العدد 2475 - الثلثاء 16 يونيو 2009م الموافق 22 جمادى الآخرة 1430هـ

وبعد أن نطق نتنياهو: هل من أمل في السلام!؟

محمد علي الهرفي comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

حاولت أن أجد شيئا -أي شيء- في خطاب نتنياهو حول السلام الذي ادعى أنه خصص خطابه من أجل الحديث عنه فلم أجد أي شيء حتى ولو كان تافها.

كان الرجل واضحا في فرض شروطه، ليس على الفلسطينيين وحدهم بل على الأمة العربية كلها، وكان يتحدث اليهم وكأنهم صبية صغار ما عليهم إلا أن يستجيبوا له، ولرؤيته لكيفية السلام، ونظرته بشكل الدولة الفلسطينية في المستقبل.

الدولة الفلسطينية -إذا قدر لها أن تقوم- فيجب أن تكون دولة مسخ، وليس لها سلاح، ولا قوة جوية، ومراقبة بكل دقة لكي لا يدخل لها أي قطعة سلاح، والأسوأ من هذا كله لم يقل ما هي الحدود التي ستشملها هذه الدولة!

نتنياهو قال بكل وضوح: إن «إسرائيل» يهودية بالكامل، وأنها لن تقبل بعودة أي لاجئ، وأن مشكلة اللاجئين يجب أن يحلها العرب أنفسهم، أي أن على الدول العربية أن تبقي هؤلاء اللاجئين حيث هم الآن، وقد استشهد هذا الصهيوني بأن دولته استقطبت اليهود من كل أنحاء العالم، فلماذا لا يستقطب العرب الفلسطينيين؟ أرأيتم أسوأ من هذا الإنسان؟ أصحاب الأرض يجب أن لا يعودوا إليها، أما الصهاينة فهم الذين يرحب بهم في أي وقت؟

القدس -كما قال- عاصمة موحدة لـ»إسرائيل» اليهودية، وليذهب الفلسطينيون والعرب والمسلمون إلى الجحيم، فلا حق لهم في مدينتهم المقدسة لأنه وآباءه وأجداده أحق بها من أهلها الأصليين!

أما المستوطنات وتمددها الطبيعي فهو حق مشروع للصهاينة، أما الفلسطينيون فلا حق لهم في العيش بسلام، ولا في التمدد الطبيعي مثل غيرهم، بل كل الذي تفضل به عليهم -إذا وافقوا على كل شيء- أن يأكلوا ويشربوا بسلام وليحمدوا الله على هذه النعمة التي تفضل بها عليهم هذا الصهيوني النتن!

نتنياهو أراد -أيضا- أن يستفيد من المال العربي فشجع -مشكورا- الشعوب العربية على الاستثمار في بلاده فهي أحسن من سواها، والاستثمار في بلاد أبناء العمومة خير من الاستثمار في سواها! أرأيتم أحسن من هذا العرض؟ أرأيتم أفضل من هذه الأخلاق؟

ونتنياهو -صاحب القلب الرقيق- يكره الحروب ويعشق السلام، ويتمنى من العرب جميعا أن يساعدوه على تحقيق السلام!

وكأن هذا المخلوق لم يشارك في قتل آلاف الفلسطينيين، ولم يتآمر على قادة المقاومة، ولم يحاصر أهالي غزة حتى مات الكثير منهم... كل ذلك ألا يدل -رحمكم الله- على حبه للسلام وكراهيته للحرب؟!

على أية حال -شخصيا- لم أتوقع من نتنياهو غير ما سمعته منه، فتاريخه مليء بالإجرام، وهو صهيوني حتى النخاع، فهو بالتالي لن يفعل شيئا في سبيل تحقيق السلام مهما كان تافها.

نسي خريطة الطريق -على سوئها- ونسي المبادرة العربية -رغم أنها في صالح دولته أكثر مما هي في مصلحة العرب- وتحدث عن خريطة طريق بحسب رؤيته ومفهومه ونسف كل شيء، وسخر من كل العرب وقادتهم.

القضية كما أعتقد ليست قضية نتنياهو أو أي صهيوني آخر، بل هي قضية العرب عموما والفلسطينيين على وجه الخصوص. فما لم يوحد هؤلاء جهودهم من أجل قضيتهم فلن يقدم لهم الصهاينة أي شيء.

على السيد أبو مازن أن يترك ملاحقة المقاومين وأن يقف إلى جانب المقاومة فهي التي ستعيد فلسطين، أما دايتون وخطته فهي تكريس للاحتلال، ومساعدة له، وخيانة للأمة وللفلسطينيين.

على الفلسطينيين أن يتحدوا، وأن يبتعدوا عن خلافاتهم لأنها تضعفهم جميعا وتجعل العدو يتحكم فيهم إلى درجة كبيرة.

وعلى قادة العرب أن يكون لهم موقف واضح من الاستهتار الصهيوني بهم جميعا، وأن يفهموا رسالة نتنياهو إذا كانوا لازالوا غير قادرين على الفهم. عليهم أن يقفوا بقوة وحزم لتحقيق ما اتفقوا عليه تجاه القضية الفلسطينية وإلا سيكونون محل سخرية من كل الشعوب بما فيها شعوبهم.

أما السيد أوباما فلست أدري ماذا سيقول بعد أن نسف نتنياهو كل تطلعاته لحل قضية فلسطين! هل سيجد تبريرات لأقواله؟ هل سيتخذ موقفا واضحا أم يفعل مثل سابقيه؟

لست أدري... كل الذي أدريه أن العرب وقادتهم إذا لم يفعلوا شيئا له قيمة فلن يقف معهم أحد.

إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"

العدد 2475 - الثلثاء 16 يونيو 2009م الموافق 22 جمادى الآخرة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً