تعتبر المصروفات حجر الزاوية بالنسبة الى احتمالات النجاح في العملية الانتخابية في البحرين. ويصبح هذا الموضوع أكثر أهمية بالنسبة الى المرشح المستقل.
وتبين لنا (كباحث ومن ثم مترشح) أن الصواب هو أن يقوم المترشح بعمل موازنة دقيقة قدر الإمكان فيما يخص المصروفات، ويجب أن يكون كريماً إلى أبعد الحدود، هذا على افتراض رغبته في الفوز من دون مشكلات كبيرة ومن الجولة الأولى.
استناداً الى دراسة قمنا بإعدادها، تبين لنا أن مصروفات العملية الانتخابية في البحرين تنقسم إلى خمس مراحل، وهي: 1) المسح والبحث الميداني 2) التسجيل والإعلان عن الترشيح 3) الجولات الانتخابية والدعاية 4) يوم الانتخابات 5) ما بعد الانتخابات. وكشفت الدراسة أن المرحلة الثالثة (الجولات الانتخابية والدعاية) هي الأكثر كلفة إذ لها نصيب الأسد من مجموع المصروفات.
اقتصرت الدراسة على المشاركين في الانتخابات النيابية بصفة مستقل. باختصار، أظهرت الدراسة إلى أن الكلفة قد تصل الى نحو 20 ألف دينار. وتزداد الكلفة إلى نحو 29 ألف دينار في حال خوض الجولة الثانية من الانتخابات. بالمقابل، بمقدور الفرد التخلص من بعض أو الكثير من المصروفات في حال خوض الانتخابات ضمن إحدى القوائم التابعة للجمعيات السياسية، فمن المؤكد أن النزول للانتخابات ضمن قائمة إحدى الجمعيات يوفر الكثير من المصروفات. وقد أظهرت انتخابات العام 2006 حصول مرشحي الجمعيات على الكثير من المزايا، مثل حصول المترشح على فريق عمل خاض دورة تدريبية. كما قامت الجمعيات السياسية بأعمال متنوعة لمرشحيها مثل الإعلان في الصحافة.
ويبدو أن كلفة العملية الانتخابية ربما تدفع بالمزيد من المترشحين في انتخابات العام 2010 للانضمام إلى الجمعيات، وبالتالي العمل ضمن كتل نيابية.
على العموم، يعتبر تشكيل جمعيات (أو بالأحرى أحزاب سياسية) ظاهرة صحية ودليلاً على النضج السياسي في البلاد كما هو الحال في الديمقراطيات العريقة (لاحظ على سبيل المثال الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الولايات المتحدة والمحافظين والعمال في بريطانيا).
نورد في هذا المقال بعض التفاصيل الواردة في بحثنا والذي استغرق تنفيذه قرابة ستة أشهر. وقد حصلنا على مساعدة من قبل «بيت الخبرة البرلمانية» ومقره القاهرة لغرض تنفيذ البحث.
أولاً: المسح والبحث الميداني
تعتبر هذه المرحلة ضرورية لأنها تكشف المكانة النسبية للمترشح في الدائرة الانتخابية وبالتالي ما المطلوب عمله لتعزيز القدرة التنافسية. كما توفر هذه المرحلة فرصة الإطلاع على آراء الناخبين بخصوص الصفات التي يرغبون في توافرها لدى المرشحين. تغطي مصروفات هذه المرحلة الأمور الآتية:
- الخدمات الفنية (تصميم البحث المتعلق باستقصاء المعلومات).
- فريق جمع المعلومات (أجور لأربعة أفراد لمدة أربعة أسابيع).
- الانتقال والإعاشة (المواصلات زائداً النفط، إضافة إلى توفير الأطعمة لفريق جمع المعلومات).
- المستلزمات الإدارية (أوراق وأقلام، مطبوعات خاصة بالبحث).
- المقابلات (تجرى المقابلات مع عينات تمثل مختلف شرائح الناخبين في المنطقة).
بدا لنا خلال البحث بأن كلفة المرحلة الأولى تبلغ نحو ألف و500 دينار نظراً في حال رغبة المترشح إجراء دراسة علمية. وبحسب تجربة العام 2006 تبين أن بعض المترشحين وخصوصاً المستقلين منهم، لم يكونوا على استعداد لتحمل المصروفات المتعلقة بهذه المرحلة. وربما هذا يفسر فشل غالبية المستقلين في الفوز بمقاعد برلمانية. بدورها قامت الجمعيات السياسية بدراسة أوضاع مرشحيها بشكل دقيق، الأمر الذي وفّر مبلغاً من المال على المترشح الذي خاض التجربة عبر إحدى القوائم.
ثانياً: التسجيل والإعلان عن الترشيح
تتمثل مصروفات هذه المرحلة في استخراج الأوراق المطلوبة فضلاً عن رسم التسجيل للترشيح. كما أن هناك مصروفات تتعلق بإعلان الترشيح ودعوة ناخبي الدائرة الانتخابية، إضافة إلى وسائل الإعلام وخصوصاً مندوبي الصحف اليومية للوقوف على آراء المترشح. قدّرنا مصروفات هذه المرحلة بنحو 500 دينار، شاملاً 200 دينار رسوم تسجيل الانتخابات. كما فرضت الحكومة رسماً قدره 100 دينار للبلدية على شكل ضمان قابل للإرجاع بعد إزالة مخلفات العملية الانتخابية مثل صور المترشح من الطرقات. ويبقى أن المترشح خسر فرصة الاستفادة من 100 دينار في فترة حرجة نسبياً.
لاحظنا خلال بعض الجولات التي قمنا بها للخيم الانتخابية، تجنّب بعض المترشّحين الصرف بشكل سخي. وبدا لنا من خلال التحري أن بعض المترشحين استعجلوا، ربما صرفوا أموالهم في الأسابيع الأولى للعملية الانتخابية وعليه مروا بظروف مالية صعبة في غضون فترة قصيرة. وهذا يعني فيما يعني عدم التخطيط بشكل سليم للموازنة. سنواصل الكتابة عن موضوع مصروفات العملية الانتخابية في البحرين في مقال يوم غد (الخميس) إذ سنسلط الضوء على أهم مرحلة، وهي الجولات الانتخابية والدعاية
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1552 - الثلثاء 05 ديسمبر 2006م الموافق 14 ذي القعدة 1427هـ