العدد 1552 - الثلثاء 05 ديسمبر 2006م الموافق 14 ذي القعدة 1427هـ

المخرب... الكرامة

عادل مرزوق Adel.Marzooq [at] alwasatnews.com

-

أن نتجاوز فترة الانتخابات، وما صاحبها من «هرج» و «مرج» ضرورة. هذه الضرورة تستدعي استشراف ما هو بانتظارنا في سنواتنا المقبلة، وسواء كنا متفائلين، أم غلبت علينا «الطّيرة»، أجد أن إدارة ظهورنا للوراء لن تقدم شيئاً، بالقدر الذي تُؤخِر. غير أنني عاهدت نفسي حين ننتهي من هذه المعمعة - وقبل أن أختم صفحة الانتخابات في هذا العمود - أن أميل بمعول النقد على شخصية دينية بات الجميع مدركاً حقيقتها المستترة، ولأنه «رجل دين»، كان لحياد الناس تجاهه مبرر ومحل.

كنت أراقب عن كثب دخول هذه الشخصية معترك الانتخابات، ومحاولاته الواضحة تعكير الأجواء الانتخابية لا في مسقط رأسه فقط وإنما في مناطق أخرى أيضاً.

هذه الشخصية، التي تعتبر يوم ولادتها - كما يشير الموقع الإلكتروني الخاص بها - أشبه بـ «الكرامة الإلهية»، كانت، ومازالت تبث وتزرع عرى الفتنة هنا وهناك. لقد استغلت هذه الشخصية سلطة رجل الدين، وهندامها، والسلسلة الطويلة من ألقابها - المجانية - في إحداث ترويج كثير المهاترات التي لم تكن مقتصرة على فترة الانتخابات وحسب، فالتزاحم على نيل المطامع الشخصية في المناصب العليا، والمراكز الكبرى هو تزاحم وشبق «تاريخي»، ومفضوح.

تخمة «الكاريزميات» الدينية العائدة، التي عانت منها البحرين بعد فترة الإصلاحات السياسية في البلاد أفرزت تزاحماً سلبياً راح ضحيته تلكم الأعداد الكبيرة من الجمهور، والذين غالباً ما تسحرهم الخطابات التي تبدأ بآية قرآنية، أو تنتهي بحديث نبوي شريف. وخلال السنوات الأربع الماضية، كان من الواضح أن كثير الشخصيات التي عادت ولم تجد لها موطأ قدم مالت ميلتها الكبرى. وهي، إذ لم تكتفِ بذلك، سارعت خلال فترة الانتخابات الماضية إلى لعب أدوارٍ سخيفة وبليدة.

لا أميل إلى فصل الدين عن السياسة بالمطلق، إلا أن اللعب في هذه المجتمعات المتدينة بهذه الورقة هو مجازفة، وليست النتائج التي نحن بصدد التعامل معها اليوم (مجلس نيابي محاصصته شيعي/ سني) إلا نتيجة طبيعية لاستخدام هذه الورقة الدينية في بعدها السلبي.

لم تكن شخصيتنا هذه، الشخصية الوحيدة التي عبثت بالأوراق وحاولت تفتيت العملية الانتخابية بالاستهداف المباشر للقوى الوطنية والديمقراطية، إلاّ أنها - وعبر توارد الأنباء - كانت الأكثر نشاطاً في تمزيق فرص صعود التيار الوطني، وعلى رغم أنها لم تكن قادرة - لهشاشتها - على إحداث أي فارق في التصويت، فإنها تمثل تلك الصورة المرفوضة من رجال الدين على أي عملية سياسية في أية تجربة.

وعليه، لا أجد في يوم مولد هذه الشخصية من الكرامات شيئاً، ليس من وجهة نظر علمانية فحسب، بل من وجهة نظر دينية أيضاً، فأي كرامة تكمن في الخراب الذي لا يحمل أي قيمة جمالية؟

إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"

العدد 1552 - الثلثاء 05 ديسمبر 2006م الموافق 14 ذي القعدة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً