العدد 1528 - السبت 11 نوفمبر 2006م الموافق 19 شوال 1427هـ

رسائل نصية من أناس قبروا إنسانيتهم

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

صندوق الانتخابات (من الناحية النظرية) يشبه القبر... اذ يتساوى الغني والفقير في الصوت. في القبر يتساوى الجميع، وتنتهي حياة كل انسان ويخرج من الدنيا من دون مال أو ثروة سواء كان غنياً أو فقيراً. من المفترض أيضاً ان يتساوى الانسان مع أخيه الانسان في قيمة الصوت الذي يوضع في صندوق الاقتراع... والجميل في الديمقراطية (عندما تتساوى الأصوات) انها ترجع الانسان الى صفته الأولى، بصفته مخلوقاً بشرياً يساوي المخلوق البشري الذي يعيش معه على أرض واحدة. وبعكس القبر، فإن المفترض من صندوق الاقتراع ان يكون بداية لفترة من الحيوية الدنيوية التي تعتمد على المشاركة في اتخاذ القرار وتوزيع الثروات والعدل بين الناس والنظر الى المستقبل المشترك، ومن ثم السعي اليه بخطىً حثيثة.

هذا من الناحية النظرية... ولكن على أرض الواقع فإننا نرى ان صندوق الاقتراع الذي يوضع في دائرة ما في احدى محافظات البلاد يعادل الصوت فيه أكثر من عشر مرات من صوت يوضع في صندوق الاقتراع في محافظة أخرى. بمعنى آخر، فإن شخصاً ما في احدى مناطق البحرين يعادل عشرة اشخاص (من ناحية قيمة الصوت) في منطقة أخرى، ولذلك فان إحدى المطالب التي ترفعها الحركات الديمقراطية في كل مكان هي مقاربة القيمة الفعلية للأصوات بحيث يصبح الجميع سواسية في صندوق الاقتراع.

على ان هذا المطلب تتم موازنته بالواقع السياسي الذي يفرض نفسه، ولذلك تحدث المفارقات، وهي مقبولة اذا كانت قد مرت من خلال تمحيص وعملية سياسية متفق عليها، وهو ما نأمل التوصل اليه في يوم من الأيام في بحريننا الغالية.

مادفعني إلى كتابة الفقرات أعلاه هي رسائل نصية وزعت يوم أمس تستنهض طائفة على أخرى، والاستنهاض يتخذ من لغة الأرقام منطلقا لشحذ همم فئة على أخرى... ولأن محتوى الرسائل النصية مقزز فلا يمكن ان ننشرها، ولكنها تعيش في متخيل وعالم آخر قائم على كراهية الإنسان لأخيه الانسان، وعلى مفاهيم الجشع والاستحواذ. فعلى رغم المفارقات المذكورة أعلاه، وعلى رغم قبول الاطراف المعارضة بالأمر الواقع والدخول في الانتخابات فإن البعض يرى ان صوتاً واحداً يساوي عشرة أصوات كثير جداً، ولربما يأمل موزعو الرسائل النصية ان يكون صوت واحد في إحدى المناطق يعادل ألفاً أو ألفي صوت في مكان آخر لكي يهدأ روعهم قليلاً. ولكن الذين يكتبون هذه الرسائل النصية انما هم من الأموات (إنسانياً)، من الذين لايعترفون بحق الآخر في الحياة بعزة وكرامة ومساواة أمام القانون، وهم ربما ينتظرون القبر ليعلموا انهم متساوون فعلاً مع غيرهم. إن أملنا أن يصحوَ هؤلاء وينتبهوا الى ان الله خلق نعمه للناس كافة، وابتلانا ببعضنا بعضاً ليرى ان كنا نحسن صنعا

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1528 - السبت 11 نوفمبر 2006م الموافق 19 شوال 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً