تناولت أرقام الحلقة الأولى انتشار الإيدز على المستوى الجغرافي والسياسي، ونلقي الضوء اليوم على انتشاره في صفوف المرأة والشباب، إذ نجد أوسع انتشار للإيدز هو في صفوف النساء. ففي العام 2002، توفيت ما يقرب عن 1.2 مليون امرأة لأسباب مرتبطة بالإيدز. وتجدر الإشارة إلى ازدياد عدد النساء المصابات بالإيدز على مستوى العالم، إذ إن نحو 50 في المئة من عدد المصابين بالإيدز من النساء. ويساعد الوضع الجنسي والاقتصادي للنساء على انتشار وباء الإيدز. ويزداد عدد النساء المصابات بالإيدز في سن أصغر من الرجال. وفي جميع أنحاء إفريقيا، يعتبر أكثر من نصف المصابين بالإيدز من النساء، كما أن هناك أكثر من خمسة ملايين امرأة في سن الحمل مصابة بالإيدز. وينتشر انتقال العدوى من الأم إلى الطفل، مما يساعد على تفاقم المشكلة. وهناك امرأة مصابة بفيروس الإيدز من بين كل ثلاث نساء يترددن على عيادات ما قبل الولادة في بعض المراكز الإفريقية الرئيسية.
ولعل هذا ما ساعد على انتشاره في صفوف الشباب والأطفال، ففي العام 2002، توفي ما يقرب عن 600 مليون طفل دون سن الــ 15 عامًا لأسباب مرتبطة بالإيدز. كما أن هناك نحو 10.3 ملايين شاب تتراوح أعمارهم ما بين 15-24 عامًا مصاب بالإيدز. وتقع نصف حالات الإصابة الجديدة بالإيدز - نحو 6000 حالة يوميًا - بين الشباب. وقد فقد حوالي 13 مليون طفل ذويهم من جراء الإيدز، ومن المتوقع أن يتضاعف هذا الرقم بحلول العام 2010.
وأدى مثل هذا الانتشار إلى نتائج وخيمة على المستويين الاجتماعي والاقتصادي. فقد أعلن المصرف الدولي في العام 2000 أن الإيدز يمثل أزمة في مجال التنمية. ويقدر أن معدل دخل الفرد في نصف دول شبه الصحراء الإفريقية يقل عن 0.5 إلى 1 في المئة كل عام كنتيجة مباشرة للإصابة بالإيدز. وبحلول العام 2010 قد يقل إجمالي دخل الفرد بنحو 8 في المئة.
يزداد الأمر خطورة عندما نكتشف تأثيرات الإيدز الخطيرة على القوى العاملة. فقد كشف تقرير صادر عن منظمة العمل الدولية أن فيروس الإيدز يشل القوى العاملة في الكثير من البلدان. وتؤكد منظمة العمل الدولية ان 3.5 ملايين شخص في سن النشاط المهني توفوا في العام 2005 من جراء الإصابة بالإيدز. بالاضافة إلى ذلك، يخسر أكثر من مليون شخص وظائفهم سنوياً بسبب هذا الفيروس، وغالبية هؤلاء هم في البلدان الإفريقية.
وأشارت منظمة العمل الدولية في تقريرها إلى أن هناك ضرورة كبيرة لتأمين العلاجات المضادة للفيروس، وإن لم يحصل ذلك، فإن عدد ضحايا الإيدز بين الذين هم في سن النشاط المهني سيبلغ 45 مليونا في العام 2010 ، وسوف يتضاعف هذا الرقم بحلول العام 2020. وتقدر المنظمة ان هناك أكثر من 36 مليون شخص مصاب بالفيروس حاليا وهم جميعهم في سن النشاط المهني. وأجرت المنظمة بحثا شمل 43 بلدا، ومن بين هذه البلاد من يعاني من معدلات عالية جدا من الإصابات بالإيدز. ويذكر التقرير أن 70 في المئة من هذه البلدان تقع جغرافيا في منطقة جنوبي الصحراء الإفريقية. واستنادا إلى الأبحاث التي أجرتها، تقول المنظمة: إن نحو 1.3 مليون شخص يخسرون عملهم سنويا كل سنة منذ 1992 و 2004 بسبب الإصابة بالفيروس.
وقالت اوديل فرانك، وهي إحدى الباحثات التي شاركت في صوغ التقرير: إن هناك حاجة كبيرة لإيجاد فرص عمل للمصابين بالإيدز. لقد مرّ حتى اليوم 25 عاما منذ أن تم التعرّف على مرض الأيدز وكشفه إلا أن إيجاد لقاح ضد الفيروس لا يزال بعيد المنال على رغم التقدّم الكبير الذي تحقق في مجال العلاجات.
لكن هناك خطوة تسبق الحديث عن توفير سبل العلاج، تلك هي الاعتراف بوجود المرض، وعدم التحرج من الإفصاح عنه، سواء أكان ذلك على مستوى المريض الفرد، أم المؤسسة، حكومية كانت أم خاصة. وأي بلد تفتقر إلى مثل تلك المعلومات يصعب الحديث عن حلول جادة لمثل هذا المرض الفتاك
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1550 - الأحد 03 ديسمبر 2006م الموافق 12 ذي القعدة 1427هـ