هو موضوع ليس بجديد على أحد، وليس بغريب لأن الوزارات الخدمية والمؤسسات الرسمية أعطت المجالس البلدية كما يقال «الأذن الصمخة». ولم يكن أحد من البلديين يملك تفسيراً على هذا التهميش، فهل هو تهميش مقصود؟ أم أنه مجرد تطنيش ليس إلاّ؟
وكلمة حق لابد أن تقال، أن الوزارة الوحيدة التي تعاملت مع المجالس البلدية كجهة منتخبة لها كيانها ووجودها في البلد هي وزارة الأشغال والإسكان، وربما يكون ذلك لارتباط الوزارة بعمل المجالس ارتباطاً مباشراً، فهناك مشروع البيوت الآيلة للسقوط الذي حول على هذه الوزارة وكان السبب الأول في تعميق العلاقة بينها وبين المجالس، وجاء على الخط مشروع تطوير القرى والمدن. وهناك المشروعات التي تنفذ بالتنسيق والتعاون بين الوزارة وبين أعضاء المجالس كتبليط الطرق وإنشاء الشوارع والمرتفعات.
أربعة أعوام مضت من العمل البلدي، أربعة أعوام مرت من التهميش، الأمر الذي انعكس سلباً على تجربة البلديات التي كانت باكورة ما جاء بعد مشروع جلالة الملك الإصلاحي. ويرى بعض البلديين أن الحكومة أرادت أن ترفع عن كاهلها اللوم الذي يوجهه المواطن البسيط وتضعه على ظهر البلديين، وهو ما حدث فعلاً، فالعضو البلدي أصبح في الواجهة بل في «بوز المدفع»، هذا يطالبه بمجاري القرية، وذاك يسأل عن حفرة أمام بيته، وهذا عن «البلاعة» والإنارة! وهكذا، تحول العضو البلدي إلى وزارات خدمية متحركة، وتحول هاتفه إلى بدّالة للوزارات.
وإذا استمر الوضع على ما هذا السياق، فلن نجد من يترشح إلى المجالس البلدي بعد أربعة أعوام، اللهم إلا «الخبابيز»، ولا مانع من «الزراريع»... وهذا ليس انتقاصاً للخباز ولا المزارع، فلكل منه دوره وأهميته في دورة الحياة، ولكن إذا كان الدخول إلى المجالس البلدية كالولوج في سجون الأشغال الشاقة، فمن الأفضل للمهندسين والكفاءات أن تنأى عن الخوض فيها... و»خلك على جنونك لا يجيك أجن منه».
القضية واضحة وضوح الشمس، فإذا ما أراد العضو البلدي لقاء المسئول الفلاني، يجلسه أو تجلسه السكرتيرة عند الباب حتى يمل ويخرج من المكتب على وجود موعد مسبق مع الوكيل أو الوزير، أو يتم تحويل العضو الذي يطلب موعداً مع وكيل إحدى الوزارات إلى السكرتير! والأدهى من ذلك أن السكرتير يطلب من العضو الحضور بعد أسبوع على الأقل نظراً إلى ازدحام جدول مواعيده! فهل تحوّل العضو البلدي إلى أضحوكة للوكلاء والوزراء؟ هل لأن راتبه 1000 دينار والمقام يحدّده كبر المعاش؟
نحن لا نريد أن نثبط من عزيمة البلديين الجدد الذين ترشحوا ليخترقوا جدار المجالس ويخوضوا غمارها من الداخل، نحن نريد أن نؤسس لثقافة ثابتة تضم الآتي:
الابتعاد عن سياسة التهميش و»التطنيش»، فليس من المعقول أن لا ترد بعض الوزارات على رسائل المجالس البلدية بالسلب أو الإيجاب؟
تأسيس ثقافة الوعي البلدي وتثقيف المواطنين باختصاصات العضو واختصاصات النواب، ليتجنب العضو حمل أعباء النائب مع أعبائه!
تعديل قانون البلديات المقيد لتحركات البلديين، وربما كان القانون سبباً رئيساً في تهميش دور البلديين
إقرأ أيضا لـ "عبدالله الملا"العدد 1556 - السبت 09 ديسمبر 2006م الموافق 18 ذي القعدة 1427هـ