بعيدا عن السجادة الحمراء التي لم أتعود عليها، والافتتاحات الرسمية المتعبة بالنسبة إلي، وبعيداً عن مصافحة العابر من دون السؤال عن كثافة الحب في قلبه، نقف أمام أعمال الفنان الإيراني فرهاد مشيري، هذه الأعمال التي تلقي بنفسها على جدار صالة البارح للفنون التشكيلية، والتي أتت تحت عنوان: «العشق يبدأ» أو الحب يبدأ، ويشار إلى أن هذا المعرض يعد الأول للفنان داخل البحرين، موشيري المولود 1963م بشيراز، والحاصل على تعليمه للفن بكاليفورنيا، قدم أعمالا تصل إلى الواحد والعشرين عملاً، غلب على مقاساتها الحجم الكبير، وأخذت موضوع الأحرف بالخط الفارسي وشكل الجرار التي طليت بالزجاج، والبعض الآخر استخدم فيه التذهيب ليعطيه بعد القدم، ومجموعة منها بألوان فاقعة، أما الأعمال التي لم تدخلها الجرار فقد اعتمدت الخط كقيمة جمالية في تكويناتها، وأخذت بعداً فاتناً في البعض منها.
يذكر أن الكثير من المتاحف قامت باقتناء أعمال الفنان فرهاد موشيري، كالمتحف البريطاني ومتحف فيرجينيا للفنون الجميلة، ويمكن للمتابع أن يصل للكثير من أعماله التي قدمها قبل هذا المعرض، والتي بالفعل تشكل نقطة دهشة وتميز، خصوصا في التذهيب، فقد عمل على تكوين أطقم مذهبة، امتازت بأشكالها المبتكرة وفرادتها، لكن أعمال فرهاد المقدمة في دار البارح لم تحمل هذه الشحنة جمالية التي يمكنها أن توقفك على أطراف حواسك، كان بكل بساطة يعتمد على تكرار شكل الجرار، ولصق بعض الأحرف والكلمات التي أخذها عن الأشعار والغناء الفارسي، لا تجد في الأعمال المقدمة لفرهاد ما يستفزك، وإذا حاولت مقارنة هذا المعرض بالمعارض التي قدمها سابقاً، ستجد نفسك مضطرا إلى الحزن، ربما يكون هذا المعرض مهماً في عواصم غربية، كما يرى الفنان البحريني عباس يوسف، لأنه يحمل لمسة شرقية، تكون مختلفة عن ما يحيط بها، إلا أن فرهاد يقدم معرضه في الشرق، وفي البحرين بالذات، هذه البقعة التي ينتمي أكثر مبدعيها للفن، فهو كناقل التمر إلى هجر.
عن تجربته اختلف الفنانون داخل البحرين، لكن بقيت مشروعية التساؤل تطاردنا، وهي هل استطاع فرهاد تجاوز المنجز، سواء بالنسبة إليه أو بالنسبة إلى المحيط، وأقصد من خلال هذا المعرض بالذات، هل أضاف إلى السمة التاريخية للجرار بعداً آخر غير «البعد الثلاثي»، والذي توصم أعماله به، علما بأن الجرار لها استدعاؤها التاريخي المشحون بالدلالات، هل من القيمة الجمالية أن تتراوح قيمة الأعمال من 650 حتى غاية 6000 دينار بحريني، الكثير من الأسئلة حضرت معي حين لامستني أعمال الفنان الإيراني فرهاد موشيري
العدد 1553 - الأربعاء 06 ديسمبر 2006م الموافق 15 ذي القعدة 1427هـ