العدد 1553 - الأربعاء 06 ديسمبر 2006م الموافق 15 ذي القعدة 1427هـ

عودة شيلوك... مخموراً أم مقهوراً؟

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

شيلوك... مرابٍ يهودي، بنى شهرته التاريخية على اللؤم والجشع، عندما فرض على غريمه أن يدفع رطلاً من لحم فخذه، إذا عجز عن تسديد الدين. ولم تنقذ الضحية إلاّ عبقرية شكسبير، حين اشترط في مسرحيته أن يستوفي اللحم من دون إسالة قطرة دم!

أما شيلوك العائد تحت جلد الثعابين، فبعد أن أتخم من الكعكة الانتخابية، عاد إلى نياحته القديمة، يلطم وينوح على الكارثة التي حلت بالبلاد! شهران فقط غيّرت خلالهما الحيّة جلدها مرتين، أطالت لحيتها حتى تبلع بيضة «الإعلانات»، ثم عادت لتحلقها ثانيةً بالموس! كل الأشياء قابلةٌ للبيع والشراء... حتى رفات وعظام وجمجمة آدم سميث!

شيلوك الجشع هذه الأيام مأزومٌ نفسياً، فنتائج الانتخابات «جاءت محبطةً ومخيبةً لآمال الكثيرين، وأكثر شيء يدعو إلى الإحباط، بل الانزعاج والقلق، غياب المعتدلين وذوي الاتجاهات الليبرالية عن البرلمان الجديد»!

صاحبنا مصابٌ بمرض «ليبرالو-مافيا»، لم يتشافَ منه إلاّ خلال الشهرين الماضيين، بفضل ما ضخّه المال السياسي السائب في جعبته المخرومة كالثقب الأسود! ومع ذلك نصب نفسه ملِكاً على الليبراليين، من دون أن ينصّبه أحدٌ، أو ينتخبه أحدٌ، أو يخوّله أحدٌ أصلاً للحديث باسم التيار الليبرالي.

الليبرالية تيارٌ موجودٌ على الأرض، يضم الكثير من الوجوه والشخصيات الوطنية الشريفة، لكن بروز هذه الطحالب والأعشاب الطفيلية التي تتصدّر للتحدّث باسمهم، هو الذي يجعل هذا التيار أضحوكةً بين الناس. وقد يتذكّر القرّاء عندما حاول التيار التكتّل في حركة «لنا حق» للدفاع عن الحريات الشخصية، كيف تسبّبت حماقة إحدى الطفيليات في تقويض المحاولة، حتى وصفها أحد الليبراليين الشرفاء بأنها جاهلةٌ حمقاء.

البحريني المتابع للشأن العام، حتى وإن اختلف مع التيار الليبرالي في كثيرٍ من منطلقاته الفكرية، إلاّ أنه يحترم فيه مرونته وسلميته وقابليته للتعايش والحوار، على عكس هذه النماذج الإقصائية التي تفُحّ بالتحريض وإثارة الأحقاد واستعداء السلطات ضد طبقات الشعب وتياراته السياسية (إلاّ من يدفع لها المقسوم فتصبح محاميةً عنه).

التيار الليبرالي موجود، لا تهدّده نتائج الانتخابات بل تهدّده هذه النباتات الطفيلية الجشعة، التي تنصب سرادق العزاء طوال العام على الليبرالية، ولكنها مستعدةٌ للتحالف مع أعداء الليبرالية والنطق باسمهم طوال فترة الحملات الانتخابية... لقاء «رطلٍ» من اللحم!

أحد الليبراليين اتصل معقّباً على مقال سابق عن شيلوك، أنقل رأيه بكل احترام وتقدير: «أنا ليبرالي وأعتز بليبراليتي، أصلّي وأصوم، ولكن لا يمكن احتساب أمثال (شيلوك) على تيارنا، فهو عبدٌ للدرهم والدولار». إنه مجرّد «حصالة فلوس»، حتى وإن كثرت مواعظه الليبرالية وزادت فلسفاته حتى كتب منظّراً عن «المطلوب من القيادة»، وتحريضاً على خيارات الشعب البحريني في اختيار ممثليه ونوابه في البرلمان، حتى صوّر الأمر وكأنه انقلاب!

خطورة شيلوك أنه لم يعد فرداً جشعاً متسلقاً، بل تحوّل إلى مدرّس تتخرّج من تحت عبائته أصنافٌ من المتسلّقين، يقبل بعضهم نشر خبرٍ موجّه، وبعضهم يجري لقاءً مطولاً يلمع فيه أحد المترشحين، ومنهم من يسهر في الخيام طمعاً في وجبة عشاء! حتى الصحافيين العرب، وبالذات الكويتيين، الذين تابعوا الانتخابات الأخيرة، هالهم ما وجدوه من ممارسات وسلوكات و(رزالة) من خريجي مدرسة شيلوك!

«رزالةٌ» أساءت إلى الصحافة كمهنة، حتى على مستوى المانشيت... «49 في المئة من المواطنين يتوقّعون صدامات»، في تحريضٍ فجٍّ ضد البرلمان الجديد حتى قبل أن يعقد جلسته الافتتاحية الأولى! أتراها حماقةٌ متراكمةٌ ... أم بقايا سكرة الانتخابات؟

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1553 - الأربعاء 06 ديسمبر 2006م الموافق 15 ذي القعدة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً