البرلمان الجديد سيبدأ أعماله قريباً وسط توقعات وآمال كبيرة منعقدة على حكمة الجميع في ادارة العملية السياسية بعيداً عن المزايدات التي شهدناها في المرة الماضية، وخصوصاً أن الكتل النيابية سيكون لها ثقل كبير، وهناك التعويل على ان تكون أولوية الجميع تتضمن التعايش والتفاهم على رغم تباين الآراء. واذا كانت هناك من خدمة تقدمها الكتل النيابية فهي تجاهل من يحاول العبث بالمشاعر من خلال تصريحات الازدراء التي تثير النعرات الطائفية والعنصرية. فأي مجتمع يحترم نفسه لا يفسح المجال لمن يحمل أفكاراً تفريقية وتحريضية ضد فئات من المجتمع بأن يقود مسيرة وطنية تشمل الجميع.
التحدي الأكبر - كما تمت الإشارة الى ذلك سابقاً - يكمن في كسب الثقة بين الأطراف التي كانت تسمع عن بعضها بعضاً من طرف ثالث، ولكنها اليوم تسمع من بعضها مباشرة. والجلوس في غرف اللجان وجهاً لوجه سيتطلب الالتزام بالبروتوكولات وبأخلاقيات مجتمعنا الاسلامي الذي يحث على مكارم الأخلاق وعلى توقع الخير من الجميع والابتعاد عن القضايا الأنانية التي لا تصب في خدمة الناس.
بودنا ان نشهد انموذجاً جديداً في التعامل بين الكتل النيابية، وبودنا ان نسمع خطاباً مبدئياً ولكنه بنغمة متجددة تناسب الموقع الذي ينطلق منه الحديث. فقبة البرلمان لها اعتبارها، وبقدر ما نحترمها فإننا نحترم الأساليب المتحضرة في الممارسة السياسية. فالمعارضة أو التأييد لهذا الموضوع أو ذاك يعتبران من صميم العمل البرلماني، ويمكن ممارسة هذا الحق من دون استفزاز ات غير وطنية.
البرلمان وجد من أجل إدارة الاختلافات بين ممثلي المجتمع (النواب)، ومن حق النواب أن يعبروا بقوة عن آرائهم، ولكن القوة في التعبير تقترن بالحكمة وبالاسلوب الرفيع في الذوق الانساني، وإلا فإن ساحة البرلمان لن تكون مختلفة عن غيرها في شيء.
ربما ان البعض يعول على استفزاز المعارضة التي ستدخل البرلمان لأول مرة، وذلك بهدف إحراجها والضغط عليها لكي تنفعل وتنجر الى مستنقع يحجمها ضمن إطار طائفي ضيق ويحرمها من حقها الوطني في أن تمثل ضميراً وإرادة منتشرة في أوساط المجتمع تتجاوز الأطر الضيقة التي انتعشت من خلالها الممارسات غير الديمقراطية. اذا استطاعت الكتل ان تحمينا من شرور الطأفنة فانها بذلك تعطينا أكبر انجاز للوطن، ولن تلام المعارضة اذا لم تستطع ان تحقق المطالب الكبيرة، ويكفيها ان تكون لاعباً سياسياً مبدئياً يحاور من أجل الوطن ويدافع عن حقوق الناس قدر الاستطاعة، إذ لا يكلف الله نفساً إلا وسعها... والثقة التي حصل عليها النواب إنما هي من أجل بناء جسور الثقة بين الجميع لكي تنطلق سفينة بلدنا بأمان
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1550 - الأحد 03 ديسمبر 2006م الموافق 12 ذي القعدة 1427هـ