عدد من التعليقات التي انطلقت بعد إعلان نتائج الانتخابات النيابية والبلدية تحدثت عن فوز «الإسلام السياسي» في البحرين، وهذا المصطلح يحمل في طياته الكثير من المحتويات المتناقضة. فالمصطلح استخدم في وسائل الإعلام الغربية خلال العقدين الماضيين لوصف الحركات الإسلامية، وبالتالي فإن كل شخص ينتمي إلى أي حركة إسلامية يصبح من جماعات «الإسلام السياسي»... وهذا يشمل كل الناس من انصار تنظيم «القاعدة» إلى حركة «حماس» وحزب الله والعدالة والتنمية المغربية والعدالة والتنمية التركية وأنظمة الحكم في إيران والسعودية والسودان (وسابقاً أفغانستان)... إلى غيرها من المجموعات التي لا تلتقي مع بعضها في شيء، ولكنها كلها تصنف بأنها من جماعات «الإسلام السياسي».
على رغم كل هذا التناقض، فإن البعض قال: «إن الإسلام السياسي انتصر في البحرين»، قاصداً بذلك كتل «الوفاق» و«المنبر الإسلامي» و«الأصالة»، على رغم كل الاختلافات بين هذه الكتل، وعلى رغم أن بعضها يصنف بالمعارضة والآخر يصنف على انه قريب من الخط الرسمي. إذاً التناقض الأول في المصطلح أنه يخلط كل الأنواع والأصناف ويتعامل معها كما لو كانت شيئاً واحداً... وهذا يفسر أحد أسباب المصائب التي تقع فيها الإدارة الأميركية التي تعتمد على هذا التصنيف في تعاملها مع قضايا السياسة المتعلقة ببلداننا.
المشكلة الأخرى هي أن «الإسلام السياسي» يقترن منذ الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001 بالعنف وبالعمليات الانتحارية وبالعداء الأبدي بين الإسلام والثقافات الأخرى وبالرفض المحوري للممارسات الديمقراطية وتداول السلطة... بمعنى آخر فإن من يستخدم مصطلح «الإسلام السياسي» كأنه يود أن يبعث رسائل إلى من يهمه الأمر «لقد وصل إلى مواقع النفوذ أعداء الديمقراطية».
التناقض الآخر في المصطلح انه مستمد من الثقافة الغربية التي تتحدث عن ضرورة «فصل الكنيسة عن الدولة»، ولكن في الإسلام فإن المسجد لا يقابل الكنيسة، وموقع المسجد في الحياة العامة ليس كما كان موقع الكنيسة في حياة المجتمع الأوروبي المسيحي قبل خمسة قرون. وفي المجتمع المسيحي نشأت حركات في الماضي اطلق عليها مصطلح «الأصولية»، أي التي تدعو إلى العودة إلى النهج الديني، ومن ثم استخدم المصطلح نفسه لوصف الحركات الإسلامية الحديثة، وعلى أساس ذلك خرج لنا مصطلح «الإسلام السياسي».
في كل الحالات فإن المصطلح لا ينطبق على واقعنا، ولا يمكننا أن نقول إن «الإسلام السياسي» انتصر في الانتخابات البحرينية، اللهم إلا إذا كنا نود إرسال رسائل إلى من يهمه الأمر
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1551 - الإثنين 04 ديسمبر 2006م الموافق 13 ذي القعدة 1427هـ