لم تكن نتائج انتخابات الدور الأول من الانتخابات مفاجأةً، كما لم تكن نتائج الدور الثاني خارج نطاق التوقعات... فكل شيء في هذا البلد بحسابٍ ومقدار!
كانت هناك ملاحظاتٌ على فترة الحملات الانتخابية، ولم يكن مناسباً الدخول على بعض الخطوط تجنباً لتعكير صفو «العرس الانتخابي»، أما وقد انقضى الأمر وانفض السامر... فلابد من بعض المسامرات... النسائية هذه المرة!
من بداية التسخين، كنت أتابع غالبية ما يكتب وينشر ويقال. قرأت باهتمام سلسلة مقابلات نشرتها إحدى الصحف الزميلة مع عددٍ من المترشحات لأتعرّف على برامجهن وطموحاتهن وطريقة تفكيرهن، ولكني اكتشفت أن غالبية ما نُشر أشبه بأشرطة التسجيل المكرّرة تم تفريغها على الورق. ولاحقاً اكتشفت انها نتاج دورات «تأهيلية» جرت لنحو 88 من المتقدمات لوظيفة «نائبات مستقبليات» تم الإعلان عنها في صيف العام 2005، في سياق برنامجٍ طموحٍ لتمكين المرأة، منتميات وغير منتميات لجمعيات سياسية وأهلية، ولم يواصل منهن السباق غير 23. وفي ختام التصفيات ترشّحت فعلياً 18 فقط (بلدي ونيابي) من خريجات البرنامج، إلى جانب 4 مستقلات.
الدورات النظرية استمرت 15 شهراً تقريباً، ونظمت دورات تدريبية عدة عن إدارة الحملات، ولا ندري كم كانت الموازنة التي رصدت لهذه الغاية النبيلة، لكن لنعترف أن الحصاد كان دون مستوى طموح الزرّاع بكثير، على رغم كل الدعم المالي والإعلامي والفني.
ليس المطلوب الالتجاء إلى نظرية «الجندرية» أو «المجتمع الذكوري» أو «عقدة أوديب»... إلخ من مقولات موروثة من أيام سيجموند فرويد، إنما المرحلة تتطلب الصدق مع النفس ومراجعة كل الأوراق.
بقراءة الـ ( C.V) لغالبية المترشحات، سنلحظ أن عدداً كبيراً منهن متقاعدات شغلن وظائف تنفيذية وإدارية متوسطة، وهي لا تؤهل بالضرورة الفرد للقيام بوظيفة «نائب». كما أن الأغلبية لم يكن لهن حضورٌ اجتماعي، إلاّ في شهر الانتخابات (للإنصاف... الإشكالات نفسها ترد على كثير من الرجال أيضاً).
زوّار الخيام الشهر الماضي، رجالاً ونساء، صوّتوا لاحقاً لبرامج أو طروحات أو خطب جمعياتٍ بالدرجة الأولى، أمّا ما سمعوه في خيام المترشّحات فلم يرتقِ أغلبه إلى مستوى المواجهة مع المنافسين الرجال «الشرسين». بدلاً من ذلك سمعوا محاضرات دينية أو ثقافية عن التحرّش الجنسي بالأطفال أو عن (البويات) أو «المستصبيات»، (وهي اللفظة العربية الأصح كما أعتقد). وبدل الحديث عن برامج انتخابية عُرض إجراء فحوص طبية في بعض الخيام. بل ان بعض الزوار صُدِم لأن المترشحة لم تكن تعرف معنى «الرقيق الأبيض»، وهي المرشّحة لحلحلة قضايا النساء!
يُقال ان الطبيعة ترفض الفراغ، فالحفرة في الصحراء سرعان ما تملأها الرمال المتحركة، وإذا لم توجد «برامج» حلّت محلها هذه «اللابرامج». وقد فات الكثيرات انهن مترشحاتٌ لبرلمانٍ يناقش المشاكل السياسية للبلد وليس لعلاج نزلات البرد والزكام، وهي ورطةٌ وقع فيها بعض المترشّحين أيضاً.
ما فات مات... وعيوننا على 2010، وكلنا أملٌ أن تنجح برامج تمكين النساء في تقديم نساء أكثر تمكناً وقدرة على إقناع الجمهور.
عطني خدك!
قبل أن أكمل المقال، جاء أحد الزملاء في قسم المحليات مستشيراً في نشر خبر عن منتجع «...»، فقلت له: «تعوّذ من الشيطان... ألا تعلم انه ممنوع؟». وللعلم: في أحد «زرانيق» المنامة هناك برادةٌ صغيرةٌ لآسيوي تحمل اسم برادة «...»، وفي إحدى ضواحي العاصمة هناك مخبزٌ يحمل اسم «خباز...»، ألم يحن الوقت لتطبيق قرارات المنع على الجميع وعدم اقتصارها على الصحافة... أم ان الناس غير وغير؟
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 1552 - الثلثاء 05 ديسمبر 2006م الموافق 14 ذي القعدة 1427هـ