العدد 1550 - الأحد 03 ديسمبر 2006م الموافق 12 ذي القعدة 1427هـ

وقفة على إطلالة العرس السياسي

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

طوت البحرين صفحة من صفحات العمل السياسي، يوم 25 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، في عرس سياسي حافل شارك فيه الجميع صغاراً وكباراً، نساء ورجالاً، شباباً وكهولاً، سنة وشيعة. ولوحظ رئيس المجلس الاسلامي العلمائي الشيخ عيسى أحمد قاسم في مقدمة الناخبين، وأدلى بصوته في الانتخابات. وهذا مؤشر إيجابي قوي لدعمه قرار المشاركة، والأولى أن يكون في صفوف المقترعين على رغم الرهانات المشككة في قيامه بدور كهذا. وجاءت حركته بهذا الاتجاه لتخرس الأصوات المشككة من خفافيش الليل الذين يفضلون الكلام في المطلق، بغرض إحداث الفتنة والفرقة بين الصفوف المتماسكة.

ومما أعطى المشاركة نكهة خاصة، واستبشر الناس حينها بخير من الصباح، هطول المطر، فالمطر لا يأتي إلا بالخير للجميع، وأخذ الناخبون فرصتهم للدعاء لمرشحيهم بالنصر والفوز المؤزر. وكانت هناك رغبة جامحة باتجاه تشكيل مستقبل البحرين السياسي من خلال المجالس المنتخبة البلدية والنيابية، ويتضح ذلك بجلاء من خلال نسبة المشاركة، إذ وصلت إلى 72 في المئة، وذلك بفضل مشاركة المقاطعين ودعم «المجلس العلمائي» لقرار المشاركة. وكان ذلك رهانا مفتوحا، إذ لم يتوقع قطاع كبير أن تصل المشاركة إلى 72 في المئة، ونحن نؤكد أن «الوفاق» إذا شاركت أو قاطعت فإنها تستطيع أن تحدث هزة يشعر بها القريب والبعيد.

مر ذلك اليوم وكأنه عرس سياسي بهيج، لم يظل أحد في بيته إلى ساعات متأخرة من الليل، على رغم المنغصات المعتادة من قبل الجهات الرسمية والتي لا تنتهي حتى باتت كأنها ملح الطعام، على رغم بدئها باكراً قبل تحديد موعد الانتخابات أصلاً، ولكن بالإرادة الشعبية تم اختيار المرشحين الممثلين للشعب، محملينهم المسئوليات الجسام بعد أن استشعروا طوال فترة العملية الانتخابية التي لم تستمر طويلاً بسبب تأخر إعلان موعد الانتخابات من قبل الجهات الرسمية... بقدرة هؤلاء المترشحين ومدى توافر الاستعدادات والإمكانات لحمل الأمانة، وبعد أن وقف الجميع معهم مساندين وداعمين، ليل نهار، فإذا ضاق الوقت وتعب الجسد بقي القلب ينبض بالدعاء لهم. ونحن نأمل أن يكون النواب الأربعون، أو لنقل الثمانين - الذين فازوا في الانتخابات البلدية والنيابية بعد أن أداروا العملية الانتخابية بنجاح، وبعد انتهاء المعركة وخروج الخصوم سواء من الجولة الأولى أو الثانية -أوفياء بالعهود والمواثيق، والوعود التي قطعوها على أنفسهم، وأن يكونوا أمينين نزيهين قولاً وفعلاً. عليهم أن يصدقوا القول فيما قالوه لا أن ينسوا ما قالوه بمجرد تحقق النصر، وأن يفكروا كيف يحولون البرنامج الانتخابي الذي تحدثوا عنه كثيراً وكان سبباً حقيقياً في إقناع الناخبين بهم وبأفكارهم... كيف يحوّلونه إلى واقع عملي محسوس، ويجسدونه على أرض الواقع خلال السنوات الأربع المقبلة.

كما أن عليهم أن يفكروا كيف يمكن أن يعمل النائب الممثل للشعب لا لنفسه، وكيف يعمل من أجل مصلحة الوطن والمواطن، لا من أجل مصلحته الذاتية، فبعض النواب السابقين فشل في التجربة بعد أن جد واجتهد في الجري وراء مصالحه الشخصية، وها هو الآن يغادر المجلس، فعلينا أن نأخذ العبرة والعظة. فعلى النواب الجدد من الآن إذا لم تتوافر هذه الكفاية، أن يطرحوا مصالحهم الشخصية جانباً وأن يفكروا في المصلحة العامة والعليا للشعب، فالمرحلة المقبلة حساسة ومهمة جداً، وهناك تحد كبير أمام كل من نجح في بناء جسور وقلاع، وأن يأخذ معه كل من صوت له، لا أن يعبر بنفسه ويترك من حوله، وأن يبذلوا قصارى جهودهم في سبيل نيل مطالب الشعب. فلسنا بحاجة إلى نواب يعملون ضد مصالح من كانوا السبب في وصولهم إلى البرلمان، فليس جزاء الإحسان إلا الإحسان، وعليهم أن يتذكّروا أن الأصوات التي حصلوا عليها يجب أن يثمنوها بالغالي والثمين، وأن يتعاملوا معها بإيجابية تامة، كأن تكون لهم أذرع وسيوف من أجل أخذ الحقوق.

علينا أن نتذكر على الدوام، أن الناخبين قلّدوكم قلادات على رقابكم لأربع سنوات مقبلة، وهم يتوسمون فيكم ألا تجعلوها قابلة للذبول والجفاف، ويأملون منكم أن تظل ندية يانعة تنبض بالحياة وتبشر بالأمل، ولا أظن أن ذلك من الأمور المستحيلة، فعليهم أن يهيئوا السبل الممكنة لذلك، فالزهور لكي تبقى ندية تحتاج إلى تربة وماء وهواء، فلا تبخلوا عليها بذلك.

كما يجب على الناخبين أن يعطوا النواب الفرصة لتقديم ما بوسعهم، وأن يصبروا عليهم ويتفهموا طبيعة عملهم التشريعي والرقابي والخدماتي، وأن يشجعوهم ويقفوا معهم، لا أن يحبطوهم، فالعمل السياسي لا يقاس بالسنوات الأربع، فأربع سنوات من العمر السياسي بسيطة جداً، فلا نستعجل الأمور.

الناخب في الدورة الثانية أصبح أكثر وعياً ونضجاً، وذلك انعكس على اختياره للمرشحين، فاختار مرشحه بعناية تامة، لأنه يشعر بأنه لا مجال للمجاملة، كما أن الملفات الاقتصادية التي تمثل ملفات ساخنة بالنسبة إلى المواطن البحريني لا يمكن تحريكها إلا من خلال برلمان قوي، وقوى سياسية ناضجة، والخطوة الأولى لتحقيق المكاسب تأتي من خلال تشكيل مجلس قوي ومرشحين أوفياء ثقات

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 1550 - الأحد 03 ديسمبر 2006م الموافق 12 ذي القعدة 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً