العدد 1552 - الثلثاء 05 ديسمبر 2006م الموافق 14 ذي القعدة 1427هـ

موجات وتوجهات

هشام عبدالرحمن خليفة comments [at] alwasatnews.com

لا شك في أن هناك فارقاً كبيراً بين التفكير الذي يقود الشباب اليوم وبين التفكير الذي يوجه به الآباء أولادهم. فمن جانب الأبناء, لديهم تطلعات مستقبلية قد تبتعد كثيراً عما اعتادت عليه الأجيال السابقة. وذلك ليس فقط بسبب التشكيلة المختلفة لعالم اليوم من تقنية وروابط وازدهار اقتصادي لا مثيل له, بل أيضاً من الناحية النفسية. للتوضيح, نقصد بالنفسية هنا تلك الشخصية, التي تختلف من جيل إلى جيل. ولذلك يجدر بالآباء أن يتعرفوا على صفات أبنائهم التي هي موجهة نحو المستقبل أكثر من أي شيء آخر.

فكم من مرة صارحتم فيها أبناءكم عما يتمنون عمله وما يسعون إليه؟ قد نستغرب بأن في الكثير من الحالات, يتوقع الأب بأن يجيب الابن على ذلك السؤال من تلقاء نفسه ومن دون مشاورته في الأمر، لكن هل في سؤال كهذا ضرر؟ كلا. فما هو إلا طريقة أخرى للتواصل مع الجيل الجديد, والسماع لما لديه من طموح وأحلام. وقبل أن تفوت تلك المرحلة التي يبلغ فيها الشاب قمة طموحه من دون أن يسمع شيئاً من والديه, وهو في نهاية سنوات الدراسة وقبل الالتحاق بالجامعة.

تلك فترة محنة للابن حين يتجه هنا وهناك ليجد نفسه, وهي أيضاً عصيبة للأب حتى يدع ابنه يسلك طريقاً غير مأهول ويتعلم مهما كانت النتيجة. فلا على الأب لعب دور الدكتاتور, ولا عليه التسلط بشدة, ولكن عليه الإرشاد والاستماع للابن. فكل من الأب والابن يلعبان دور المستشار. الابن بصفته واعياً ومتطلعاً نحو المستقبل وما يحتضنه من فرص, والأب واعياً بصفته ذا خبرة واسعة في الحياة والعمل بشكل عام, وبكونه قائداً لجيل شاب مازال يستكشف العالم (بما فيه نفسه!).

ومهما كانت الفوارق في المبادئ والتفكير بين الجهتين, يبقى شيء واحد مهم في العلاقة بين الأب والابن, وهو الاحترام المتبادل. فالأخذ والعطاء بين الآباء والأبناء يعزز الاحترام والتقدير بين الطرفين. وذلك عبر التفاهم والتعارف على شخصية بعضهم بعضاً ونظرتهم المختلفة للحياة. وبلا شك فإن الآباء لديهم خبرة تراكمية أكبر ناتجة عن فارق السن, وهذه نجدها ثروة يمكن للأبناء الاستفادة منها واستغلالها لإعداد وتوجيه أنفسهم نحو أهدافهم المنشودة.

في نهاية الأمر, يمكننا توجيه أجيال المستقبل, لكن ليس علينا أن نحصرهم ضمن عقلية قد يكون فات أوانها. ولا نستغرب إن وجد الآباء بأنهم يتعلمون من أبنائهم بقدر ما أبناؤهم يتعلمون منهم. فلا فارق في العلم سوى الرغبة في التعلم والتفاهم والتقارب

العدد 1552 - الثلثاء 05 ديسمبر 2006م الموافق 14 ذي القعدة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً