الواحدة" فيرجينيا تيلي عن هذا السؤال أن فكرة الدولة الموحدة تعتبر الطريق الوحيد لإرضاء الجانب الإسرائيلي الذي مازال متمسكاً بالمستوطنات بالضفة الغربية والجانب الفلسطيني الذي يريد دولةً قابلةً للنمو وذلك الأمر صعب في حال تطبيق مبدأ السلام من خلال "حل الدولتين". واختلف معها في الرأي رئيس منظمة "بذور السلام" أرون ديفيد ميلر، الذي عمل بالخارجية الأميركية بالماضي. وقال ميلر: "إن حل الدولة الواحدة سيجلب الاحتقار والكراهية بين الجانبين لا السلام الدائم"، فالمشكلة الأساسية كما وصفها ميلر، مشكلة القرب الجغرافي بين الجانبين وبالتالي الحل يبدأ من التفريق لا التوحيد بينهما

العدد 1556 - السبت 09 ديسمبر 2006م الموافق 18 ذي القعدة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً