أشارت الاستراتيجية الصناعية الخليجية إلى ضرورة التركيز على الصناعات التي تقوم على استغلال وتطوير الموارد الطبيعية المتوافرة محليا، بما في ذلك الصناعات الموجهة إلى الأسواق الخارجية، وكذلك الصناعات التي تسد حاجة السوق المحلية. وأخيرا الصناعات الصغيرة والمتوسطة التي تهيىء المجتمع للتحول إلى مجتمع صناعي من الناحية الفنية والنفسية.
والحقيقة أن المتأمل في الأولويات السابقة يلاحظ أنها تتركز في الصناعات الموجهة نحو التصدير بالإضافة إلى صناعات بدائل الواردات، وتشمل هاتان الفئتان من الصناعات جميع الصناعات تقريباً، ويعني ذلك أن الاستراتيجية بهذا التعميم الواسع لنطاق الصناعات المحورية التي يمكن، إذا ما تم دعمها وتشجيعها وتوجيه وتركيز الجهود نحو تطويرها، أن تشكل محاور رئيسية للتنمية الصناعية، كما يمكن أن تؤدي إلى قيام صرح إنتاجي حديث ومتطور، وقادر على مواجهة المنافسين في السوق المحلية والدولية، بالإضافة إلى أن هذا التعميم قد ألغى أيضا دور التوجيه المتعلق بتشجيع قيام الصناعات ذات الأولوية، سواء من خلال توجيه الحوافز لها، أو تمييزها عن غيرها، سواء في مجال الدراسات أو الخدمات المقدمة أو المعاملة التفضيلية والتمييزية في التنفيذ.
إلا أننا نعتقد أن تنفيذ تلك الأهداف الضرورية لتحقيق تنمية مستدامة ومتنوعة المصادر لا بد أن ترفقها جهود واضحة ومتميزة لتحسين بيئة الاستثمار الصناعي ولاسيما في مجال إعداد ونشر دراسات عن فرص الاستثمار الصناعي والترويج للمشروعات الصناعية المتوقع نجاحها بعد أن برز ما قامت به الدول التي تحقق نجاحا في هذا المجال، وقد قامت الغرف التجارية بجهد مماثل، إذ قامت بدراسة وترويج مجموعة من فرص الاستثمار المجدية والمناسبة للمنطقة الخليجية. كذلك فعلت منظمة الخليج للاستثمارات الصناعية قد جعلت من إعداد ملفات فرص الاستثمار الصناعي واحدا من أهم نشاطاتها الرئيسية، وبناء على ذلك فقد قامت المنظمة بإعداد أكثر من 450 مشروعاً استثمارياً، كما قامت بترويج هذه المشروعات من خلال ندوات فرص الاستثمار التي عقدت في دول الخليج العربي كافة.
كما قامت دول الخليج جميعها بتقديم حزمة من الحوافز للمشروعات الصناعية تضمنت توفير احتياجات المصانع من خدمات المرافق العامة بأسعار تشجيعية، وكذلك إعفاء الآلات والخامات اللازمة للمصانع من الرسوم الجمركية، وتقديم القروض للمشروعات الصناعية بشروط ميسرة. ولخفض الضغط والعجز الحاصل على الموازنات، فأنه يتوجب على دول الخليج التوجه لرفع أسعار الخدمات التي تقدم للمشروعات الصناعية بشكل يكاد يقارب أسعار التكلفة، وبنفس الوقت تقديم المساعدات المالية والفنية لتطوير مراكز البحث والتطوير داخل المشروعات الصناعية نفسها الذي يكاد يكون غائبا حتى الآن، ونظرا لان قدرة الصناعات على التصدي للمنافسة المتزايدة تتوقف بشكل أساسي على مدى قدرتها على تطوير إنتاجيتها، وهذه تعتمد على نشاط البحث والتطور لديها، فانه يجب على دول الخليج ان تهتم بتوجيه مخصصات كبيرة لتمويل إنشاء وتطوير مراكز ابحاث اقليمية وداخل المشروعات الصناعية نفسها، كما يجب عليها التنسيق فيما بينها لإيجاد نوع من التخصص الذي يعمم الفائدة عليها
إقرأ أيضا لـ "علياء علي"العدد 1525 - الأربعاء 08 نوفمبر 2006م الموافق 16 شوال 1427هـ