العدد 1553 - الأربعاء 06 ديسمبر 2006م الموافق 15 ذي القعدة 1427هـ

معركة الإرادة ضد الجرادة!

خالد المطوع comments [at] alwasatnews.com

مرة واحدة تجتمع جميع أطراف القوى ومراكز النفوذ والتسلط ومنابر المساجد والوقف الديني وتتحول إلى منصات للطعن والتشهير في عرض الشرفاء، كلها اتجهت صوب رجل واحد وكأنما يمثل خروجه خروج المسيح الدجال بفتنته المرتقبة قيامياً! وهو ما يؤهلنا للتساؤل: من ذا الذي انتهك المساجد وحولها إلى «بارات» و «ديسكوهات» انتخابية؟ أهو شيخ المناضلين المتهم بذلك أم من استخدمها للتشبث حتى آخر لحظة في العزة بارتكاب الإثم من دون حجة وبيان؟!

جميع أشكال التحكم والهيمنة الفوقية انحدرت في مواجهة شيخ متقدم في السن لا يملك من مصادر الثروة وحسابات المصارف سوى رصيد نضال وطني متراكم، وليس له من مصادر التجييش سوى حس وطني راقٍ ودماثة خلق عالية ولسان طليق يصدح بالحق وإن كان مؤلماً لمن لم يعتد عليه وعلى فيئه.

البعض كان ولايزال غير قانع بمغادرة موقعه المتسائل عن مغزى هذا التهافت والتحشيد لـ «خياش العيش» والتجنيد الإجباري للأصوات وصف الرزم (نوط ينطح نوط) من أجل الحيلولة دون وصول مناضل هو ابن الوطن أولاً وآخراً، اسمه عبدالرحمن النعيمي. ما هو السر في ذلك التخوف والتهيب والارتعاد من ذكر مسمى «النائب عبدالرحمن النعيمي»!

لماذا يتم السكوت على ما يجري من مهازل على منابر دينية ظلت تستخدم بامتهان كأدوات، وحتى اليوم الأخير قبل الانتخابات الذي تحرم فيه الدعاية الانتخابية قانوناً، وذلك في الطعن في عرض المناضلين الشرفاء والتشهير بهم ونعتهم بأحط النعوت والتخويف منهم، داعين لاستبدالهم بانتخاب من أسموهم «حراس العقيدة»؟

لماذا لا يتم تكريم أولئك الشرفاء والأبطال الذين تصدوا خلال وجودهم في المساجد لأداء صلاة الجمعة لاستغلال المنابر في متاجرات ومزايدات انتخابية رخيصة تستهبل الوعي الوطني الشعبي، وتسعى إلى إثارة النعرات الطائفية التي تساهم في تكريس وضعية الاصطفاف الطائفي السياسي في البلاد، لتعزل الوطنيين والديمقراطيين بعيداً عن برلمان هم لا يستحقونه، على رغم تكبدهم مشاق المعاناة والسنين حتى يتحقق الطيف الأول من حلمهم الواسع؟ لماذا لا تتم الإشادة بأولئك المصلين الأطهار الذين تصدوا للانتهاكات الصارخة لقوانين الدين والدنيا، إذ ابتذلت وحولت إلى منابر للمزايدات الانتخابية؟

هل يحاسب أو يعتقل مواطن فاضل لكونه تصدى لمحاولة تسميم المصلين عبر انتهاك حرمة مسجد وتحويله إلى خيمة انتخابية عارية من الفضيلة؟

لماذا لا تتوقف صحف بعينها عن تقديم المزيد من التضحيات في الاهتمام بشئونها التنظيمية والخدماتية المتردية، بدلاً من هدر العرق وتجفيف الحبر والدم في حملات استفزازية عقيمة وعديمة الجدوى لا تحمل من سمة الصحافة سوى رائحة الورق ولون الحبر؟

ألم يكن من الأجدر لها أن تصرف تلك المبالغ والجهود في صيانة وإعداد موقع إلكتروني محترم يقدم خدمات نوعية عالية بدلاً مما هو متوافر حالياً لديها، والذي وصفه أحد المتخصصين بأنه ينتمي إلى العصر الحجري البائد؟!

متى تدرك هذه الصحف والكوبونات والشيكات المستترة أن المناضل الحر لا يريد أية تضحيات طالما لم يقصر هو الأخير في تقديمها إلى الوطن، تلك التضحيات التي تقدمها الصحف على حساب سمعتها المهنية والقيمية وعلى حساب بنيانها التنظيمي والخدماتي لا تزيد المناضلين والشرفاء إلا نصاعة ولمعاناً؟

ما لا يدركه من نقدر تضحياتهم أن هذه المعركة التي تبنت خيار التغيير لم تكن أصلاً لتتعطل وترتد على آخرها أمام كرسي البرلمان الذي يقدسه البعض، كما قدس أصحاب السامري عجلهم الذهبي!

معركة التغيير الحقيقية وإن لم تتمكن من إيصال مترشحين أكفاء ومناضلين إلى البرلمان على رغم غلبة بعضهم في دوائرهم الرئيسية بفوارق كبيرة لولا تحريك الأصوات، فإنها تمكنت من تأدية معركتها المصيرية خلال شهر ونيف، والنجاح بشكل كبير في إحياء وإنهاض المجتمع بوعيه العام تجاه قضاياه الرئيسية المرتبطة بمستواه المعيشي المتدني وثرواته الوطنية وأراضيه المصادرة وغيرها من ملفات وقضايا جرى تداولها وبحثت سبل حلها وفقاً لأرقام وبرامج مدروسة، وليس بطائل من الشعارات الجوفاء المصفوفة على فيض من «الرشا» والشرارات الطائفية، وغيرها من وسائل إدارة الفقر السياسي والمعيشي لا عقاقير معالجته والتمهيد للشفاء منه!

نعم... أقولها وسندي في ذلك ما تحقق في المحرق الشماء في الآونة الأخيرة من تطور نوعي ملحوظ في الوعي الشعبي العام تجاه سائر القضايا الوطنية، بعدما نفض عن سجاد عاصمة الحراك السياسي الوطني غبار ورماد التعمية والتغييب لهذا الوعي على مدار العقود الثلاثة الأخيرة، ومن دون شك مع المراحل الزمنية المقبلة ينبض الأمل بإمكان تخليص المحرق مما تراكم عليها من أتربة وأغبرة وقوارض وطفيليات طارئة بـ «نفضات» قادمة حتماً!

وأخذاً بالقول المأثور «رب ضارة نافعة»... ربما أتاحت فرصة ابتعاد الوطنيين والديمقراطيين عن الوصول إلى البرلمان على رغم استحقاق بعضهم لذلك سواء من خلال كفاءة وخبرة عملية ونضالية مضافاً إليها استحقاق شعبي كبير منحه لواء الغالبية في المركز الرئيسي، حيزاً متجدداً لهم وأكثر رحابة من الحيز البرلماني المعقد، لاستثماره في تحقيق المزيد من التواصل الاجتماعي المتنامي في فاعليته مع الأهالي ومواصلة تأدية مهمة إنماء وإثراء الوعي العام بالقضايا الوطنية المصيرية التي يخشى أن تضمحل في برلمان يرجح أن يكون «اسم الدلع» الملائم لوضعيته هو «الورد الطائفي»! فلتكن معركة التغيير هي معركة الإرادة الشعبية المدافعة عن حصاد سنين طوال ضد أسراب جراد منتشر يتداعى عليه موسمياً

إقرأ أيضا لـ "خالد المطوع"

العدد 1553 - الأربعاء 06 ديسمبر 2006م الموافق 15 ذي القعدة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً