العدد 2475 - الثلثاء 16 يونيو 2009م الموافق 22 جمادى الآخرة 1430هـ

خازوق نتنياهو!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

هذا إذا ما كان ينتظره العالم من رئيس الحكومة الاسرائيلية المتطرفة بنامين نتنياهو: خازوقٌ لا يقبل بالجلوس عليه أحد، حتى أكثر العرب سلاما واعتدالا!

الرفيق نتنياهو لم يترك فرصة لمتعلّلٍ بالسلام، فهو طرح شروطا تعجيزية، تحرج أصدقاء «إسرائيل» الجدد في المنطقة، وتحرج الرئيس الأميركي الجديد الذي وعد قبل أسبوعين بإحلال السلام والمصالحة التاريخية بين أبناء العمومة.

نتنياهو تعهد بالاحتفاظ بالقدس الموحدة عاصمة لـ»اسرائيل»، متجاوزا التنازل العربي بقبول تقاسمها نصفين، ففلسطين أصبحت أرض آبائه وأجداده، وليبحث الفلسطينيون المشرّدون في الخيام عن أرضٍ أخرى ليتخذوها وطنا... ففلسطين التي تتسع أرضها للمهاجرين البيض والشقر والخزر والفلاشا، لم تعد تتسع لعودة اللاجئين من أبناء الأرض الأصليين!

أما الباقون الذين قبلوا بمسارات مدريد وأوسلو، فعليهم ألا يفكّروا بأكثر من دولة مشطّرة، منزوعة السلاح، لا تملك جيشا ولا حدودا ولا عاصمة، ولا تمارس سيادة. وعلى رئيسها أن يبدأ حكمه بفرض سلطته على قطاع غزة الذي تسيطر عليه «حماس»! وقبل أن يفكّروا بالدولة... عليهم أن يعترفوا أولا بيهودية «إسرائيل»، وليس لهم الحق في المطالبة بإيقاف الاستيطان في الضفة الغربية، لأنه يأتي تلبية لحاجة طبيعية وإنسانية، ولا يعترض عليه غير الوحوش!

هذا الخطاب استقبله الفلسطينيون جميعا بالرفض والاستنكار، فالسلطة طالبت المجتمع الدولي برفض الخطاب، ومواجهة هذه السياسة التي تريد القضاء على أية فرصةٍ للسلام. فنتنياهو «يتحدّث عن مفاوضات وكانتونات... كانتون دولة فلسطين بعَلَمٍ ونشيد، ولم يبق لنا على الطاولة ما نتفاوض عليه» كما قال كبير المفاوضين صائب عريقات!

الملاحظ أن كل أقطاب السلطة رفضوا الخطاب جملة وتفصيلا، وهم في ذلك يلتقون مع «حماس»، التي اعتبرته يعكس أيدلوجيته العنصرية المتطرفة، وينسف كل حقوق الشعب الفلسطيني.

الإسرائيليون أنفسهم انقسموا حول الخطاب، فاليسار اعتبره شعارات فارغة يستعيدها من فترة ولايته الأولى، واليمين اعتبرها خضوعا للضغوط الأميركية، وإن كانت خطوة تمهّد الطريق للمفاوضات مع العرب والتطبيع الجماعي الشامل. بل إن شيمون بيريز وصف صاحبه بأنه «شجاع».

بعض الوكالات قالت إن خطاب نتنياهو جاء خضوعا للضغوط التي مارستها واشنطن على مدى أسابيع! ولا ندري كيف كان سيكون هذا الخطاب لو لم تمارس عليه أية ضغوط! واكتشفنا أن البيت الأبيض كان أول المرحّبين بهذا الإنجاز التاريخي الذي تنازل فيه نتنياهو وقبِل لأول مرةٍ بإعطاء الفلسطينيين دولة، واعتبرها «خطوة مهمة للأمام نحو تطبيق رؤية أوباما للسلام»!

الاتحاد الأوروبي رحّب أيضا بالخطاب العظيم باعتباره «خطوة في الاتجاه الصحيح» وكذلك فعلت برلين. أما من الجانب العربي فقد انعكست خيبة الأمل على موقف الجامعة العربية، التي انتقدت هذه الأطروحة التي تشبه الحكم الذاتي التي عفا عليها الزمن. بل إن الموقف المصري تميّز هذه المرة بدرجةٍ جيدةٍ من التماسك، حين أعلن الرئيس حسني مبارك رفضه لدعوة الاعتراف بـ»إسرائيل» دولة يهودية، وأن إسقاط حق العودة لن تجد من يتجاوب معها في مصر أو غيرها.

إنها لمصيبةٌ كبرى أن يبتلي العالم العربي، بمثل هذا الخازوق الذي يهدد ما تم بناؤه حتى الآن من جهود لتحقيق السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2475 - الثلثاء 16 يونيو 2009م الموافق 22 جمادى الآخرة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً