العدد 1553 - الأربعاء 06 ديسمبر 2006م الموافق 15 ذي القعدة 1427هـ

تصنيف الأمور مذهبياً

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

يحار المراقب المحايد كيف يتعامل مع قضايا الشأن العام التي تتوزع على أسس مذهبية وأخرى إثنية أو قبلية.وكالات الأنباء العالمية تصنف مجتمعاتنا على أساس طائفي، وتنطلق في تحليلاتها السياسية من هذه الزاوية.هذا التصنيف السرطاني ممقوت، ولكنه يعتمد في أجوبة كثيرة منه على الواقع الذي نعيشه. فواقعنا يتحرك نظرياً على شيء، ولكنه عملياً يتحرك على شيء آخر... والمراقب إذا ركز على الجوانب النظرية فقط فإنه يصبح بعيداً عن الواقع ومايقوله أو يكتبه لايحمل معاني ملموسة. البعض يطرح بأنه يتوجب علينا عدم التطرق الى هذه الأمور، أو بمعنى آخر أن نغمض أعيننا عنها وكأنها لاتحدث من الأساس... ولكن هل هذا علاج صحيح للمشكلة؟

العلاج الأمثل يكمن في تجريم الطائفية، على أن تمارس الدولة دور الأنموذج الصالح في هذا المجال، والمجتمع سيتبع ذلك الأنموذج، خصوصاً اذا وجد القانون الذي يمنع أي طرف (سواء كان في الدولة أو المجتمع) من اتخاذ قرارات على أساس محاصصة أو توزيع طائفي.ففي عدد من الدول الديمقراطية تتضمن الاوراق الرسمية للوزارات والشركات عبارة تقول «نحن نعتمد سياسة المساواة في الفرص»، وتشير أدبيات هذه المؤسسات الى استعدادها لإثبات ذلك قانونياً.ومانحتاجه هو أن تتشكل لدينا ثقافة تعم الدولة والمجتمع ترفض تصنيف المواطنين على أساس طائفي أو إثني أو قبلي، أو على أساس الجندر (نساء / رجال)، أو على أساس اللون أو الانتماء... ومن ثم تتحول هذه الثقافة الى قانون واضح المعالم، وتوجد آلية (هيئة مستقلة) لمراقبة الأمور والتأكد من أن القرارات والسياسات تتبع أسساً وطنية (وليست طائفية ... إلخ). هذا هو الأسلوب الأمثل إن كنا نود مكافحة تصنيف الأمور مذهبياً. في بلدان اخرى، مثل لبنان، فإن التصنيف الطائفي جزء من الدستور والقانون، والكل قابل منه ولايستحي منه، ولذلك فإن الحديث عنه إنما هو جزء من السياسة الدستورية المعمول بها. وعلى رغم أن هذا النهج ليس سليماً من الناحية الديمقراطية، فإنه يحدث توازنات بحسب ماتتوصل إليه الاتفاقات بين الفئات المختلفة.أما في العراق فإن لدينا مصيبة ناتجة عن تقسيم المجتمع طائفياً وأثنياً، وهذا البلد الغني في موارده وفي كل مايحلم به أي بلد، يمر الآن في محنة كبيرة، نسأل الله أن يخلصهم منها ويخلص المنطقة من شرورها. ولذلك، فإننا في البحرين لدينا فرصة للتعلم من التجارب، وأن نتخلص فعلاً (وليس قولاً فقط) من تصنيف المجتمع على أسس غير وطنية. ولكننا في حال لم نتمكن من ذلك، فإن من حقنا كمجتمع أن نناقش الأمور بوضوح لمنع تدهورها... فتشخيص المشكلة يتطلب وضع النقاط على الحروف، وإلا سنكون كالنعامة التي تدفن رأسها في التراب

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1553 - الأربعاء 06 ديسمبر 2006م الموافق 15 ذي القعدة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً